أخباررسالة موجهة إلى ...

رسالة مفتوحة إلى معالي وزير العدل والحريات ورئيس محكمة النقض

ذ. عادل فتحي

من باب التأكيد ، إن فيلم الزين اللي فيك قد تم الاعتماد فيه على الكتاب الصادر عن القاضي عادل فتحي، كما هو مشار إلى العنوان أعلاه، الذي كان يتوخى منه هذا الأخير إثارة موضوع الدعارة والاعتراف بها كظاهرة تنخر المجتمع بغية إيجاد الحلول لمكافحتها ومحاربتها عن طريق الدفع بعجلة التنمية البشرية .
كما يتبين من خلال القراءة التدريجية للكتاب المذكور أعلاه أن رشيدة داتي وزيرة العدل سابقا بفرنسا هي بدورها ضحية معاناة مهاجرة بالديار الأجنبية، أي ضحية التهميش والإقصاء والتنحية على إحدى المستويات على غرار باقي مهاجرات الضفة الأخرى .

حقيقة لا أرغب في الركوب على أي شيء، كما أنني لا أتوخي من خلال هذه الرسالة المفتوحة إلى السيد معالي وزير العدل والحريات، والسيد رئيس محكمة النقض قصد الرجوع إلى الوراء الذي لا معنى ولا حاجة لنا به، رغم أن من يجيد السياقة لابد له أن يحسن النظر إلى الوراء.

إن القانون رغم رقيه وجودته لا جدوى منه إذا لم يتم تفعيله وتطبيقه بشكل سليم وصحيح ولو كان الأمر يتعلق بأشخاص يتوفرون على السطوة والنفوذ، خاصة إذا وصلت تفاصيل أفعالهم الخارجة عن القانون إلى علم الجميع، بغض النظر عن الوسيلة المعتمدة في ذلك، شريطة أن يكون همنا الوحيد هو إرجاع الأمور إلى نصابها ووضعها الطبيعي، وليس وضع هذه الوقائع تحت المجهر

غني عن البيان أن الدستور الجديد منع على السادة القضاة بشكل صريح ممارسة العمل السياسي والنقابي، وأن مفهوم ومعنى هذه النصوص يكتمل عندما لا يكون القاضي ضحية العمل السياسي والنقابي كيفما كانت الجهة الصادرة عنها.
إننا نسعى من وراء هذه الرسالة أيضا إلى تسليط الضوء على بعض الأفعال الخارجة عن القانون وإن كانت قد ارتكبت قبل المصادقة على دستور 2011، أي خلال عهدي كل من رؤساء النيابة العامة المرحوم محمد بوزوبع والسيد عبد الواحد الراضي والسيد مولاي الطيب الناصري، علاوة أن هذه الأفعال ربما قد شابها التقادم، خاصة وأن مدة تقادم الجنح قد تقلصت حسب المقتضيات القانونية الجديدة وأصبحت 4 سنوات عوض 5 سنوات، وأن السبب في إثارة عدم تحريك الدعوى العمومية بشان هذه الأفعال في إبانها أوعلى الأقل إصدار بيان أو بلاغ في الموضوع لاسيما وأن هذه الأفعال عرفت تغطية صحافية وإعلامية لا مثيل لها عبر سنوات، الأمر الذي اعتبرناه نوع من التأثير والضغط والتحرش على الذات القضائية وإن إثارة هذه التأثيرات بجميع أشكالها وأنواعها مازالت تصاحبنا وترافقنا إلى يومنا هذا.

إن الحديث عن استقلال القضاء، هو حديت عن الظلم في شتى أبعاده، خاصة عندما تزيغ عربة القضاء عن سكتها الحقيقية.

إن عدم تطبيق القانون بخصوص الأفعال موضوع هذه الرسالة (قضية رشيدة داتي) بشكل صارم يمكن أن يؤدي إلى نتائج غير محمودة ومعكوسة عندما يتعلق الأمر بالعالم الشرقي، وإذا كانت الذات القضائية لا تتذكر فهي لا تنسى، علما أن آثار هذه الواقعة لازالت ترافقنا وتصاحبنا إلى وقتنا هذا، كما سبق القول مما يفرض علينا بقدر يسير المساهمة في تنزيل الدستور الجديد في شقه المتعلق بالسلطة القضائية.

إن السؤال الذي يطرح نفسه في الوقت الراهن، في ظل الحديث الجاد والجدي حول مكافحة الفساد بجميع ألوانه وإشكاله يخص الجهة التي ستتكلف بهده الوظيفة أي وظيفة الإصلاح ومكافحة الفساد.
1 هل الدولة .. ؟
2 هل المجتمع .. ؟
3 هل القضاء ..؟

فقبل الدستور الجديد، كانت ترفع شعارات من قبيل ضرورة الإيمان بالقيم الكونية والانفتاح على الحداثة وغيرها، أما بعد الدستور الجديد فأضحى الحديث على قيم المحافظة وغيرها الأمر الذي جعل هذه النقلة بمثابة تأثير على قضاة النيابة العامة، الذين مازال يرأسهم وزير العدل والحريات، والذي اتخذ على عاتقه تطبيق القانون بكل شجاعة وجرأة.

فالأفعال محور هذه الرسالة (قضية رشيدة داتي وموقف السادة رؤساء النيابة العامة السالفي الذكر) تتلخص في الإشارة المتكررة عبر سنوات في الصحف الحزبية والمستقلة، والتي همت العلاقة الجنسية غير الشرعية ناتج عنها حمل، والمتورطة فيها السيدة رشيدة داتي وزيرة العدل الفرنسية سابقا، والتي تتوفر بطبيعة الحال على الجنسية المغربية.

وعليه، لابد من تحديد نوع الفساد الذي يطلع الجميع للقضاء عليه واستئصال جذوره وأسبابه. فهل هو الفساد المالي فقط، أم أيضا الفساد المنصوص عليه طبقا للفصل 490 من ق ج أو غيرها من الفصول نظرا للعلاقة الجدلية التي تجمعهما ..؟.

إن الأفعال الخارجة عن القانون المنسوبة للسيدة رشيدة داتي تقع تحت طائلة الفصل 490 من ق ج والفصل 708من ق م ج، والتي لم يتم تحريك الدعوى العمومية بشأنها لتبريرات معلومة وأخرى مجهولة، خاصة وأن التعامل مع الأفعال السالفة الذكر.

ومن زاوية أخرى، فإن التأثيرات السالفة الذكر الناتجة عن الصمت إزاء هذه الأفعال الخارجة عن القانون موضوع الرسالة (قضية رشيدة داتي و موقف رؤساء النيابة العامة السالفي الذكر) والتي نجهل مكان ارتكابها، كانت بمثابة نوع من التوجيه للذات القضائية بخصوص تطبيق القانون عندما يتعلق فقط الأمر بأشخاص لا حماية لهم، أو ينحدرون من شريحة اجتماعية معينة، مع العلم أن الفساد المنصوص عليه في الفصل 490 لا يشترط دراسة مسبقة من طرف المجلس الأعلى للحسابات أو هيئات مالية أخرى، وأن ما يجري في العالم العربي يعكس بما لا يدع مجالا للشك أن المجتمعات العربية مجتمعات ذكورية بالشكل السلبي على اعتبار أن كيفية وطريقة المطالبة بإسقاط الفساد والاستبداد ابتدأت بحدة عندما تزامنت مع إضرام محمد البوعزيزي النار في جسده، رغم أن عدد كبير من النساء قد أضرمن النار في جسدهن قبله عندما خاضوا في عالم الدعارة، فمكافحة الاستبداد والفساد بجميع أشكاله وألوانه يتطلب بالأساس مكافحة الفقر بجميع أشكاله وألوانه، والذي يشكل العمود الفقري للتنمية البشرية التي يناشدها جميع المغاربة، الأمر الذي تبقى معه التأثيرات السالفة الذكر، والتي مازالت آثاره لا زالت ترافقنا وتصاحبنا إلى يومنا هذا وسيلة وآلية لخدمة تباعد الأجيال التي تبقى ظاهرة سلبية عوض خدمة صراع الأجيال التي تظل ظاهرة إيجابية طالما تقتصر على نقل القيم والمبادئ النبيلة، التي تشكل كنه حضارتنا وثقافتنا وهويتنا، والتي تجعل منا طرفا أساسيا في تلاقح وتفاعل الحضارات والثقافات، والتي يظل قاسمها المشترك هي الإنسانية التي ترتكز على قيم لا تفنى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق