
ينبغي توخي الحذر عند تقييم آراء الفرقاء السياسيين
استقبال حنان رحاب لعزيز أخنوش يشكل مثالا على تغير المواقف السياسية ..!
لحظة العناق الحار التي لم تكن مجرد تحية عادية، بل كانت رمزا لجسور التفاهم التي بدأت تبنى على أنقاض خلافات سابقة
خلال المؤتمر الوطني الثاني عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي انعقد في مدينة بوزنيقة نهاية الأسبوع الماضي، تميز الحضور بوجود قوي ومتنوع لشخصيات سياسية من مختلف الأحزاب، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار
اللافت في هذا الحدث كان الاستقبال الحار الذي حظي به أخنوش من قبل عدد من الوجوه الاتحادية، والذي توج بعناق دافئ من عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر حنان رحاب، ما يعكس تحولا في المواقف السياسية، حيث كانت رحاب بالأمس القريب قد انتقدت حكومة أخنوش بشدة .. أما الآن، فيبدو أن هناك توجها نحو مزيد من التوافق والحوار بين الفرقاء السياسيين
حنان رحاب، التي كانت تمثل وجهة نقد داخلية للحكومة سابقا، اختارت في مؤتمر الاتحاد الاشتراكي توجيه رسالة واضحة بأهمية تجاوز المناكفات السياسية والعمل المشترك من أجل بناء مستقبل أفضل للمغرب، وكان هذا التوجه جزءا من خطاب الحزب الذي دعا إلى الوحدة والتضامن، مستغلا مناسبة المؤتمر لتأكيد الانفتاح على جميع التوجهات السياسية، بما في ذلك الأحزاب المشاركة في الأغلبية الحكومية، ومن بينها حزب التجمع الوطني للأحرار
بحسب المتابعين، يعكس هذا الاستقبال الحار استراتيجية سياسية جديدة تعتمد على التفاهم وتقريب وجهات النظر بين مختلف القوى السياسية، مما يعزز مناخ الاستقرار السياسي اللازم لاستمرار الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، كما أن مشاركة أخنوش في المؤتمر وتجاوبه مع الترحيب شكلا خطوة مهمة لتعزيز الحوار بين الأحزاب، خاصة في ظل التوترات التي شهدتها الساحة السياسية سابقا
نعم، في السياسة، غالبا ما تتغير المواقف بناء على المصالح والظروف المتغيرة، وفي هذه الحالة، يمكن أن يفسر استقبال حنان رحاب لعزيز أخنوش كخطوة نحو تعزيز الحوار والتعاون بين الأحزاب السياسية
علاوة على ذلك، أظهرت واقعة استقبال أخنوش بهذه الحفاوة من قبل رحاب، التي كانت تنتقد حكومته بقوة في السابق، كيف يمكن للظروف السياسية أن تغير مواقف الفاعلين السياسيين، لا سيما حينما تتطلب المرحلة السياسية الحالية تجاوز الخلافات السابقة والتركيز على القواسم المشتركة
ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحا: هل يمكن الوثوق بمن يغيرون مواقفهم السياسية بسهولة ..؟
أم أن هذا التغير يعكس مرونة سياسية وحرصا على المصلحة الوطنية ..؟
يشكل استقبال حنان رحاب لعزيز أخنوش مثالا على التغيرات السياسية التي قد تحدث في المشهد الحزبي، ويجب على المواطنين والمحللين السياسيين أخذ هذه التغيرات بعين الاعتبار عند تقييم المواقف والتنبؤ بالمستقبل
في الختام، كان من المنتظر أن تعكس حنان رحاب مواقفها الانتقادية السابقة برسوخ أكبر ومبادرة واضحة في مؤتمر الاتحاد الاشتراكي، بدل هذا التغير السريع الذي يثير التساؤلات حول جدية المواقف وثباتها .. فكيف لها أن تلقي بحفاوة على من كانت تنتقد حكومته بشدة، وكأن المصلحة الحزبية والسياسية تمحى بسهولة من ذاكرة النقد ..؟
هذا التحول المفاجئ يجرنا للتساؤل عن مدى صدق المواقف وهل حقا تسير رحاب وحزبها نحو تجديد حقيقي، أم أن الأمر مجرد مناورة تكتيكية تعمق الإرباك في المشهد السياسي .. في كل الأحوال، يظل المؤتمر فرصة للتقارب، لكن مع تحذير من تبني التغير السريع للمواقف دون وضوح للأهداف الحقيقية، لأن المصلحة الوطنية لا تخدم بالتقلبات السطحية