أخبارمنبر حر

بين الأمس الجميل واليوم (…) ..!

AZZOUZI ZI

ذ. عبد اللـه عزوزي

قبل أن تكتشف الحضارة، كان يكفي الإنسان ظل شجرة، أو أرضا يبني فوقها بيتا من حجارة لكي يشعر بأنه امتداد للسماء فوق الأرض، أو نخلة فردوسية جذورها في الأرض و سعافها على مشارف سدرة المنتهى …

كان الإنسان سعيدا حينها، وكانت سعادته تزداد حينما كان يتنبأ بأن أبناءه من بعده تنتظرهم بشارة : سفر في الفضاء .. هواتف ذكية .. سيارات بآلاف الخيول .. فلل منقوشة و ورابي مفروشة .. اتصالات من جوف البحر، و طوابق السماء ..

كان يعلم أن السبل ستتداخل و تتشابك و تتعقد، و حينها كان لزاما على ورثته من أن يفصلوا الفصول و يسطروا البنود، و يفكروا في فكرة أضواء الإشارة و علامات التشوير … دون أن ينسوا بناء السجون و تسييج الحرية.

رغم ذلك، كان الإنسان يعلم أن خسة رفاق أبنائه، و شركائهم، ستدفعهم إلى تفكيك أبدانهم و مسخها من جديد — دون حياء أو خجل — حتى تصبح قادرة على الانسلال من بين فتحة “ق” و “و” أو أخذ شكل حرف “ن” في كلمة (قانون)، تخفيا و طمسا للحقيقة، حتى يضمنوا عيشا طويلا، بل أبديا على الكراسي، سواء كانت ثابتة و مشدودة إلى الأرض، أو طائرة و متنقلة في الفضاء.

و منذ تلك الصورة الفطرية البسيطة، بل البدائية، و إلى صورة اليوم المعقدة، تغير الكثير .. يحضر الثلث و يغيب النصف .. يسافر الزمن و نحن نخال أنفسنا ماكثين و محميين بحزام السلامة الذي يربطنا إلى الأرض.

تتغير الخلفية و يتجدد الأثاث و “الكومبارس”، و يبقى مفهوم “الخير” و “الشر”، المشروط وجودهما بالعقيدة و الإيمان، المفهومين الأكثر خلودا و مساهمة في إعطاء معنى لهذه الحياة التي تتخذ لذاتها أشكالا و صورا و مواقف ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق