أخبارملفات و قضايا

حلول أزمة الغلاء وثقوب الميزانية الحكومية يجب أن لا تكون من جيوب الفقراء

يوما بعد يوم تظهر المعالم السلبية للأيدي الحكومية العاجزة على تحقيق التطور في المؤشرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، التي تشكل العمود الفقري للميزانية العامة .. أما العجز على ترجمة الشعارات الانتخابية فحدث و لا حرج .. ومن ذلك، تهديد الوزير المكلف بالميزانية بالتخلي عن دعم المواد الاستهلاكية المدعمة، كالغاز المنزلي والسكر، دون تفكير في مساوئها على محدودي الدخل ومنعدميه، و التلويح بالزيادة في الضرائب على الخدمات، وحتى على تسويق بعض المنتوجات التي تضررت شركاتها من عواقب جائحة كورونا

إن الحوار المجتمعي المطلوب، لن يكون مع النقابات إذا تم تجاهل الرأي العام المتابع للاخفاقات السياسية الحكومية، التي لم تعد قادرة على تجاوز العجز المركب في اختياراتها وتوقعاتها الرقمية حتى في مناخ الاقتصاد الحر الاجتماعي، الذي حرصت فيه الحكومة على تبني شعار التفقير والإجهاز على ما تبقى من قوة شرائية لدى المواطنين، الذين تستنزف الزيادات اللامشروعة في المواد الاستهلاكية والمحروقات قدرتهم على التلاؤم معها، بما فيهم الطبقة الوسطى، وإصرار التحالف الحكومي على التباكي على مفعول الجائحة وتقلبات الأسعار في الأسواق الدولية، وظروف احترام المؤسسات المالية الدولية، حتى في ظل وصول التضخم إلى أكثر من 8  %، واتضاح مظاهر الفقر في الوسطين الحضري والقروي، وارتفاع النزوح القروي هروبا من بؤس المعيش اليومي، وتوالي مواسم الجفاف المهدد للنشاط الفلاحي، والحاجة السكانية للماء التي أصبحت ملحوظة في جميع جهات الوطن

إن إصرار الحكومة على تحقيق التوازن الماكرواقتصادي على حساب تجاوز الخصاص والاكتفاء الذاتي للأسر في مواجهة الارتفاع الصاروخي للأسعار والضرائب غير قادر على إقناع صناع القرار في الحكومة والبرلمان، فبالأحرى المواطنون المغاربة، الذين أصبحوا عرضة للنهب المنظم من كافة الأطراف المعنية بمعيشهم اليومي، ويظهر أن الحكومة فشلت في إقناع أغلبيتها بالخطوات الإصلاحية والتشريعية والتنظيمية، التي قامت بها في أول سنة تشريعية من حياتها، فبالأحرى أن تكون قادرة على إقناع المعارضة وقد أصبح خطاب الحكومة فارغا ومستفزا من خلال خرجات الناطق الرسمي باسمها، ومن الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، اللذين عجزا على إبراز الجهد الحكومي ومساوئه في هذه الظرفية الصعبة، التي لن يبلغ نمو الاقتصاد الوطني قيما أكثر من 2  %، رغم اعتماده على الوعاء الضريبي الغير عادل، وتركيزه على فقراء الوطن العاجزين على ضمان معيشهم اليومي

إن الاقتصاد الذي يعول على جيوب الفقراء، لا يمكن أن يكون ضامنا للاستقرار الاجتماعي والنمو الاقتصادي الطبيعي، وهذا ما ينطبق على اقتصادنا الذي أصبح عاجزا على تلبية الواردات بالصادرات وتوفير الدعم للمنتوج الوطني في الأسواق الدولية، والرهان عليها في تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الطاقي، نتيجة تأزم القطاعات الاقتصادية التجارية والمنتجة في تحقيق التقدم المنتظر منها، سواء في تصريف المنتوجات الفلاحية أو المعدنية، مما يؤكد على أن العجز المزمن للاقتصاد الوطني يعود إلى عدم الوضوح في التعاطي مع الأهداف من القطاعات الاقتصادية، التي فشلت في تحديث أدواتها الإنتاجية والتمويلية بمفعول العجز الناتج عن السلوكات البروقراطية المختلفة واستمرا عجزها على الاستقرار .. وبالتالي، إغلاقها وتشريد عمالها، كما تؤشر على ذلك لوائح الشركات المعروضة على التصفية القضائية اليوم

إن اقتصادنا لن يتخطى اختلالاته، نتيجة عدم وعي القائمين عليه، وافتقارهم إلى الوضوح في السياسات التي يلجأ إليها، مما جعل الاقتصاد عاجزا على ضمان سيره الطبيعي في التخطيط والتمويل والتفعيل والإنتاج والنمو السنوي المطلوب

إن حكومة تحالف أخنوش، تعتقد عن خطأ أن سياستها التدبيرية تستطيع أن تنقد الاقتصاد الوطني من المتاهات الراهنة عبر تبريرات وزرائها، التي تكشف بالملموس ضعف وعيهم بالمسؤولية الحكومية الملقاة عليهم، وضعف تواصلهم مع المواطنين بالمواقف الانتهازية الفاشلة، التي أطلقوا العنان لها لإيجاد الرضا الجماهيري على تدبيرهم، الذي تحكمه الأنانية الحزبية الشخصية المرضية، التي حصلت على التزكية من دوائر القرار الحزبي، مقابل خدماتها الدعائية الواضحة، التي لا تستطيع أن تكون في مستوى المواقع التي أصبحت توجد فيها، مما يفسر بالضرورة عبثية الوجود في الحكومة وعبثية التصرف في اتخاذ القرارات المطلوبة منها في إطار التحالف الحزبي الضعيف الباهت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق