أخبارمتفرقات

ما وراء مخطط التنمية بالكابـــــــلاج ..؟!

ذ. عبد اللـه عزوزي

 AZZOUZI AZZOUZI لطالما افتخر السياسيون عبر العالم برصيدهم المتعلق بالصفقات التي أبرموها مع المستثمرين الأجانب .. طبعا، لا أحد سينكر قدرة تلك الصفقات في خلق التغيير الميداني و تغيير الخريطة الاجتماعية نحو الأفضل، عبر تحسين البنية التحتية و خلق فرص الشغل التي بدورها تحدث ثورة في الثروة و الرفاهية على مستوى الأفراد و الأسر.

في الحالة المغربية، استوطنت العديد من شركات البلاستيك و الكابلاج و النسيج، و شركات صناعة السيارات و إكسيسواراتها .. بكل من مدينة طنجة و مدينة القنيطرة، و هي الآن تشغل آلاف الخريجين المغاربة، خاصة من ذوي التكوين العلمي القصير (باك+2 أو+ 4) .. بخصوص هذا الواقع و هذه المعطيات أريد أن أشارككم الملاحظات التالية :

• إن هذه الشركات المستثمرة لها أجندة مختلفة عن تلك التي عند الحكومة، فهي باستثماراتها تلك تحاول الاستفادة من اليد العاملة الرخيصة ( دون استفادة العمال من غطاء نقابي قوي كذلك المتعارف عليه في البلدان الأصلية لتلك الشركات)، فضلا عن هامش الربح الإضافي الذي تجنيه من فارق الصرف بين الأورو و الدرهم) .. فلو افترضنا أنها تدفع 6000 إلى 8000 آلاف درهم لكل عامل شهريا، فهذا المبلغ ليس سوى أجرة مساعد تاجر أسبوعية في فرنسا على سبيل المثال، أضف إلى هذا أن تلك الشركات، رغم غناها، لا تفكر حتى في توطين استثماراتها بالمدن الداخلية كجرسيف و تازة و فاس و الراشدية و مراكش، لأنها غير مستعدة لنفقات الشحن و النقل الإضافية (و بالتالي فهذا هو الاستغناء بعينه).

• ثم دعونا نتأمل مصير شاب، متخرج جديد، الذي يحصل على عقد عمل مع تلك الشركات: شاب ينتقل من وجدة أو أكادير إلى طنجة، فأول ما يفكر فيه هو اقتناء شقة، ظنا منه أنه بذلك سيحتفظ لنفسه بميزانية الكراء حتى لا تذهب سدى، كم سيتطلب الأمر من التقني الشاب حتى يكمل ثمن شقته، و لربما سيارته ..؟

• ثم لنقارن بين جيل المهاجرين المغاربة إبان فترة ما بعد الاستقلال إلى حدود نهاية الثمانينات الذين اشتغلوا في نفس شركات رونو و بوجو بفرنسا و فولزفاكن بألمانيا، و تأثير عائداتهم و تحويلاتم المالية على الاقتصاد الوطني (دون أن ننسى تأثيرهم على ثقافة البلد المضيف و تعريفهم بثقافتهم المغربية و هويتهم الإسلامية)، و بين الجيل الجديد من عمال شركات صناعة السيارات (أو غيرها) الذين وجدوا تلك الشركات عند عتبات منازلهم .. لنتأمل معا مسار أولئك و مسار هؤلاء.

• ألا تعتبر هذه الاستثمارات (الصلبة) طريقة من طرق محاصرة الهجرة بدول الجنوب، بل آلية جديدة للتأثير في المنظومة التعليمية و الاقتصادية و الاجتماعية للمغرب عبر صناعة جيل جديد ينظر للحياة على أنها “مسار دراسي تقني قصير+ عقد عمل + شقة ثم زواج (و الذي هو في طريقه إلى التحول إلى سابع المستحيلات في الأفق المنظور)” ..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق