أخبارمتفرقات

عبارة “إرحل” هل هي شعار سليم ..؟!

SAFI SAF

يوسف الإدريسي

اشتعلت قبل أيام فضاءات التواصل الاجتماعي بمدينة اليوسفية بحملة تطالب برحيل عامل الإقليم في سابقة احتجاجية هي الأولى من نوعها بالمدينة، طبعا لن أدخل في محاولة استقراء نيات الداعين إليها، ولن أجازف بتوزيع الاتهامات جزافا حتى أبتعد ما أمكن عن متاهات الوهم والتوهيم، غير أن مثل هكذا خرجات بهذه الصيغة وفي هذا التوقيت، وبهذا التفاعل العفوي غير المسبوق في غياب هيئات مجتمعية مؤطرة، ينبئ بإشارة لاحبة عن وجود وعي طارئ بطبيعة المرحلة الراهنة في أوساط شباب المدينة، إلى الحد الذي يجعلهم يفكرون في حملة فايسبوكية تطالب برحيل أعلى سلطة بالإقليم معينة بظهير وليست منتخبة، بعد سبع سنوات عجاف لم يأكل فيهن الطير شيئا، وأبى الزرع فيهن أن ينبت بشكل سوي. كما أن هذا الإجراء يؤشر على فقدان الثقة في التنظيمات المؤسساتية المحلية التي سُحب البساط من تحت أقدامها في ظل أنانية وانتهازية تتضح جليا كلما قرُب موعد الانتخابات، وتزيد جرعتها في استقطاب أصوات سرعان ما تنتهي صلاحيتها في ظل استغلال سياسة تفقير المواطنين واستدراجهم لقضاء مآرب انتخابوية وفق ما أكدته نتائج إحصاء 2014 بوجود أكثر من 15000 مواطن من مجموع 67571 يعيشون الهشاشة الاجتماعية ويرزحون تحت عتبة الفقر.
قد أختلف أو أتفق مع شعار “إرحل”، وإن كنت أعتقد جازما أن تجديد محاولات الصيد في مياه راكدة هو ضرب من العبث، إلا أنه حينما يفكر أبناء المدينة فرادى وجماعات ويجتهدون لأنفسهم ويبدعون في آليات تصريف رسائلهم، فهذا يوحي إلى أن هناك تراكمات وصلت إلى أقصى ما قد يبلغ إليه الاحتقان الاجتماعي بكل تجلياته، ويؤشر كذلك على وعي جمعي أضحى يدرك حقوقه وأحقية مطالبه، وهذا ما أفرز دينامية احتجاجية ولو بوسيلة افتراضية لرفض الوضع القائم والتطلع إلى الأفضل.
لكن وفي السياق ذاته، جاز لنا أن نتساءل؛ هل سيحتاج أقل اليوسفيين تتبعا للشأن المحلي لشيء من الإشعاع والتعبئة حتى يدركوا أن عامل الإقليم لم يقدم منذ أن قدم إلى المدينة شيئا نوعيا، أو إضافة تنموية ولو بشكل عابر أو محتشم ..؟ وهل سيحتاج الماكث بمدينة اليوسفية أو العابر منها تقارير أو لجن تفتيشية حتى يعلم علم اليقين أن منتخبي المجالس الحضرية على مر عقود خلت، جاؤوا فقط لتقسيم “الوزيعة” بينهم بالقسط، علما أن جميعهم كانوا يمارسون في صباهم هوايتهم المفضلة بمستنقع ” ضاية كريكيعة” والعبارة هنا حصرية ..؟ أكيد، أننا لن نحتاج لمن يوضح لنا الواضحات ولا نحتاج كذلك لمن يعمد إلى إفضاح المفضحات. في رأيي أن ما يجب أن يرحل عنا إلى الأبد هو غرورنا، تواطؤنا، انتهازيتنا وسلبيتنا .. ما يجب فعلا أن يرحل عنا هو شعار المتخاذلين؛ إذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون.
إن اتساع دائرة الوعي بثقافة التعبير السلمي والحريات يضع الجهات المسؤولة على محك تدبير المرحلة أمام هذا التنامي الاحتجاجي، ويجبرها على مقابلة هذه الصيغ الاحتجاجية بالإنصات والحوار الهادف، عوضا عن لغة التهديد وأسلوب تكميم الأفواه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق