ملفات و قضايا

حتى لا يكون البرلمان فضاء لنشر غسيل الأغلبية والمعارضة 2

ربما يكون الواقع الجديد لبرلماننا الحالي محصلة لسلوكات النخب التي يتألف منها، التي جاء جلها ضدا فيما كان يجب أن يكون عليه، نتيجة الأخطاء التي ارتكبت قبل ميلاده من طرف الأجهزة القيادية للأحزاب والنقابات، التي يتخذونها هؤلاء البرلمانيين الذين تجاهلوا أنهم الصفوة الممثلة للشعب، والمؤتمنة على مصالحه وحقوقه ومستقبله، والمعنية بحسن تمثيله في البرلمان، سواء لطرح قضاياه أو لمعالجة مشاكله الآنية التي لا زالت تراوح مكانها حتى الآن، ولسوء الحظ أمام الرأي العام الذي يتطلع إلى أداء قوي للأغلبية والمعارضة في مؤسساتنا المنتخبة، وفي غرفتي البرلمان الحالي، حيث لم يتلمس المغاربة أي تطور في أداء النخب المشكلة للأغلبية والمعارضة، علما أن سلوك الأغلبية في دعم الحكومة طبيعي، بينما سلوك المعارضة المتواضع والقزمي هو الذي يجب أن يكون في مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقها، وخصوصا، ما نص عليه الدستور الجديد، الذي منحها صلاحيات واختصاصات يمكن أن يتحقق عن طريقها رفع إنتاجية البرلمان وتحقيق الحكامة الجيدة في نشاط المؤسسات المنتخبة، ومن لم يستوعب رأي رئيس الحكومة حول المعارضة والوظيفة التي تمارسها، لا يمكنه إدراك ما أصبح عليه المشهد السياسي والنقابي الوطني من ضعف وتراجع وسطحية مملة تدين أصحابها مهما كانت خلفيتهم الحزبية ومرجعيتهم الإيديولوجية، ولن يستطيع أحد تجاهل هذا الواقع المرضي لمعارضتنا، التي لم تتمكن من استيعاب ما خوله لها الدستور المغربي الجديد، فبالأحرى أن تدافع عن اختيارات الأحزاب والنقابات التي تمثلها .. وفي هذا الإطار، نقول لرئيس حكومتنا أنك تمارس دورك الدستوري وسط غرفتي برلمان تتناسب ومؤهلاتك في ممارسة الفروسية و”التبوريدة” التي تلاءم نخب هذا البرلمان الحالي .. ومن حقك أن تطالب بضرورة وجود معارضة قوية في مستوى مؤهلاتك الشخصية، ومن حقك أن تصول وتجول على هذه المعارضة المهلهلة في تركيبتها، والفاقدة للشرعية النضالية في بعض أطرافها، التي كانت حتى عهد قريب في صفوف الأغلبية، ولا تملك ما يمكنها أن تكون في المعارضة، كما يتجلى ذلك في ردودها عليك، ونحن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نشاطرك الرأي في ضرورة وجود معارضة قادرة على القيام بدورها في مواجهتك، ولك أن تنام وتطمأن بأن عموم المغاربة يعرفون أن المعارضة الحالية غير مؤهلة لدورها، رغم الضمانات الدستورية وما تملكه في مواجهتها الآن.
تحيلنا المقاربة إذن، إلى أن مواصفات المعارضة القادرة على مواجهة رئيس الحكومة وأغلبيته تقتضي كما نتطلع إلى ذلك في الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، إلى اختبار مشروع تكوين المعارضة خارج النمط التقليدي، الذي يتطلب وجود الوحدة في التوجه المذهبي والبرنامج الانتخابي والمشروع المجتمعي، وهذا مطروح بحدة على فاعلينا في الأحزاب والنقابات، سواء بإيجاد الصيغة القانونية الدستورية التي تتيح ذلك، أو تخلق الشروط الدنيا للوصول إليها مستقبلا عبر تراكم التجارب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق