د. الصديق بزاوي
في كثير من الحالات يفتتح خطباء صلاة الجمعة بالآية التي يقول فيها الله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ))، ونحن لا نجادل في أهمية هذه الآية العظيمة ودورها في تذكير المصلين بتقوى الله، وأن كلمة التقوى تكاد تتضمن جميع العبادات، سواء كانت عبادات شعائرية أو عبادات تعاملية .
إن شعيرة صلاة الجمعة تحظى بأهمية كبيرة، حيث أمر بها القرآن الكريم بقوله سبحانه (( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلك خير لكم لعلكم تعلمون ))، كما أن هذه الفريضة تتميز بكونها تلقى فيها خطبتان وتحضرها جماهير غفيرة من المصلين، و أنها تتكرر كل يوم جمعة .
إن نجاح صلاة الجمعة في تحقيق مقاصدها يكاد يرتبط في كليته بالخطباء، ومن المؤسف جدا أن يقر معظم الغيورين عل دينهم وأمتهم تقصيرا ملموسا في أداء الخطباء لواجبهم المقدس، وفي هذا الصدد، نرى أنه من واجبنا أن نبدي بالملاحظات التالية: .
أولا – ضرورة التحضير المسبق للخطبة، وذلك من أجل ترتيب مضامينها وجعلها متسلسلة ومنسجمة مع الموضوع الرئيسي وتحقيق التوازن المعقول بين عناصرها، حيث لا يطغى الفرع على الأصل ولا الشكل على المتن، حتى لا يشعر المصلون بنوع من ( الدخول و الخروج في الهضرة ) .
ثانيا – واجب استيعاب موضوع الخطبة جيدا حتى ينسجم صوت الخطيب وانفعاله مع معاني الكلمات والجمل تفاديا لكل تكلف واصطناع المواقف، وهذه المسألة قد تتطلب التمرن على الإلقاء، وهذا الأمر من شأنه أن يحول دون اشمئزاز المستمعين .
ثالثا – حسن اختيار مواضيع الخطب، حيث يستحسن تناول الأمور العقائدية والتشريعية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تلبي انتظارات المصلين، وتبتعد عن الآراء والمواقف الذاتية للخطيب، وتنسجم مع التوجهات العامة للدولة، وخاصة تحقيق الأمن العام ودرء الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وإذا كانت خطب صلاة الجمعة بهذه الأهمية التي أشرنا إليها، فان هذا الأمر يزيد من حجم دور الخطباء، وهذا ما يستوجب على كل مهتم أن يذكر هؤلاء الجنود بأن وظيفتهم لا تحتمل أبسط غفلة أو تهاون في طلب مزيد من العلم والتكوين المستمر، بغية تحيين خطبهم، بدل الاعتماد على النسخ القديمة، كما يجب عليهم مراعاة تطور مستوى المصلين الثقافي وانفتاحهم على ما يحدث حولهم من تجدد الخطاب الإسلامي وعقلنته، وكل هذا من شأنه ألا ينفر المصلين، وخاصة الشباب منهم، من أداء فريضة صلاة الجمعة .
