أخبارملفات و قضايا

الحكومة الجديدة وتحدي تراجع خدمات قطاعي الصحة والتعليم ..!

AZAZ

ليس هناك من مسؤوليات ذات الطابع الاستعجالي بالنسبة لحكومة سعد الدين العثماني، التي تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس بالموافقة على تشكيلها، يوم أمس الأربعاء، أكبر من المرتبطة بتراجع خدمات قطاعي الصحة والتعليم، اللذين يوجدان حاليا على حافة الإفلاس، بعد أن استحال لجم وتطوير مستوى خدماتهما التي تفاقم فيهما الخصاص وضعف الجودة في ظل الفشل الواضح الذي تميزت به السياسة العمومية التي نهجتها الحكومة السابقة، حيث أصبح اللجوء الاضطراري للمؤسسات الخاصة الحل الذي يراهن عليه لتطويق هذا التراجع، في الوقت الذي لا يملك فيه السواد الأعظم من المواطنين المغاربة، الذين كانوا يتلقون الخدمات الصحية والتعليمية في المؤسسات العمومية بالمجان القدرة على الصمود في وجه الغلاء الفاحش.

إن ما يرصد في الميزانية السنوية لقطاعي الصحة والتعليم، يقتضي أن تكون خدماتهما متقدمة لا أن تكون بهذا النموذج المتخلف والضعيف .. ونظن أن قطاع التعليم الذي يتوفر اليوم على مؤسسة المجلس الأعلى للتعليم و وجود وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، وما تمتلكه من موارد بشرية وبنية تحتية وبرامج ومخططات، يجب أن يكون قادرا على وقف الهدر المدرسي، وتوفير الأطر التعليمية والمؤسسات التي تتلاءم والحاجيات السكانية، وملاءمة التكوين التعليمي مع حاجيات الاقتصاد الوطني ومتطلبات تنمية الوطن في جميع المجالات.

وبالنسبة لقطاع الصحة، لن نتحدث عن ضعف التغطية الصحية رغم إقرار بطاقة “رميد” إلى جانب ضعف مستوى الخدمة الصحية في كل مجالاتها، ناهيك عن ضعف الخدمة الصحية في المؤسسات والمستوصفات، ومنافسة القطاع الخاص التي تساهم في تدهور القطاع الصحي العمومي، وتدني خدمات “رميد” بالنسبة لفقراء الوطن وذوي الدخل المحدود، الذين يواجهون حالاتهم المرضية اليوم بالمتاح لهم من وسائل العلاج، التي لا أمل فيها للقضاء على الأمراض التي يعانون منها، خاصة خارج المدن والمراكز الاستشفائية الجامعية، إلى جانب انعدام القدرة على مواجهة الأمراض والأوبئة الخطيرة، وضعف الطاقة الاستيعابية للمؤسسات الصحية التي أصبحت تضطر إلى برمجة مواعيد طويلة الأمد للحصول على الأسرة، قد لا يتمكن فيها المريض من الحصول على العلاج بالأدوية أو العمليات الجراحية .. دون أن نتحدث عن ما يشاع ويتداوله المواطنون حول الدفع للحصول على العلاج في المؤسسات الاستشفائية العمومية.

إن الحكومة المغربية الجديدة، مطالبة بالإسراع بمراجعة آليات وقوانين العمل في قطاعي الصحة والتعليم من أجل تدارك العجز والتخلف في خدمات هذين القطاعين اللذين يستنزفان حصة الأسد من الميزانية العامة، ولا غنى للدولة والمجتمع عن الخدمات المقدمة في الصحة والتعليم باعتبارهما من القطاعات الاجتماعية الخدماتية الأساسية والإستراتيجية .. ونظن في المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن الأحزاب التي تولت مسؤولياتهما (القطاعين) منذ الاستقلال حتى الآن، تتحمل أسباب الفشل في خدماتهما خلال فترات وجودها في الحكومات المتعاقبة، وأن الحاضر والمستقبل بالنسبة لخدماتهما أصبح يتطلب حلولا جذرية للأسباب التي حالت دون تطور مستوى خدماتهما بالرغم مما يرصد لهما في الميزانية العامة سنويا.

بطبيعة الحال، تحقيق المعدلات المرتفعة في الخدمة الصحية والتعليمية العمومية لا يمكن أن تأتي من الفراغ .. فبدون وجود إستراتيجة وطنية للبحث والتعبئة والمتابعة لا يتوقع إحداث المعجزات التي يترقبها المجتمع، في ظل انسداد الآفاق وتفاقم الإكراهات التي مهدت الطريق إلى الرهان على الخوصصة في هذين القطاعين الإستراتجييين اللذين يلتهمان حصة الأسد من الميزانية السنوية، وإن كان لا مفر للاقتصاد الحر من الخوصصة في القطاعات الخدماتية، فيجب أن لا يكون ذلك على حساب فقراء الوطن وذوي الدخل المحدود الذين اتسعت قاعدة الهرم المجتمعي بهم، كما هو حال واقعنا الاجتماعي الذي أهملته السياسات الحكومية المتعاقبة .. ولنا اليقين التام، أننا لا نفتقر في المغرب إلى ما يمكن أن يغير من واقع هذين القطاعين لضمان الخدمة الصحية والتعليمية التي يحتاج إليها المواطنون الذين لا يتأخرون في دفع الضرائب التي تتطلبها الميزانية العامة، وهذا ما يفضي إلى أن ورش إصلاح خدمات القطاعات الإنتاجية والخدماتية العمومية أصبح ذا طبيعة استعجالية، بدل الرهان على الخوصصة التي لا يمكن أن تحقق معدلات النمو  والتحسن المطلوبة في خدمات قطاعي الصحة والتعليم اليوم وغدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق