أحداث دوليةأخبار

الانسحاب العسكري من أفغانستان وبداية تغيير السياسة الخارجية الأمريكية

يعتبر خروج أمريكا من أفغانستان في عهد الديمقراطيين انتصارا لمشروع السياسة الخارجية، الذي بدأ مع فترة براك أوباما، الذي أراد الديمقراطيون منه وقف حمامات الدم، التي تورطت فيها أمريكا في فترة حكم الجمهوريين منذ الهجوم الإرهابي على مركز التجارة العالمي في نيورك .. ويتضح من مسار الانسحاب، أن الإدارة الديمقراطية تبحث عن مواقع قدم جديدة لإعادة بناء السياسة الخارجية، بعيدا عن سياسة التدخل التي عمقت عزلة أمريكا واهتمامها بالغزو والانحياز إلى الأنظمة الدكتاتورية، والنهب المنظم لثروات الشعوب والوصاية السياسية والعسكرية عليها

إن الخروج من أفغانستان، لم يكن بفعل انتصار حركة الطالبان، التي لم تتخل عن السلاح والعمليات الانتحارية ضد النظام الخاضع للولايات المتحدة والدول الغربية، بل جاء هذا الانسحاب كمحصلة لمفاوضات ماراطونية في الدوحة القطرية وجدت فيها أمريكا في عهد الديمقراطيين ما يساعد على وقف تدخلها في أفغانستان، بعد أكثر من 20 سنة خلفت خلالها آلاف القتلى والجرحى من الجيش الأمريكي، ودون أن تحقق أهدافها في احتواء الإرهاب وجماعاته النشيطة في أفغانستان وغيرها من دول آسيا والشرق الأوسط، ولا يعرف إلى أين تتجه سياسة طالبان بعد الانسحاب الأمريكي والناتو من البلاد، كما أن مصير النظام الأفغاني لا يزال غامضا في ظل إمارة طالبان الإسلامية التي أعلنت عن رفضها للتدخل الأجنبي حتى الآن

بالرغم من أن أفغانستان كانت حتى خروج أمريكا من بؤر التوتر والإرهاب في العالم، فإنها اليوم في مفترق الطرق، بعد أن تأخرت طالبان عن التعريف بهوية نظامها في البلاد والعلاقة مع جيرانها والغرب بقيادة أمريكا ومحاولات الكثير من اللجوء إلى الخارج هروبا من طالبان ونظامها المتشدد، الذي لم يكشف عن أوراقه حتى الآن، علما أن مواقف الحركات الإسلامية الأخرى في أفغانستان لم تعلن عن حقيقة مواقفها من نظام طالبان، الذي يشكل إحدى أهم قلاع الإرهاب الكبرى في العالم، الذي لم يتخل عن عدائه للغرب ولأمريكا حتى الآن، ولا يعرف فيما إذا كان سيغير سياسته اتجاه المصالح الغربية

إن الانسحاب الأمريكي بالرغم مما لا يزال يعتريه من غموض يشكل خطوة إيجابية للديمقراطيين، الذين فشلوا من قبل .. عهد كلنتون وأوباما في إيقاف الحرب في أفغانستان التي تورطوا فيها منذ تدخلهم لمساعدة المجاهدين الأفغان ضد روسيا، وهو انسحاب بطعم الهزيمة والذي لم يتقبله الجمهوريون الذين كانوا يتطلعون إلى انسحاب بشرف من أفغانستان، وبإيجاد حلول حقيقية لأسباب الإرهاب الأعمى الذي لا يزال يهدد استقرار أمن الأمريكيين والغرب بصفة عامة .. ويعتقد الكثيرون من المهتمين بظاهرة الإرهاب من أن طالبان لن توقف دعمها وتشددها ضد المصالح الغربية، وإنجاز أهداف مشروعها المجتمعي المتطرف في أفغانستان وخارجها، وسيظل التساؤل مطروحا عن نتائج الانسحاب الأمريكي ومستقبل إمارة طالبان الإسلامية إلى حين بداية الجهد الأممي الجماعي في معالجة قضية الإرهاب، والواقع الأفغاني مستقبلا، وردود فعل الأطراف المعنية بالمسألة الأفغانية        

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق