أخباررسالة موجهة إلى ...

رسالة مفتوحة إلى معالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية

على إثر الجدل الحقوقي، الذي  أثاره الحكم مؤخرا على إمام ومدير مدرسة عتيقة، بسنتين حبسا نافذا، بعد اعتصامه أمام مقر سكنى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، في إطار مطالب بتحسين وضع القيمين الدينيين .. يسعدنا في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، أن نجدد مساندتنا لمطالب القيمين الدينيين المشروعة، وفخورين على أن هيئتنا الحقوقية كانت سباقة، وفي عدة مناسبات، إلى التطرق للحقوق المشروعة لهذه الشريحة العريضة من المجتمع، والتي لها شرف حمل كتاب اللـه .. ويكفي أن نذكر اليوم، بل وأن نعيد نشر الرسالة التي سبق أن وجهها المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، إلى السيد وزير الاوقاف والشؤون الإسلامية، تحت عنوان:” رأفة بالقيمين الدينيين .. ولو بمجرد التفاته، تغنيهم عن الاستجداء” .. وهي الرسالة التي سبق وأن صدرت ونشرت في فاتح رمضان من سنة 1439 هجرية .. ونظرا لأهمية هذه الرسالة وراهنيتها، واستمرار المطالب الواردة بها معلقة إلى أجل غير مسمى، نجد أنفسنا في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، مضطرين لإعادة نشرها من جديد

الموضوع : رأفة بالقيمين الدينيين .. ولو بمجرد التفاتة، تغنيهم عن الاستجداء

          سلام تام بوجود مولانا الإمام،

وبعد، فقبل الخوض في هذا الموضوع الحساس، والمرتبطة بشريحة مهمة، من المجتمع، ونحن نعيش نفحات ربانية، بحلول شهر رمضان الأبرك، واحتراما لثوابثنا الدينية والوطنية، اسمحوا لي معالي الوزير المحترم، أن أرفع إلى أمير المؤمنين، البرقية التالية، بهذه المناسبة الدينية العظيمة:

 بمناسبة إشراقة شهر رمضان الكريم لعام 1439هجرية، يتشرف عبد ربه د. محمد أنين، رئيس المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، أصالة عن نفسه، ونيابة عن كل مكونات المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، ليعرب عن أصدق التهاني والأمنيات، لمولانا أمير المؤمنين وحامي حمى الوطن والدين، صاحب الجلالة الملك سيدي محمد السادس نصره اللـه وأيده، و أن يهل اللـه هذا الشهر المبارك على جلالته نصره اللـه وأيده٬ باليمن والبركات٬ وأن يعيد أمثال هذا الشهر الفضيل على جلالته بموفور الصحة والعافية، والسعادة وطول العمر، وأن يبارك جهوده ليحقق للشعب المغربي كل ما يصبو إليه، من تقدم وازدهار، وعلى ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، و صاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة مولاتنا للاخديجة، وأن يشد أزره بصنوه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وسائر أفراد أسرته الملكية الشريفة بالخير والبشر، وعلى الشعب المغربي،  والأمة الإسلامية قاطبة بالرقي والازدهار والأمن والهناء٬ إنه سميع مجيب

  كما تتوجه كل مكونات المنتدى الوطني لحقوق  الإنسان، بالتهنئة الخالصة إلى الشعب المغربي، وإلى جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، راجيا أن ينعم اللـه عليهم بالخير واليمن والبركات، وبمزيد من التآلف والتضامن، ونبذ التفرقة والشقاق، إنه ولي ذلك والقادر عليه

 أما بعد، فعلاقة بالموضوع المشار إليه أعلاه، يشرفنا في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان سيادة الوزير المحترم، أن نوجه إلى معاليكم هذه الرسالة المفتوحة، علنا نساهم، من منظورنا، كقوة اقتراحية  .. بل وغيورة على ثوابت الأمة، بما في ذلك: إمارة المؤمنين، والمذهب المالكي، والعقيدة الأشعرية، وتصوف الجنيد بشكل عملي وفعال، في الانخراط في ورش  إصلاح الحقل الديني، والذي نفتخر بالاعتدالية والتسامح، اللتان تميزانه، واللتان نخاف عليهما من أي فكر تطرفي قد يتسرب إليهما، مهددا استقرارنا وأمن بلدنا العزيز

 معالي الوزير المحترم

في حديث صحافي لكم ليس ببعيد، مع أحد المواقع الإلكترونية، صرحتم في معرض جوابكم عن سؤال يتعلق  بالأئمة، بما يلي : ” .. ينبغي  قبل  كل شي، أن نؤكد أن القيم الديني، والإمام بالدرجة الأولى، ليس كأي مستخدم من المستخدمين، فهو ليس فنيا فقط .. هو فني وملتزم، بمعنى .. خبير .. لكنه، ملتزم .. ملتزم فكريا وخلقيا .. وبذلك يختلف عن بقية المستخدمين، الذين لا تُطلَبُ منهم إلا المهارة .. فمع من يلتزم هذا الإمام ..؟ يلتزم مع الأمة، فهو إمام مسجد، وليس المسجدُ مسجدَ الإمام .. الإمام، إمامُ مسجدٍ .. ومن يذكر المسجد، يذكر الجماعة .. ومن يذكر الجماعة، يذكر الأمة .. ومن يذكر الأمة، يذكر إمامها الأعظم، الذي هو أمير المؤمنين .. الذي يُعتبَر الإمامُ نائبا عنه في المسجد .. فالمسجد ليس ساحة، يقول فيها شخص معين، بصفته إماما أو خطيبا، ما يريد، أو يفعل ما يريد .. لذلك، هذا الاختصاص، وهذا التميز له تبعات، وله نتائج، وله انعكاسات كبرى عما يتعلق بالتعامل مع الإمام .. وأجدادنا على طول التاريخ، سَمَّوا الإمام، من ناحية العلاقة بالجماعة  “بالمشارط “.. يشارطون معه .. بمعنى يتعاقدون معه .. وهذا ما أُخِذَ في الوقت الحاضر .. وأُفْرِغَ في قانون التعاقد مع الأئمة .. والتعاقد بمعنى الالتزام .. ليس فقط بالإمامة أو الخطابة، أو الآذان، بل التزام فكري بثوابت الأمة .. وثوابت هذه الأمة معروفة، وهي ثوابت في  الأخلاق، التي هي أخلاق الدين .. وثوابت في شرط التبليغ، وثوابت في النموذجية .. أن يكون الإمام نموذجا لجماعته .. أن يكون قدوة .. هو الذي يُلجَأُ إليه، ليفض النزاعات بينهم، وليوجههم، ويعطيهم الاستشارة والنصيحة .. النصيحة الدينية .. لذلك، الإمام ليس شخصا يحفظ الكتاب حفظا ميكانيكيا، آليا، أو يعرف الضروري من علوم الدين، بل هو إنسان له على عاتقه مسؤوليات كبرى.. ”

 معالي الوزير المحترم

باللـه عليكم، هل هذه المهام الجسام والرسالة الروحية النبيلة والمسؤوليات المتشعبة والشائكة، الموكولة إلى ” مؤسسة الإمامة” ..؟ لِنَدَعْ كل هذا، ونكتفي بجانب واحد تناوله تصريحكم أعلاه: هل تمثيل الإمام لإمارة المؤمنين على مستوى المسجد، ومستوى الحي، ومستوى ”أينما حل وارتحل”، على اعتباره ”منبرا متحركا” للوعظ والإرشاد .. هل تمثيل مؤسسة ”أمير المؤمنين ”، لما لها من وزن روحي عظيم، وتواجد عميق في كيان المجتمع، بمختلف مشاربه، وأطيافه .. هل من المنطقي أن تمثيلا بهذا الحجم وبهاته المسؤوليات، لا يقابل سوى  ”بدراهم معدودات” ..؟ والكل يعلم أن غلاء المعيشة، يجعل حتى مبلغ 5000 درهم شهريا، لا يمكنه أن يسد حاجيات أسرة، تتكون من 3 أفراد، بما في ذلك، المأكل والمشرب والتمدرس، والمسكن، والتطبيب .. إلخ، فما بالنا بمبلغ 1100درهم البئيس، والذي لا يرقى حتى إلى مستوى ”الحد الأدنى من الأجور” ..؟

ارحموا صدورا  تحمل كلام اللـه .. ارحموا أهل القران، أهل اللـه وخاصته .. ارحموا من يأتي القرآن يوم القيامة شفيعاً له .. ارحموا من يُقال لكل واحد منهم، يوم القيامة، اقرأ وارتق ورتل، كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها .. ارحموا من قال فيهم رسول اللـه  من حديث أبي هريرة: ”ما اجتمع قوم في بيت من بيوت اللـه، يتلون كتاب اللـه، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم اللـه فيمن عنده”.. ارحموا السد الأخير بيننا وبين سريان مفعول ”حديث الرويبضة” فينا .. ! فَالقيمون، جلهم يشتكون الحاجة .. جلهم يعيشون تحث خط الفقر..  وفريق كبير منهم اغتصبت مساكنهم الإدارية، لتسلم لموظفين يعملون بالمصالح اللا ممركزة للوزارة ..        أئمة يعانون ، من ضيق الحياة ..  من تسلط بعض مراقبي الأوقاف..  من مكر بعض المؤذنين ..  من ميكيافيلية أغلب جمعيات المساجد..  أئمة مرابطون  إلى درجة الإقامة الجبرية بالمساجد، وكأنهم مخلوقات لا حق لهم.. ولا مصالح، ولا متطلبات ملحة لأهلهم تنتظر الإنجاز  والقضاء..  فعلا كأنهم مخلوقات جُرِّدَتْ من كل حق، لكي تُرْبَطَ إلى صومعة، حَكَمَ عليهم قَدرُهم ألا يفارقونها، إلا مع كل إقامة صلاة، ولربما لا يسعهم الوقت حتى للوضوء، فيكتفون بالتيمم  !  ..” الحسن أساوي”، نموذج مصغر ”لأسر المساجد”، لمن طالهم الحيف، والظلم، والتهميش، وسياسة الترهيب وتمكيم الأفواه.. هذا الرجل الورع الطيب الفقير المريض مرضا مزمنا، والذي قضى في المحراب أزيد من 44 سنة، يجد نفسه، وبمجرد إصابته بمرض مزمن، تحت رحمة ما يصطلح عليه ”بالطرد التعسفي” .. ورغم تردده على  الإدارة اللاممركزة للوزارة التي يتبع إليها، لعدة مرات مستفسرا عن وضعه الإداري، وذلك منذ أربع سنوات خلت، إلا أنه اقتنع أنه لا حياة لمن تنادي..  لتصاب زوجته بانهيار عصبي ــــ وهي التي تتجرع معه مرارة الظلم والحكرة ــــ يؤدي بها إلى شلل نصفي، ألزمها الفراش .. لتنضاف إلى مأساة هذا الإمام الفقير مأساة مرضين مزمنيين، لا حول ولا قوة له بهما .. وهناك مئات من ”الحسن أساوي .. ”

          معالي الوزير المحترم

إن من تقوده الأقدار  إلى المندوبيات التابعة لوزارتكم، أو إلى المجالس العلمية، ليصادف  الذل الذي عليه  ”حملة كتاب اللـه”، وهم بداخل هذه البنايات الإدارية، يتمنى لو تنفطر به الأرض، على أن يرى بأم عينيه، ”مصاحف متنقلة ” تهان في واضحة النهار..     إننا في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، لن نقبل من الآن فصاعدا، بأن تُحَط من كرامة ”القيمين/ أسر المساجد”.. كما لن نرضى  بأي سلوك في حقهم من شأنه أن يدفعهم، إلى الاستجداء..

         معالي الوزير المحترم؛   

  1100درهم لا تكفيكم ــــ شرف اللـه قدركم ـــ حتى في شراء أوراق  ”كلينكس” شهريا، فكيف باللـه عليكم، أنكم ترضون ، بهكذا مبلغ هزيل لا يسمن ولا يغني من جوع، كأجر هزيل لأسرة المساجد ..        وإذا كنا ندافع، عن صدور حاملة لكتاب اللـه، فإننا في ذات الوقت ندافع عن حق الإنسان في العيش الكريم، ندافع عن حق هؤلاء ‘المستضعفين في الأرض وفي المساجد”، في الصحة، في السكن، في حق أبنائهم في  التعليم، وفي أشياء أخرى  .. رافضين بالمقابل رفضا باتا، استغلال بعض الأحزاب، للحقل الديني .. وبالتالي، لبعض القيمين الدينيين ..         مطالبين في ذات الوقت، في المنتدى الوطني لحقوق الإنسا ، بالأمن الوظيفي لأسرة المساجد، والرعاية الاجتماعية، وإحالة العاجز منهم عن أداء مهامهم، إلى  تقاعد كريم.. لا إلى الشارع ! غير قابلين بشكل قطعي، سياسة المراهنة على الصدقات، وبعض الأعراف المتجاوزة، كحل رئيس و وحي

وعليه، فإننا في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان ندعوكم، معالي الوزير المحترم، إلى الإسراع بإخراج إطار وظيفي خاص، يليق بالقيمة العلمية والاعتبارية والروحية لحملة كتاباللـه .. ندعوكم إلى ضرورة إعادة النظر، وفق معايير منطقية و أخلاقية وعلمية وشفافة، في كيفية تعيين أطر المصالح اللا ممركزة التابعة لكم، ونفس الشيء بالنسبة للمجالس العلمية، والتي لا تخلو من نقائص .. وبالموازاة مع ذلك، لا بد من الكف الفوري لبعض المسؤولين، ومن يدور في فلكهم، عن إذكاء الفتن بين الأئمة والمؤذنين،           وغير خاف على معاليكم، أن  سياسة من هذا القبيل، تهدد  ـــ فيما تهدد ـــ الأمن الروحي والاستقرار الاجتماعي، خاصة إذا انضافت إليها ظاهرة تفشي الرشوة في هذا القطاع الديني/الروحي، كما أصبح يشاع، هنا وهناك، وأنه للتعين إماما في المسجد الفلاني، لا بد من دفع مبلغ معين مقابل ذلك ..  فإلى أين نحن سائرون  ..؟

  إننا في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، نحرص كل الحرص، على أن نظل أمة متماسكة، ومتضامنة في ظل ”إمارة المؤمنين”، رافضين كل سلوك مشين من شأنه أن يمس بمعتقدنا، وديننا

          معالي الوزير المحترم؛

نعتقد في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، مقتصرين في هذه الرسالة، على ما هو مادي، وصحي، ويومي، دون الخوض فيما هو برامج، ومضامين خطب الجمعة، وفي فحوى دروس الوعظ والإرشاد التي تبدو في غالب الأحيان، أنها في واد، وتطلعات وهموم الشعب في واد آخر

 معالي الوزير المحترم؛    نطالبكم ، في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان ، إلى دراسة مسألة الرفع من أجور ”أسرة المساجد”، بشكل جدي، كخطوة أولى نحو إصلاح حقيقي للمشهد الديني، قصد الرقي بالعاملين به، إلى مستوى تطلعات أمير المؤمنين نصره اللـه، تقوية لأمننا الروحي .. وأنتم أعلم، معالي الوزير المحترم، أن كل أمة تفقد أمنها الروحي، يدب فيها اليأس والقنوط، والعدمية والإحباط، وتعُمُّها الفوضى والاضطرابات .. فحذاري من تجويع القيمين الدنيين، فإنه قنبلة شديدة الترويع، إبقاؤها مدفونة في العمق الاجتماعي، دون السعي إلى نزع فتيلها، وتبطيل مفعولها، عن طريق اتخاذ تدابير فورية وعاجلة، أنتم، معالي الوزير المحترم، أدرى بأهميتها ونجاعتها قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، إن عاجلا أم آجلا ..  ويبقى أهل مكة، أدرى بشعابها .. !

وتفضلوا بقبول أسمى عبارات التبريك، بمناسبة شهر رمضان الأبرك، إلى جانب ، أصدق عبارات الاحترام والتقدير,

  الجديدة في :  فاتح رمضان 1439       

                 عن المكتب التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق