
تأهيل المشهد الانتخابي .. ضرورة حتمية لتعزيز الديمقراطية
لما نتحدث في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، عن ما يجب أن يكون عليه الأداء البرلماني والجماعي في الأغلبية والمعارضة، نستحضر مسؤولية الأطراف التي تمثلها، سواء كانت أحزابا أو نقابات أو مجتمع مدني، التي يجب أن تقدم لهؤلاء ما يساعدهم على إغناء العمل البرلماني والجماعي، سواء في المجال التشريعي أو الرقابي، لا أن تحرص على الإعداد الذي يحول ممثليها إلى مجرد جنود لا يجسمون من الخبرة العسكرية سوى البحث عن جوانب ضعف خصومهم، سواء كانوا من المعارضة أو الأغلبية، بدل أن تكون ممارستهم مساهمة في الإغناء والتقويم والتعديل، عوض النقد اللاموضوعي والهجوم اللاأخلاقي واللاسياسي
إن تأكيدنا وحرصنا واحترامنا للأغلبية والمعارضة، لا يعني بالضرورة عدم القدرة على مساءلة هذه الأغلبية والمعارضة على ما يجب أن يكون عليه الأداء في المؤسسات المنتخبة الوطنية والجهوية والمحلية .. فماذا تنتظر الأغلبية والمعارضة للإفصاح عما يجب أن يكون عليه هذا الأداء من خلال العمل في اللجن وفي الجلسات العامة وفي جلسات مناقشة القوانين والمصادقة عليها، حتى يتأتى للمواطنين معرفة الحصيلة وطبيعة ممارسة المهمة النيابية ..؟
ناهيك عن الغياب في التواصل بين الأحزاب والنقابات مع المواطنين عقب الدورات للتعريف بطبيعة الأداء النيابي والجماعي، سواء بالنسبة للأغلبية أو المعارضة على حد سواء، ولو من أجل التسويق والدعاية الانتخابية التي لايزال الرهان على ممارستها بالسلوكات الانتهازية، التي تعتبر القاعدة الناخبة مجرد كائنات بشرية جاهزة للحصول على أصواتها واستغلال ظروفها الاجتماعية والاقتصادية بالوسائل القذرة والفاسدة، التي يعتمدها بعض تجار الانتخابات والمافيات العاملة في هذا المجال، التي ترفع من شعبية المرشحين أو تقلص منها حسب ما يدفعونه، حتى تحولت الدوائر الانتخابية، وخاصة في أحزمة الفقر والهشاشة إلى قلاع للمزادات الانتخابية، التي تتم حراستها من انتخابات إلى أخرى، مهما كانت الأحزاب المشاركة فيها
فهل من تأهيل للمشهد الانتخابي في أفق احترام إرادة الناخبين، بدل هذه السلوكات التي تحولت الأصوات الانتخابية فيها إلى سلع خاضعة لقانون الطلب والعرض ..؟
إن البرلماني الذي يفتقر إلى الخبرة والمعرفة بمجال عمله من الجهة التي ترشحه لهذه المهمة، لا يمكن أن يكون مترجما لرغبات القاعدة التي انتخبته، مما يعن أن مربط الفرس في المؤسسة التي وضعت اسمه ضمن لوائح مرشحيها، التي يجب أن تهيئ له فرص النجاح في مهمته عبر ثقافتها التنظيمية ما يمكنه من الالتزام ونكران الذات والفعالية والإنتاج في البرلمان أو الجماعة، بعيدا عن ما يشعر به في ظل الوضعية الراهنة من عزلة وضعف وسطحية في كل المهام البرلمانية والجماعية التي يقوم بها
وهنا يمكن أن نسائل أقطاب الأغلبية والمعارضة على القيمة المضافة التشريعية أو الرقابية التي يقدمونها في اجتماعات اللجن والجلسات العامة حتى الآن ..؟
وأي نضج بلغته الممارسة البرلمانية والجماعية على ضوء ما هي عليه في الظرف الذي يدين الهيئات التي يمثلها هؤلاء البرلمانيين العاجزين موضوعيا على القيام بهذه المهمة النيابية، كما تتطلع إليها قواعد أحزابهم ونقاباتهم والمواطنون الناخبون في نهاية المطاف ..؟
إن تأهيل المشهد الانتخابي يتطلب جهدا مشتركا من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الأحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني .. لهذا، يجب أن نعمل جميعا على تعزيز الديمقراطية والشفافية والمساءلة في الأداء البرلماني والجماعي، وضمان احترام إرادة الناخبين وحرية الاختيار
لا يسعنا في الختام، إلا أن نشير إلى ما ورد في خطاب جلالة الملك حفظه الله وأيده أمام البرلمان يوم الجمعة 10 أكتوبر 2025، والذي جاء حاملا للرؤى والتوجيهات السامية التالية:”… إن السنة التي نحن مقبلون عليها حافلة بالمشاريع والتحديات، وإننا ننتظر منكم جميعًا، حكومةً وبرلمانًا، أغلبيةً ومعارضةً، تعبئة كل الطاقات والإمكانات، وتغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين .. فكونوا، رعاكم الله، في مستوى الثقة الموضوعة فيكم، وفي مستوى الأمانة الملقاة على عاتقكم، وما تتطلبه خدمة الوطن من نزاهة والتزام ونكران ذات …”