كلمة النقابة

أي ملاءمة للقوانين المطعون في شرعيتها في المشهد الصحفي والإعلامي ..؟

على ضوء تزايد الاحتقان وسط الإعلاميين والصحافيين اتجاه منظومة القوانين الجديدة للصحافة والإعلام، التي تم تمريرها برلمانيا بدون حصولها على الإجماع والموافقة حتى من الأطراف التي شاركت في اللجنة العلمية التي صاغتها، يبقى من المستحيل، الاحتكام إليها في ظل الأعطاب والاختلالات والتجاوزات التي تتضمنها بدون إخضاعها عبر المقاربة التشاركية لاستئصال السلبيات العالقة فيها، وتجويدها بما يتلاءم مع التحولات التي يعيشها المشهد الصحفي والإعلامي الوطني والدولي، في إطار المجتمع الديمقراطي الحداثي الذي انخرط فيه الوطن، الذي يلعب فيه الإعلام والصحافة الدور الطلائعي والمهني والرقابي والتنويري الذي يذكر به جلالة الملك محمد السادس باستمرار.

نحن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لا نزايد على أحد، ونعتبر الملاءمة التي يروج لها خصوم الصحافيين والإعلاميين خطوة يائسة ومرفوضة لحزب العدالة والتنمية الذي فشل في تنفيذ مخططه في صياغة هذه القوانين وتمريرها بواسطة الأغلبية التي كان يقودها، وأننا مع جميع شركائنا في العمل النقابي والحزبي والمدني في جبهة وطنية واحدة لوقف الترويج والتلويح لتطبيقها في مشهدنا الصحفي والإعلامي الوطني .. وعليه، فإننا نهيب بالوزير الجديد على قطاع الاتصال العدول عن الاستجابة لدعوات تفعيلها بعد اتضاح جوانب فشلها وعقمها في الاستجابة لأبسط مطالب الفاعلين، بعد انضمام من صاغوها قبل المصادقة عليها إلى جبهة المعارضين لمشروعيتها المطعون فيها، كما أكدنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة في مذكرتنا الجوابية، التي أرسلت إلى وزارة الاتصال قبل صياغتها النهائية، وما بعد تمريرها بواسطة الأغلبية البرلمانية السابقة.

من دون شك، أن السيد وزير الثقافة والاتصال أصبح يعرف كل التفاصيل عن مهزلة هذه القوانين الجديدة، ويعي بحكم خلفيته الجامعية والقانونية أن المخرج يكمن في فتح الحوار التشاركي المجتمعي لمعالجة أعطابها وتجاوزاتها للمرجعية القانونية التي أكد عليها الظهير الشريف المتعلق بالحريات العامة، الصادر سنة 1958، الذي يعتبر مفخرة تاريخية ورصيدا نضاليا وطنيا مكن بلادنا في وقت مبكر من ديباجته في دستور الوطن في بداية الاستقلال، والتي تزامنت مع حماس مع ما جاء به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، وهو الظهير الذي صدرت به جميع الصحف حتى الآن المطالبة بتعديل وملاءمة تصاريحها مع هذه القوانين الجديدة، التي لا تحظى بثقة وموافقة معظم الفاعلين في مشهدنا الصحفي والإعلامي.

إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، واعون بالضغوط التي تمارسها اللوبيات المناهضة لقيم المجتمع الديمقراطي الحداثي الذي انخرطت فيه بلادنا بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه اللـه، إنما نذكر فقط بحقنا النقابي والدستوري في الدفاع عن مصالح وانتظارات عموم الصحافيين والإعلاميين المهددة بهذه القوانين الجديدة، التي توجهها الهواجس الأمنية والتحكمية والانتقامية التي يلوح بها خصوم الحرية والديمقراطية والحداثة، ولن نتوقف عن الاحتجاج والاستنكار ضد محاولات تكريسها رغم الطعن الجماعي في مصداقيتها، حرصا على المكاسب التي نصت عليها دساتير الوطن والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب عليها حتى الآن، والتي أكسبته الثقة والمصداقية داخليا وخارجيا والاحترام الذي يستحقه.

إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لا نخندق أنفسنا ضد عملية التحديث والعقلنة المتجددة للمنظومة القانونية، ونؤكد على دعمنا التلقائي لجميع المبادرات الجادة في هذا المجال .. لأن ذلك، يساعد على تطوير المشهد الصحفي والإعلامي ويحصنه من آثار التخشب في الرؤى والتوجهات التي نتطلع إلى تبنيها باستمرار، كما أن هذا المنظور المرن والمنفتح يساهم في إغناء وتطوير مناهج و وسائط العمل وفق الدينامية الجدلية التي تتحكم في تحول المجتمع والاقتصاد ونظم الحكم والتواصل، ويقضي في نهاية المطاف على الجمود والتعلق بالأبنية التي فقدت عناصر تطورها ونموها، ويسمح للمنتوج الإعلامي والصحفي بتحديث وتغيير بنياته التي تتلاءم والتحول الجذري المجتمعي المستمر الذي يترجم نفسه في هذا المنتوج الإعلامي والصحفي في كل أجناسه وتخصصاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق