كلمة النقابة

نظامنا التعليمي والتخلف البنوي والفضائح المتجددة ..!

ليس صحيحا أن نحمل جميعا معاول الهدم ضد نظامنا التعليمي، وأن ننشر غسيله، سواء عن إصرار إرادي أوعفوي، فما يعيشه هذا النظام هو محصلة الاستراتيجيات التي نفذتها الحكومات المتعاقبة منذ الحصول على الاستقلال، وآخرها ميثاق التربية والتكوين، الذي تبنى المجلس الأعلى للتعليم أهدافه الكبرى، ووضع إستراتيجية جديدة على ضوء ما تم رسمه من تشخيص للإشكاليات البنيوية، التي لا تزال تنخر هذا النظام الذي نبه جلالة الملك محمد السادس إلى خطورة استمرارها وانتشارها في جسده على مستوى السياسة التعليمية والبرامج والمناهج والمقررات والأهداف.

إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، التي حاولت في أكثر من ندوة حول هذا النظام التعليمي تعبئة الأطراف المعنية بأزمته، وفتح الحوار المجتمعي حول قضاياه، والتي كانت تستدعي إليها كل المتدخلين فيه من الأعلى إلى الأسفل، ولم تكن تجد التجاوب مع دعواتها لتكريس هذا الحوار، الذي لم يكن يحرص على الحضور فيه المسؤولون المركزيون أو الجهويون أو الإقليميون، ولا النقابات والأحزاب السياسية، اللهم إلا جمعيات المجتمع المدني، والجمعيات المهنية المهتمة، خصوصا في الندوات التي دعت إليها عقب الخطب الملكية في ذكرى 20 غشت لثلاث سنوات الأخيرة، وإذ نجدد رغبتنا في الحوار حول هذا النظام التعليمي بعد صدور تقارير المنظمات الدولية، التي رتبتنا في المراكز الأخيرة، فلأننا نتمنى ونتطلع أن يكون نظامنا التعليمي أداة للتحرر والتقدم، ولأن مساحة النقد الموجه من قبلنا ومن غيرنا في المجتمع يستهدف في العمق النهوض بهذا النظام التعليمي المعني بتكوين وتأهيل الرأسمال البشري الضروري للتنمية والديمقراطية والتطور، وفي أن يكون قادرا على أن يفرض نفسه في خريطة المدارس التعليمية النموذجية الأكثر تطورا وإنتاجية فقط.

إن فضيحة تسريب أسئلة امتحان البكالوريا لسنة 2015، التي اعتبرها رئيس الحكومة خيانة للوطن، تكشف عن المسكوت عنه في نظامنا التعليمي، الذي أصبح عاجزا عن القيام بوظائفه الوطنية الأساسية المرتبطة بتكوين أطر المستقبل التي يحتاج إليها الوطن في جميع القطاعات .. وبالتالي، فإن التعاطي مع قضاياه الإشكالية أصبح يستدعي تدخلا مجتمعيا استعجاليا للوقوف على الاختلالات البنيوية التي يعاني منها على جميع الأصعدة، وهذا ما يجب أن ينكب عليه المجلس الأعلى للتعليم، الذي قدم خلاصة الرؤيا والإستراتيجية التي سيعتمد عليها هذا النظام في المرحلة المقبلة، والتي كان ينبغي أن يكون النقاش العمومي حولها معمقا وواسعا وبمشاركة كافة القوى المجتمعية المعنية به، ومن الحوار المحلي إلى الحوار الوطني عبر الإقليمي والجهوي الذي يشارك فيه الجميع دون حسابات انتخابية أو سياسية كما عرفها الحوار الذي جرى مؤخرا والذي انتهى بخلاصات الرؤيا التي قدمت في تقرير إلى جلالة الملك.

إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نناشد المجلس الأعلى للتعليم، والوزراء المعنيين بضرورة تقعيد الحوار المجتمعي حول أعطاب واختلالات نظامنا التعليمي، وتكريس التوافق حول الوصفات العلاجية التي يمكن أن تساعد هذا النظام من تجاوز تخلفه البنيوي وفضائحه المتجددة، التي تضر بمصداقيته التربوية والمهنية، ويطرح أكثر من علامات استفهام حول الإستراتيجية الحالية والمستقبلية للنهوض به في جميع جوانب العملية التعليمية، في أفق تحقيق الإقلاع المنشود والبعد التنموي المطروح عليه في كل أسلاكه، ولن يتحقق ذلك إلا بتغيير التعاطي الحكومي والمجتمعي، وباتضاح الأهداف المعروضة للنقاش داخل المجلس، وفي سائر المؤسسات المعنية به، وهذا ما يجب أن يعرض على الرأي العام الوطني لتفعيل انخراطه في هذا الحوار المجتمعي المفتوح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق