أحزاب و نقابات

المركزيات النقابية وضرورة توضيح خلفيات تمرير قانون التقاعد

القادة

ربما بالغنا كصحفيين وإعلاميين في نقد مواقف النقابات في مجلس المستشارين على تمرير قانون التقاعد ب. 21 صوتا، دون أن نوجه النقد إلى باقي مكونات المجلس الذي توجد فيه أغلبية معارضة للحكومة المنتهية ولايتها، بل هناك من بالغ في توجيه الاتهامات إلى المكون النقابي فقط .. وحتى لا نتهم بنظرة المؤامرة ضد المركزيات النقابية، وسوء تأويل موقفنا النقدي من عملية تمرير قانون التقاعد، لا مفر لنا من إعادة قراءة الحدث وتوجيه النقاش حول الجوانب التي تحتاج بالفعل إلى انتقاداتنا واتهامنا.

إن طبيعة جغرافية مجلس المستشارين تشير إلى ارتفاع تمثيل المعارضة في هذا المجلس، مما يعني استحالة تمرير أي قانون للأغلبية الحكومية في مجلس النواب عبر بوابة مجلس المستشارين، وهذا المعطى وحده يفرض علينا مساءلة مكونات باقي الأغلبية من غير النقابيين عن أسباب الغياب عن جلسة التصويت المخدوم على القانون، الذي تقدمت به الحكومة، حيث وجدت النقابات نفسها مجبرة على عدم وحدة الموقف من التصويت المعارض ضده، والذي فتح المجال لتفسيره بما تم التعبير عنه في الرأي العام المتحامل على النقابات وحدها.

لن نستعجل الموقف من ما حدث في يوم التصويت، فستتضح كل الجوانب المسكوت عنها إن عاجلا أو آجلا ومن جميع الأطراف التي كانت وراء التمرير المخدوم لمشروع قانون التقاعد، وعلى مسؤولي نقاباتنا تحمل الانتقادات التي وجهت إليهم بالنظر للعلاقة بين تصويتهم ومشروع القانون الذي عرض على مجلس المستشارين، وأن لا يحكموا على من عارض سلبية مواقف النقابات بالولاء إلى الجهات التي تحارب العمل النقابي إلى آخر قائمة الاتهامات الرخيصة التي لا يزال بعض مسؤولي النقابات يوجهونها للمنابر الصحفية التي انتقدتهم على موافقتهم الغير موحدة كما عبرت عن ذلك نتائج التصويت.

بطبيعة الحال، وباختلاف المواقف المعبر عنها من قبل كل الجهات الصحفية والحزبية والمدنية التي تناولت حدث التصويت على قانون التقاعد بالنقد والتقييم، لا يجب على مسؤولي النقابات اختلاق المبررات للهجوم على من كانت لهم الشجاعة في مناقشة موقف النقابات دون خوف أو تردد أو مجاملة أو انحياز، وهذا ما يجب أن يكون من المسلمات بالنسبة للمسؤولين النقابيين الذين حملوا المسؤولية للجهات التي عارضتهم في الطريقة المسرحية التي تم بها تمرير قانون التقاعد.

من المؤكد، أن الأغلبية في مجلس المستشارين تعود إلى ممثلي المجالس الجماعية والجهوية التي تشكل النخبة الأكثر تمثيلا وتأثيرا في المجلس التي يمكن أن تكون وراء تمرير مشروع قانون التقاعد الذي تحاول النقابات المركزية التي عارضته وطبقت كل الوسائل النضالية ضده تبرئة نفسها من تمريره في مجلس المستشارين الذي تشكل المعارضة الحزبية والنقابية أغلبيته والذي تم التصويت عليه ب. 21 صوتا فقط.

ما كان من الضروري وفق تركيبة المجلس أن يكون التصويت على القانون لصالح الحكومة بهذا التصويت المسرحي المخدوم، أم أن خلفيات مسكوتا عنها في عملية تمريره لا تريد النقابات التي عارضته أن تكشف عنها ..؟ وإن لم يكن ذلك، فلماذا الشعور بخيبة الأمل وعدم قبول الانتقادات الموجهة إليها باعتبار القانون من صميم اهتماماتها النقابية التي كان من المفروض أن يكون التصويت بلا للمشروع الحكومي، وليس بالكيفية المشبوهة التي تم بها، وإن كان الموضوع باختلاف المواقف النقابية منه الذي يسمح لها أن تحتفظ بقناعتها وأن تكون مستقلة في ذلك لانعدام الوحدة بين المركزيات وانعدام الثقة في المواقف بينها، ويمكن أن يكون هذا صحيحا بالنظر إلى عدد الحاضرين في التصويت على القانون الذي تغيب عنه ممثلو المجالس الجماعية الذين تعودوا على الصفقات السياسية في مجالسهم الجماعية، ولمَ لا يكون هناك اتفاق بين هؤلاء مع الحكومة على تمرير القانون في المجلس بالطريقة التي فضحت النقابات، بدل هؤلاء المستشارين الجماعيين ..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق