أخبارمنبر حر

نوم الهناء يا معارضة الصالونات .. !

FAYSAL

*فيصل زقاد

مازلت أتذكر الحادي عشر نوفمبر من سنة 1987، كنت أيامها أزاول دراستي بجامعة قسنطينة، وأنا في طريقي إلى المعهد فوجئت بسرب من تلاميذ الثانويات يتظاهرون في وسط المدينة، نسيت بالضبط سبب احتجاجاتهم، على بساطتها، كانوا يرصون صفوفهم و يؤطرون تلك المسيرة و كأني بهم ثوار لكنهم مسالمون .

طوقت الشرطة تلك المسيرة السلمية برجالها فعملوا على ابتزازهم، لكن التلاميذ لم يأبهوا بتهديداتهم تلك، سمعت طالبا يقول لزملائه، اثبتوا مكانكم و لا تبالوا باستفزازاتهم، لكن أصحاب البذلة الزرقاء لم يلبثوا أن هجموا على هؤلاء الأطفال العزل و ضربوهم و سحلوهم، وأطلقوا عليهم القنابل المسيلة للدموع و اقتادوا بعضهم إلى مخافر الشرطة.

و انتشر خبر المسيرة في الجامعة كالنار في الهشيم، و سمع الطلبة و اغتاظوا لإخوانهم تلاميذ الثانويات، و تضامنوا معهم، و اتسعت رقعة المظاهرات لتشمل جميع معاهد و كليات مدينة الجسور المعلقة، و اختلط الحابل بالنابل، و توفي أحد الطلبة اختناقا بالغاز المنبعث من قنابل الشرطة .
نزل وزير التعليم العالي عبد الرزاق برارحي على عجل، لكن رصاصة الغضب انطلقت ولا أحد استطاع أن يطفئها آنذاك، و تضامن الجامعيون في أنحاء التراب الوطني .

فبعد أن كانت المطالب سطحية ( لو تم الاستجابة لها آنذاك، لتم تطويقها)، لكن رعونة و تعنت أصحاب القرار وقتها، زاد من حدة الوضع فأصبح أكثر تعقيدا، حتى وصل الأمر إلى رفع سقف المطالب، فناد المحتجون بالديمقراطية و التعددية، و أذعن الشادلي بن جديد لتلك المطالب و شرع لدستور يسمح من خلاله بإنشاء جمعيات سياسة و حدث الذي حدث .
و ها نحن اليوم نشاهد نفس السيناريو و نفس الأحداث، و ما انتفاضة تلاميذ المدارس خلال الأشهر

الفارطة ببعيد، لتليها هذه الأيام، احتجاجات طلبة الصيدلة، فطلبة جراحة الأسنان، و قبلها ثار طلبة معهد المحروقات الذين تم تهديدهم بسنة بيضاء، إن لم يعودا إلى المدرجات لمزاولة دراستهم، و ها هي حشود الطلبة من بعض الجامعات تتضامن مع هؤلاء، و لسنا ندري إن كانت حقيقة، نفس الأسباب ستؤدي إلى نفس النتائج.

لكن، رغم كل هذه الأحداث الأليمة، التي سردتها عليكم في عجالة، لم يأت في معرض حديثي ذكر، الجمعيات المدنية و لا أحزاب المعارضة ولا الشخصيات الوطنية الناقمة من الأوضاع الراهنة، و لا هم يحزنون.

الشاهد .. التغيير قادم لا محالة، لكن من أراد التغيير فلا يعول على أحزاب المعارضة، لأنها منشغلة بما ستجود عليها السلطة في الاستحقاقات القادمة … و الحديث قياس .

*مدون وناشط حقوقي جزائري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق