كلمة النقابة

الأحزاب المتنافسة في الاستحقاق البرلماني المقبل وضرورة تفعيل مضمون الخطاب الملكي السامي

ربما دخلنا في العد العكسي من الزمن الذي يفصلنا عن الانتخابات البرلمانية ل. 07 اكتوبر الجاري، الذي لا يظهر فيه أن مقدمات هذه الانتخابات ستحترم فيها جملة التدابير والإجراءات التي تجعلها عرسا سياسيا وطنيا، وليس مأتما انتخابيا، يعود بنا إلى عهد الغزوات القبلية، كما تشير إلى ذلك المواقف المعلنة حتى الآن من قبل جميع الأحزاب المشاركة فيها، التي لم تتعظ حتى من مضمون الخطاب الملكي السامي في عيد العرش الأخير، الذي كشف عن العيوب والظواهر المرضية التي لا يجب أن تبقى في مشهدنا الانتخابي والسياسي والبرلماني، حيث لازالت الأحزاب التي تعتبر نفسها مهيمنة ومتحكمة في أصوات المغاربة تلوح بفوزها العظيم قبل إجراء ، وتتخيل شكل حكومتها وتحالفها قبل الأوان، مع أن المطلوب منها في هذه الفترة، سواء كانت في الأغلبية أو المعارضة تقديم الحساب ونشر الغسيل وعرض المسكوت عنه في تدبيرها للموقع الذي كانت فيه خلال الولاية التشريعية التي ستنتهي بعد بضع ساعات.

إن لم تستخلص الأحزاب ما جاء في مضمون الخطاب الملكي السامي فهذا يعني بالضرورة أنها خارج الزمن المغربي وخارج تطلعات المغاربة وخارج الإكراهات التي واجهوها خلال الولاية التي قادها حزب العدالة والتنمية، الذي يجب عليه أن يقدم الحصيلة، تبعا لما نص عليه الدستور الجديد، وأن يدافع عن تدبيره للحكومة بما لها وما عليها، بعيدا عن خطاب “الفنطازيا” القبلية والمظلومية التي تتبنى لغة الهجوم على من يشكك في إنجازاتها وثمار عملها التي لم يلمسها المواطنون في جميع المجالات، والتي تؤكدها المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي قدمتها أطراف التحالف الحكومي على أكثر من صعيد، ناهيك عن ما جاء في تقارير المنظمات الدولية والوطنية.

لن ننوب في المستقلة بريس، عن الحكومة في تبرئة ذمتها قبل الموعد الانتخابي .. أما المعارضة فهي الأخرى مطالبة بتقديم فاتورة مهامها التشريعية والرقابية عن هذه الفترة .. ونظن أن الحصيلة التشريعية التي لم تتجاوز 61 قانونا لا تعكس ما يصرف من المال العمومي على وجود البرلمانيين طيلة خمس سنوات .. فحجم المساهمة في اقتراح القوانين ومحاسبة الحكومة على التدبير لم تكن في مستوى التطلعات، وكل الميزانيات كانت روائح التواطؤ في تمريرها واضحة إلى الدرجة التي جعلتها تمر في بعض الأحيان بأرقام تدين البرلمان بكل طوائفه الحزبية والنقابية في الغرفتين .. ولعل فضائح تمرير إلغاء صندوق المقاصة وقانون إصلاح التقاعد التي عرضت قبل اختتام هذه الدورة الربيعية تكشف عن الدور المخدوم للمعارضة في هذه الولاية التشريعية.

ما نعتبره درسا تاريخيا في خطاب جلالة الملك، هو التعبير الصريح والتلقائي لجلالته عن طبيعة مواقف المغاربة من ما أصبح عليه المشهد السياسي والحزبي والانتخابي الوطني من تدهور وظواهر تضر بمصداقية نزاهة نظامنا السياسي، الذي أصبح تقدمه وتطوره موضوع تقدير الجيران في الاتحاد الأوربي، وأصبح الوطن بفضله في وضع متقدم يمكن أن نطمئن عليه في المستقبل، وهذا في نظرنا في المستقلة بريس، ما يدعونا إلى مطالبة جميع الأحزاب التي ستشارك في الاستحقاق البرلماني بضرورة تجاوز النمط التقليدي في مشاركتها في العملية الانتخابية، وأن تقنع المواطنين بصدقية برامجها الانتخابية وبمؤهلات النخبة التي سترشحها في هذه الانتخابات، بعيدا عن السلوكات “المافيوزية” التي كانت تمس بنزاهة العملية الانتخابية ولا تسمح بتجديد النخب والدماء والبرامج.

إن ما عبر عنه جلالة الملك في خطاب العرش، يشكل توجيها ساميا لهؤلاء الممارسين للعمل السياسي في الوطن، يستوجب منهم سواء كانوا في المعارضة البرلمانية أو الأغلبية الحكومية أو خارجهما نقد الذات ومراجعة الممارسة الحزبية والسياسية، والقطع مع الثقافة التي لم تطور المشهد الانتخابي والأداء المؤسساتي .. فهل ستقدم هذه الأحزاب المتنافسة على تصحيح الأخطاء والانخراط في الاستحقاق المقبل بما يتلاءم وتطلعات المغاربة من انتخاب البرلمان وتشكيل الحكومة من الأحزاب التي ستنال رضا الناخبين ..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق