أخبارمجتمع

من يسوق ل. دور العجزة في المجتمع المغربي المعروف بتماسكه العائلي ..؟

MY

يقوم برنامج “مي لحنينة” في القناة الثانية بالترويج للقيمة الأخلاقية والاجتماعية التي تقوم بها دور العجزة في مجتمعنا المغربي، الذي لم يكن ولن يكون قادرا على التكيف مع هذا النموذج من الرعاية الاجتماعية لكبار السن، الذين لا يزالون يملكون وسائل التوافق مع أبنائهم وبناتهم في العائلة المغربية التي يراد تكنيس ما تبقى من تمسكها بقيم الدفء والتآخي الاجتماعي بين كل فئاتها العمرية، و لا نعرف لماذا يجري هؤلاء بالسرعة القصوى لتكريس هذه الدور الاجتماعية التي تبناها الغرب لاحتواء كبار السن في عائلته التي تعاني من التفكك العائلي بين الأزواج وبين الأزواج والأطفال وبين الأزواج وكبار السن ..؟ ناهيك عن الطابع الاستهلاكي الذي يوجد عليه المجتمع الغربي الذي فقد فيه الفرد الإحساس بأبسط القيم الاجتماعية والأخلاقية التي توفر له الشعور بالحاجة إلى الآخر، بما في ذلك الأقرب إليه في الأسرة، ويمكن ملاحظة ذلك في حالات الاضطرابات النفسية والعصبية التي يعاني منها الأطفال في السنوات الأولى من حياتهم، نتيجة الفراغ العاطفي الذي يفتقرون إليه في العائلة النووية التي يروج لها الغرب اليوم، ناهيك أن الحياة النظامية في المدرسة لا تعوض للطفل حرارة المشاعر العائلية التي يحتاج إليها في طفولته الأولى.

هل الدعاة والمروجون ل. دار العجزة في مجتمعنا يعرفون الحجم الذي توجد عليه الأسرة الغربية ..؟ وهل المتحمسون إليها يدركون خطورة الاغتراب والنفي الذي يشعر به من يجد نفسه بعيدا عن أسرته ..؟ وهل هذا النموذج من الحياة الاجتماعية نجح في المجتمع الذي نشأ فيه حتى يكون مقبولا في نموذجنا المغربي الذي ما يزال كفيلا بتحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي لكبار السن وسط باقي أفراد الأسرة رغم الضغوط والإكراهات ..؟ وأين يتموقع ويقف صاحب فكرة البرنامج “احمد بوعروة” كمروج لمشروع دور العجزة الذي تعمل أكثر من جهة على ترسيخه في نسيجنا الاجتماعي الذي يراد له أن يتخلى أفرده عن رعاية كبار السن في هذه المراكز الاجتماعية، بدل أسرهم التي كانت توفر لهم الدفء العائلي .. والأدهى في هذا الترويج أن يسوق للمشروع الذي فشل في الأسرة الغربية ليكون بديلا عن الأسرة بالنسبة لكبار السن الذين يجدون أنفسهم وجها لوجه أمام نظم الرعاية الاجتماعية التي تفتقر إلى أبسط القيم الاجتماعية التي حافظت على التواصل بين الفئات الاجتماعية ..؟

إذن، تحت مسمى “مي لحبيبة” و “أبا لحنين” وأمام تفرج باقي المؤسسات الساهرة على الإدماج والرعاية تجري عملية تخريب الأسرة المغربية التي ظلت حصنا للروابط العائلية، التي يراد إخراجها من كل المهام التي ظلت تمارسها لصالح أفراد الأسرة التي تحتاج إلى الدعم المادي، بدل هذه السياسة التي تستهدف القضاء عليها والترويج ل. دار العجزة بواسطة هؤلاء الذين يوظفون الثقافة والفن للدعاية الرخيصة لهذه المؤسسة الاجتماعية الجديدة التي وجدت فيها الأسرة الغربية البديل الذي يمكن أن يعيش فيه كبار السن الذين يمتلكون التعويض عن التقاعد والشيخوخة، في مقابل أن هذه المؤسسة الاجتماعية في الدول النامية لا يدخل إليها كبار السن الذين يتوفرون على القدرة على أداء التعويضات وتكاليف الإقامة، وحتى إذا توفرت لا يقصدها معظم كبار السن من الفئات الاجتماعية الفقيرة .. والأخطر في الموضوع، أننا في مجتمع شرقي لا يزال الانتماء العائلي أهم مقومات الوجود الاجتماعي، خاصة في البادية والأحياء الشعبية التي لا زالت الأسرة تشكل المأوى والملاذ لكبار السن، الذي يعيشون مع زوجات أبنائهم وأزواج بناتهم بالطقوس والقيم التراثية التي تجمع بينهم.

إن الدراسات السوسيواقتصادية وثقافية أكدت على أهمية التواصل بين الأجيال داخل العائلة، وأن نموذج الأسرة التقليدية لا يزال يشكل صمام أمان بالنسبة للاستقرار النفسي والاجتماعي للأفراد، كما يساعد الدولة على تأمين الرعاية الاجتماعية التي لا تقوم بها بالنسبة لكبار السن الذين أصبحوا يشكلون القاعدة العريضة للمجتمع في الظرف الراهن، ولسوء الحظ حتى الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية ذو التوجه العقائدي الإسلامي لم تعرف أو تتدارك خطورة هذا المشروع الذي تسوق له القناة الثانية، في الوقت الذي يؤكد فيه قياديو هذا الحزب على أهمية الالتزام والتمسك بالقيم الإسلامية بين أفراد المجتمع المغربي، وخاصة داخل العائلة التي تشكل النواة.

إن ما كان يجب العناية به بدل الترويج ل. دور العجزة هو الاهتمام بما تملكه الأسرة المغربية من مبادئ وقيم لرعاية كبار السن، خاصة في العالم القروي الذي يشكل القاعدة في المجتمع المغربي والذي لا يزال حتى في الوسط الحضري يقوم بهذه الرعاية الاجتماعية لكبار السن، رغم ضعف ما هو متاح لهذه الأسرة المغربية من وسائل للقيام بواجباتها التربوية والاجتماعية اتجاه أفرادها .. وليعلم أصحاب برنامج “مي لحبيبة” أن دور العجزة لا توفر البديل لحماية الدفء العائلي للأسرة الذي يحتاجه كبار السن في مجتمعنا المغربي المعروف بتسامحه وتضامنه الاجتماعي التاريخي والأصيل، و بكرمه وحسن ضيافته .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق