أخبارمتفرقات

عندما يصادر صوت الشعب الجزائري ..!

في في

*فيصل زقاد

مع بداية تسعينات القرن الماضي، مرت الجزائر بمرحلة صعبة و معقدة للغاية، بعد توقيف المسار الانتخابي، و سطوة العسكر على اختيار الشعب الجزائري، في انتخابات شهد بنزاهتها العدو قبل الصديق، اشتعلت بعدها نار الفتنة، و قتل الإرهاب الدموي أكثر من ربع مليون جزائري جلهم لا يعرف من قتله و لما قتل ..!.

دمرت المنشآت التحتية، و أحرقت المدارس و المساكن، و لم تنج حتى المساجد و المستشفيات من أيادي المجرمين الدمويين، و جيء بالمرحوم “محمد بوضياف” و “عين” رئيسا للدولة من طرف العصبة الحاكمة من دون أن يستفتى الشعب الجزائري في رئيسهم القادم من المغرب الشقيق بعد غياب طويل.

و في أول خطوة له، اختار الزج بآلاف الجزائريين في المعتقلات، بعد أن نسبت لهم تهما خطيرة ظلما و بهتانا، لم يحاكموا عليها إلى اليوم، و بعد مائة يوم من الحكم بالتمام و الكمال، تم اغتياله من طرف القيادات السابقة التي أتت به إلى سدة الحكم، حينما أحست بالخطر قادم إليها، و أن دورها في التصفية مبرمج في أجندة الرئيس المغتال.

و عم الدمار أرجاء البلاد، و انهار الاقتصاد، و استغل الانتهازيون الفرصة لاختلاس أموال الشعب، و أصبحت الدولة على حافة الإفلاس، و لم يجد آنذاك المحللون السياسيون إجابات شافية لما يحدث في الجزائر، و كان أبرز تلك الأسئلة، من يقتل من ..؟.

و مرت تلك الحقبة السوداء، و لملم الجزائريون جراحهم و دفنوا موتاهم، و تم تمرير قانون المصالحة الوطنية العرجاء، لم يعرف فيها الجلاد من الضحية، و طمست آثار الجرائم الشنيعة التي اقترفت في حق الشعب، و منع أهالي الضحايا و الجمعيات الحقوقية من تقصي الحقائق، و تم التقنين لتجريم البحث و التحري عن أسباب المأساة الوطنية، فطوي الملف نهائيا .

و عادت الدولة إلى نقطة الصفر، فتم التمهيد لانتخابات رئاسية مسبقة، بعد إقالة الرئيس السابق “اليامين زروال”، و كانت بحق ” كرنفال ” لم يسبق له أن حدث حتى في دولة “اللوزوطو ” .

نجح “بوتفليقة” في سباق الرئاسيات التي شارك فيه وحيدا، بعدما انسحب “الفرسان الستة “، و كانت له (الغلبة ..! )، و مرت السنون و العهدة تنطح العهدة، و عم الأمن و انتعش الاقتصاد بعد الارتفاع الجنوني للبترول، و ملئت الخزائن عن آخرها، واستبشر الشعب الجزائري خيرا بمجيء الرئيس بوتفليقة، الذي كان الجميع يظن أنه امتداد للراحل “هواري بومدين” رحمه اللـه، و بدأ بفتح الورشات التي لم تنته حتى اليوم، و لعل أهم ورشة كثر فيها اللغط و فتحت من خلالها تحقيقات لم تر نتائجها النور، هو الطريق السيار “شرق غرب”، أو كما كان يسمى ” مشروع القرن ” الذي أصبح يطلق عليه فيما بعد “فضيحة القرن”، حيث التهم نحو عشرين مليون دولار في طريق ثلثه مهترئ، بشهادة وزير الأشغال العمومية الأسبق، الذي تمت تنحيته لفضحه هذا القطاع الذي تدوال عليه المختلسون و اللصوص لسنوات عديدة.

و بدأت الفضائح تطفو على السطح، الفضيحة تلو الأخرى، بداية من الخليفة، ذلك “الولد الذهبي”، الذي تم الزج به في غيابات السجن من دون أن تسترجع ملايير الدولارات التي ضاعت و بددت، و قدمت كهدايا لممثلين فرنسيين و مسؤولين كبار، مرورا بمسلسل سوناطراك الذي مازلنا ننتظر آخر حلقاته، و قضية وزير الطاقة السابق شكيب خليل الذي، عوضا أن يلجأ إلى القضاء، اختار الزوايا، بإيعاز من محيط الرئيس، لتبرئة ذمته من التهم الثقيلة التي وجهت له.

و ها نحن اليوم نسمع عن فضائح من نوع آخر، أو ما يسمى ب “بنما بيبرز ” التي ذكر من خلالها بعض الوزراء السابقون و الحاليون، و ذكر معهم حتى أبناءهم و زوجاتهم، و لسنا ندري ما يخفيه لنا المستقبل من فضائح مدوية، أبطالها قد لا تخطر أسماءهم على بال أحد، كنا نراهم بالأمس حماة للوطن، فإذا بهم مصاصين لدماء الشعب.

* مدون وناشط حقوقي جزائري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق