أخبارمنبر حر

“خرافة” نهاية أسطورة صحيح البخاري تــابع

الخطاب الإسلامي واقعه وسبل تجديده 

د. الصديق بزاوي

بزاوي

قبل البدء في معالجة الموضوع، نرى أنه لابد من الإشارة إلى أنه لايوجد خطاب إسلامي واحد، بل إن هذا النوع من الخطاب يتنوع كثيرا إلى درجة أنه يمكن القول بأن لكل تكتل إيديولوجي- عقائدي – خطابا إسلاميا خاصا به رغم كون الدين الإسلامي يستند إلى مرجعية وعقيدة واحدة .. إن هذه الظاهرة التي تبدو غريبة يمكن إرجاعها لعوامل كثيرة .. يتعلق بعضها بطبيعة العلوم الشرعية نفسها، ويتعلق البعض الآخر بتعدد منطلقات وأجندات صانعي الخطاب الإسلامي .. وسيأتي تحليل هذه الظاهرة في فقرة لاحقة .

يقصد بالخطاب المباشر

أما الخطاب غير المباشر فقد يتمثل في سلوك الشخص وتعاملاته مع غيره، وفي هندامه كلباسه وشكل لحيته ونوع قبعته أو عصابته .. ولعل تأثير هذا النوع من الخطاب يكون أبلغ من غيره، نظرا لعفويته وبساطته، حيث لايتطلب مستوى معينا من التفكير والإدراك، ومن هنا تبرز خطورته .. وأقل مايمكن أن يعبر عنه هو تفكك المسلمين إلى طوائف ومذاهب وفرق، وتعصب كل فريق لانتمائه .. ولا شك في كون هذه الظاهرة تشكل أخطر ظاهرة يعاني منها المسلمون، وهي التي يعبر عنها ويغذيها الخطاب الإسلامي غير المباشر .. كما أن هذا النوع من الخطاب يكشف عن المستوى التعاملي للمسلمين على مستوى الإفراد أوالجماعات، لأنه يشكل تفعيلا للجانب النظري الذي يحمله المسلم .. فأما أن يكون أداة لترغيب الناس في الإسلام، وأما أن يكون أداة لتنفيرهم .. وهذا مع الأسف الشديد هو الذي يحدث لأن واقع المسلمين واقع غير مرغوب فيه لكونه يكشف عن وجود أمراض سلوكية خطيرة لدى أغلب المسلمين، كالنفاق والغش والظلم والاستبداد والفساد، ناهيك عن التخلف الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وعن التعصب المذهبي والطائفي وتكفير المخلفين وسفك دماء الأبرياء لأتفه الأسباب، ورغم أن هذا الواقع المريض قد يرجع لأسباب لاتتعلق بالإسلام كعقيدة وشريعة، وإنما إلى عوامل ذاتية وخارجية، فإنه يشكل خطابا نافذا تصعب معالجته .

ضرورة تجديد الخطاب الإسلامي نظرا لوجود عوامل هامة منها

أولا إصلاح واقع المسلمين الذي يعاني حاليا من أمراض كثيرة ومتنوعة، ومنها خاصة الطائفية التي استفحلت وتسببت في نشوب حروب لازالت مستمرة، وستظل كذلك إلى أجل غير مسمى، وأدت إلى تحطم البنيات التحتية والمنشآت العمرانية وتعطيل المرافق الاقتصادية .

الإرهاب الذي شارك فيه صحفيون ومهتمون يمثلون تيارات فكرية وسياسية مختلفة، وفي ختام ذلك البرنامج طلب المشرف عليه كلمة أخيرة من المتدخلين .. ومن بين المواقف التي تم التعبير عنها والتي كانت أكثر وقعا على المتتبعين، وأكثر إثارة للغيورين على وحدة الكيانات الإسلامية، موقف يدعو إلى تبني “مشروع وطني حداثي” وآخر يدعو إلى تبني “مشروع وطني إسلامي” لمعالجة المشاكل التي تعاني منها الدولة والقضاء على ظاهرة الإرهاب، والني كانت قد تسببت في وقوع فاجعة أليمة
بالدر البيضاء المغربية.

إن هذا الحدث ـ رغم بساطة مظهره يعكس وجود صراع حقيقي إيديولوجي و سياسي- عقائدي خطير رغم محاولات المتدخلين في الحوار إخفاءه، فمن جهة أولى نجد تيارا علمانيا يتبنى المشروع الحداثي الديمقراطي المرتبط فكريا وقيميا بالحضارة والمفاهيم الفكرية والسياسية التي أنتجتها القوى السائدة، والمتمثلة في القوى الغربية في الوقت الحاضر .. وهؤلاء ينظرون إلى الرصيد القيمي الإسلامي نظرة دونية، إذ لا يمثل عندهم إلا قيمة تاريخية أصبح معظمها متجاوزا .. لكن، هذا التيار السياسي العقائدي لا يتجرأ على الإفصاح عن توجهه، لأن إيديولوجيته إيديولوجية غريبة عن المجتمع المسلم وغير مقبولة عرفا وأخلاقيا ودينيا، كما سيتضح فيما بعد .. ومن جهة أخرى، نجد تيارا إسلاميا ينظر إلى رصيده من القيم المستمدة من الشريعة الإسلامية كثروة فكرية و سياسية كفيلة ببناء المشروع المجتمعي، وتخليق الحياة العامة و وضع مؤسسات دولة إسلامية موحدة قادرة على مواجهة تحديات العصر من هيمنة اقتصادية وعسكرية وعولمة متوحشة وعلمانية متغربة، وهو يدافع عن مشروعه الذي ينطلق من مرجعية إسلامية، وإن هذا الأخير لا يتجرأ، هو الآخر، عن التعبير عن موقفه بكل وضوح، ربما خوفا من أن تشير إليه الأصابع وتلفق له تهما

يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق