أخبارمنبر حر

ماذا لو اتجه إلينا نجمٌ هِرمٌ إلى مجموعتنا وتحوّل إلى ثقبٍ أسود ..؟

تحليل وتصور:إبراهيم أمين مؤمن

EGYBTIENالسماء ملآنة بمليارات النجوم، ويصل بعدها عنا ملايين السنوات الضوئية، وهي ليست ثابتة، بل تتحرك، ولم تكن حركتها مثْبتة في الكتب السماوية فحسب، بل أثبتها علم الفلك القديم والحديث معاً.
تلك المليارات من النجوم تتحرك في الفضاء الكوني بسرعات مختلفة، هناك ما هو معروف سبب حركته بقوة الثقالية، ومنها غير معروف سبب حركته.
صورة أربعة نجوم مارقة شاردة
والنجوم تتشكّل على هيئة تجمعات نجمية، منها السريعة والبطيئة حركتها، وقد يشرد نجمٌ ضخمٌ كتلته نحو 20 كتلة الشمس، يشرد من عائلته أو مجرته بسبب تجاوز سرعته الهائلة سرعة الإفلات من جاذبية مجرته أو عائلته، وقد ينفلت أيضاً بسبب تحوّل إحدى نجوم العائلة النجمية إلى مستعر أعظم، فيدفع بالنجم الهارب بعيداً عنه .
والسؤال…
هل من الممكن أن يتحرك نجمٌ مارق انفلت وعقّ تجمعه النجمي كما ذكرتُ تحت
تأثير سرعته الهائلة متجهاً نحو مجموعتنا الشمسية ..؟
وماذا لو كان فئ مراحل عمره الأخيرة فتحول إلى سوبر نوفا ثم إلى ثقب أسود فأحدث خللاً في نظام مجموعتنا أو التهمها وكسّر عظامها بقوة جاذبيته ..؟.
علينا أن نجيب إذن، ونتعامل معه في السطور التالية من المقال .
ما عوامل ضعف وقوة جاذبية الثقب الأسود ..؟
نفترض بعد عقوقه أنه ظلّ يتحرك إلى أنْ انفجر متحولاً إلى ثقب أسود على بعد 20 سنة ضوئية من الأرض، ثم ثبت مكانه وظلَّ يدور حول نفسه .
مقدار جذبه للمجموعة الشمسية حينئذٍ يتوقف على كتلته، والمسافة الفاصلة بينه وبين المجموعة، وهذه المسافة المقترحة من عندي قريبة جداً جداً لكي يؤثر في ديناميكية المجموعة الشمسية بعد بضع مئاتٍ من السنوات ضوئية، فيُحدث خللاً في نسقها التجاذبي فيحرفها عن مسارها حول مجرة درب التبانة، كذلك كتلته كبيرة نسبياً، فتكون جاذبيته بمثابة فم يبتلعنا وهو على بعد العشرين السنة الضوئية مستقبلاً.
في هذه الكارثة الكونية نكون محظوظين، لو أنَّ ما حول محيط أُفق حدثه من أجرام فارغاً فلا يجد ما يبتلعه فلا تزداد كتلته ولا تزيد جاذبيته لنظامنا الشمسي، بل تقل
يظهر في الصورة ثقب لسود
مع مرور الزمن بسبب خروج إشعاعات “هوكينغ” نتيجة ظواهر كمومية، ومحظوظين أيضاً لو كان ثقباً من الثقوب الدوّارة وامتلك في مركزه ثقباً دودياً.
على كلٍ فهو خطر ويجب وجود حل.
فما الحل ..؟
هل ممكن القضاء على الثقب الأسود قبل أن يقضى علينا ..؟
1-إشعاع هوكينغ هو إشعاع حراري تتنبأ الفيزياء بأنه يصدر عن الثقوب السوداء نتيجة لظواهر كمومية.
هوكينغ هو الذي برهن نظرياً على وجود هذه الإشعاعات سنة 1974.
ويعتقد إلى أن إشعاع هوكينغ هو ما يتسبب في تقلّص الثقوب السوداء واضمحلالها، ومِن ثَمّ ضعف جاذبيتها وموتها، شريطة أن تكون الأجرام السماوية بعيدة عن أفق أحداثها.
2-قطعاً، إنّ ثقبنا المتطفل متكون من المادة، لأنه لو كان من المادة المضادة لانفجر وفُنِي في فضاء مجموعتنا الشمسية بعد تصادمه مع كمية متساوية من مادته المضادة ومطلِقا نتيجة ذلك التصادم أشعة جاما.
ونظرياً لو استطعنا أن نحصل على كمية من المادة المضادة وحجزناها في مصائد متطورة من مصائد بيننج حتى لا تتلاقى مع مادة الفضاء وحملناها على متن محرك رامجت الاندماجي الذي لو استطاع الحفاظ على تسارع G1 لمدة سنة واحدة فسوف يصل إلى سرعة مقدارها 77 في المائة من سرعة الضوء، مما يسمح لنا بالوصول
إلى الثقب خلال 25 عاماً أرضياً تقريباً، فإنه بلا شك سيقلل من كتلة الثقب، نتيجة فناء بعضٍ من كتلته إثْر التصادم والالتقاء بالمادة المضادة، وتزداد تبعاً لذلك إشعاعاته المطرودة فتقل جاذبيته ويقْصر عمره.
ولن نحتاج إلى سرعة هذا المحرك بمجرد اقتراب المركبة الحاملة للمادة المضادة من أُفق الحدث، إذْ أنّ جاذبية الثقب سترفع عن المحرك والملتقط عناء العمل ويجذبها كالمقلاع بسرعة الضوء.
وهذه الطريقة نظرية وملآنة بالصعوبات.
ويرجع ذلك إلى أنّ الوقت الذي يستغرقه محرك رامجت حتى يصل إلى أفق الحدث لن يقل عن 25 عاماً أرضياً، ومع ذلك فإنها فترة كافية لتقليل فاعلية جاذبيته قبل أن يجذب الأرض ويلوكها في فمه.
وليس من السهل توفير سُبل دعم الحياة من شراب وطعام وأكسجين على مركبة فضائية لمدة 25 عاماً، وأيضا ليس سهلاً على رواد الفضاء أن يسْلَموا كل هذه المدة إلا إذا كانوا في ديناميكية الحركة المعلقة “السبات الفضائي”، وأيضا مركبة تسير في الفضاء كل هذه المدة بلا أعطال تعوقها لأمر مستبعد.
ومحرك رامجت هذا قيد التجربة ويحتوى على معضلتين هما ..
الأولى صعوبة تفاعل اندماج “بروتون بروتون” معاً بمفاعل اندماج رامجت، علاوة على عدم إمكانية المفاعل بتزويد المحرك بالطاقة الكافية، وهذا يمثل تحدياً تقنياً في القرون القادمة .
لكني أقترح دخول “بروتون بروتون ” في مصادم هادرونات صغير ومتطور ضمن
ملتقط الهيدروجين لإحداث عملية الاندماج التام فترتفع درجة الحرارة المرجوة اللازمة لإحداث اندماج نووي معتبر نتيجة التصادم.
والثانية عدم كفاية الهيدروجين المستخدم كوقود في الجو:وقلة الهيدروجين لا أجد لها حلاً نظرياً .
كذلك من الصعوبات هو الحصول على المادة المضادة، فيعتقد أنها موجودة في جيوب ما في الفضاء وجار البحث عنها ولم تسفر عمليات البحث عن شيء، فحاول الفيزيائيون تصنيعها وما صنعوه على مدى 33 عاما إذا انفجرتْ على طرف
إصبعك لن تكون أكثر خطورة من إضاءة عود ثقاب .
3- الوصول إلى الأكوان المتوازية لمقابلة حضارة أرقى منا …
صورة لشكل الأكوان المتوازية
إذا قُدر لنا بطريقة ما الوصول إلى كونٍ متوازٍ لنا أو عدة أكوان، فلعل حضاراتهم تكون أرقى منا بملايين السنين، فنجد لديهم طريقة لصنع المادة المضادة أو يرشدونا على جيوبها في كوننا، أو حتى يعلّمونا طريقة ما نستطيع بها أن نتغلب على ثقبنا المارق، فحضارة أرقى منا بملايين المرات قد يرون في الثقب الأسود دُمية يتسلّون بها.
ولا أجد وسيلة للوصول إلى تلك الأكوان إلا عبور الثقب الدودي المتمركز في الثقب الأسود.
ومسألة العبور تلك تمثل تحديات هائلة تواجهنا، لأن نتائجها غير مضمونة بالمرة، وتداعياتها خطيرة جداً.
كذلك، فلابد لنا من معطيات ومواصفات خاصة في ومن الثقب الأسود وهي :
أن يكون في مراحل شيخوخته .. ونعلم ذلك بتوقف صدور إشعاعاته للخارج أو قلتها
، إذ يعبّر هذا عن ضعف الاندماج النووي في نقطة التفرد نسبياً، مما يسهل لنا العبور عبر جسره ب “حقول قوة” حول المكوك العابر تمثل دروعاً ضد درجة حرارة مركز التفرد.
أن يكون الثقب الأسود من النوع الدوّار .
أن يكون الكون في حالة تمدد .. حتى يسمح بتوسيع الثقب، إذ أن حجم الثقب لا يسمح بمرور وحدة القيادة، فحجمه حوالي 25سم.
أن نمتلك آلة زمن .. للتوافق بين موعد فتح الثقب ولحظة العبور، ويقوم بتوفيق هذا حاسوب متطور على متن وحدة القيادة.
أن يحتوى الثقب الدودي على كمية كافية من المادة الغريبة .. التي قد تكون ناتجة بشكلٍ طبيعي أو تمت إضافتها صناعياً، وتلك المادة تحمي فتحة الثقب من الانهيار، وهناك محاولات جادة من العلماء لاكتشاف المادة الغربية التي تستطيع أن تبقي الثقب الدودي لفترة تسمح بالعبور من خلاله، فإذا اكتشفوها أمكننا العبور.
وعند الوصول بالقرب من أفق الحدث لابد أن تنفصل وحدات المركبة ولا يتبقى منها غير وحدة القيادة برائد واحد، وهنا يتعطل كل شيء، حيث ما يدفعك ليس المحرك، بل قوة جاذبية الثقب التي تجذبك نحوها فتسير أنت بسرعة الضوء وتسير عائداً إلى الماضي بسبب تشوّه الزمان، إذ يتباطأ بسبب سرعتك التي أحدثتها جاذبية الثقب.
وبعد كل هذه التحديات نكون محظوظين إذا عبرنا، ومحظوظين إذا تحقق بعض ظن العلماء بوجود أكوان متوازية، وكذلك لو كانت حضاراتهم أرقى منا بملايين السنين، فقدْ يصل رقيُّهم إلى درجة أنهم قد يتلاعبون بمثل هذه الثقوب السوداء، ومع كل هذه التسهيلات قطعاً سوف نفجّر الثقب الأسود أو نلهو به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق