أخبارملفات و قضايا

أخنوش وتحدي إلغاء الزيادات الأخيرة في أسعار المواد الاستهلاكية والمحروقات

ليس أمام عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، في بداية تدبيره الحكومي إلا البحث عن ما يقوي ثقة الناخبين عبر مراجعة وإلغاء الزيادات الأخيرة في أسعار المواد الاستهلاكية، التي أقرتها حكومة العثماني قبل نهايتها، وإلا البحث عن كيفية حماية السلم الاجتماعي في سياسته الاقتصادية، التي يسعى إلى نهجها في إطار الليبرالية الديمقراطية الاجتماعية، التي لا يزال السواد الأعظم من المواطنين دون الحد الأدنى من شروطها الإنتاجية والتسويقية كانعدام  قدرة دخلهم الفردي والجماعي على تحمل أي زيادة جديدة لا تتلاءم ومستوى معيشهم، الذي تبخر بفعل التضخم وانعدام الضمانات في الاستقرار وشح المداخيل والقروض الاستهلاكية الملائمة لأوضاعهم المعيشية، والآثار المدمرة الاقتصادية لجائحة كورونا، التي لايتوقع مواجهتها بالتدابير الحكومية الحالية

إن مطلب مراجعة وإلغاء الزيادات الأخيرة يمثل تحدي مصيري بالنسبة لحكومة أخنوش، ويجب أن يكون ضمن الإجراءات الأولى في حياة حكومته، إن كان يعلم حجم الاستياء والسخط لدى المغاربة على الأداء الحكومي للبيجيدي، الذي لجأ إلى الزيادة في الأسعار في عز الحملة الانتخابية، مما كانت له مضاعفات على التصويت العقابي للمغاربة في استحقاق 08 شتنبر 2021 .. ونظن في الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن أخنوش وفريقه الاقتصادي لن يتأخر في معالجة المشكل وإيجاد الحلول قبل استفحال الردود السلبية للمغاربة على أداء حكومته، قبل انخراطها العملي .. ونعتقد، أن باقي مكونات تحالفه الحكومي سينخرط تلقائيا في هذا الإجراء الإصلاحي الاقتصادي الاستعجالي لحماية السلم الاجتماعي، وحماس المواطنين في دعـم التغيير الذي خلفته أصواتهم الانتخابية

طبعا، التدخل لإصلاح واحتواء الانفلات في أسعار المواد الاستهلاكية لاينبغي لحكومة أخنوش الاستخفاف به لارتباط التدخل بتوفير الدعـم الشعبي المحصل عنه في الاستحقاق الأخير، وهذا لا يكون مستبعدا لدى رئيس الحكومة وهو فاعل اقتصادي، يدرك خطورة ذلك على السير الطبيعي للاقتصاد والذي يستلزم السرعة في المعالجة المطلوبة، لأن ضمان وتحسين وشرعنة مبادئ الليبرالية الديمقراطية الاجتماعية تقتضي حضور هذا الوعي لدى متخذي القرار الحكومي الاقتصادي، الذي يتضح عدم تحركه في حكومة البيجيدي، مما فاقم من الوعي السلبي لدى الناخبين، وكانت نتائجه واضحة على اتجاه تصويت المواطنين المغاربة لصالح التغيير، الذي قد يطال حكومة أخنوش إذا تجاهلته أثناء تدبيرها الحكومي، سيما في أوضاع الهشاشة والبطالة والفقر التي يعاني منها فقراء الوطن

لن نسبق الأحداث، وسننتظر تعامل أخنوش مع هذا المعطى الاقتصادي الطارئ، لأن كل الاحتمالات واردة سلبا وإيجابا .. خصوصا، أن حكومته ستنبني على ما تم تحديده في النموذج التنموي الجديد، الذي نتمنى أن تكون فيه معالجة لإشكالية السلم المتحرك للأجور والأسعار، الذي لم يعرف طريقه إلى التطبيق عبر جميع الحكومات المتعاقبة، وهو يعتبر وسيلة فعالة لملاءمة الأسعار مع القوة الشرائية للمواطنين .. ناهيك، عن ضمانه للسلم الاجتماعي، الذي يقلل من الاحتقان والاحتجاج في صفوف الفئات المجتمعية الهشة، التي تفتقر إلى الحماية و وسائلها، نتيجة البطالة وانخفاض الدخل والمستوى المرتفع لحاجياتها الاستهلاكية المعيشية الضرورية في الاقتصاد الوطني، الذي يحتاج إلى ترميم اختلالاته وأمراضه البنيوية المزمنة حتى الآن

إذن، الحكومة الجديدة مطالبة بوقف تحرير الأسعار والتحكم فيها، إن كانت تتطلع إلى الحصول على الموافقة والدعـم من عموم المواطنين .. خصوصا، في بداية تدبيرها .. وخصوصا، أن أخنوش يعلم جيدا أن الحلول الاقتصادية لا يجب أن يدفع آثارها الكارثية فقراء الوطن في مقابل الأقلية المستفيدة من الواقع الاقتصادي الراهن .. ناهيك، أن تخليق الحياة الاقتصادية بترشيد النفقات العمومية وإقناع الفاعلين الاقتصاديين بضرورة الكف عن السرقة المنظمة للأرباح في مشاريعهم الاقتصادية، والمساهمة التلقائية في دعـم التضامن الوطني في الأزمات من شأنه تقليص موجة مشاعر الغضب والسخط التي يمكن أن تنفلت عن مسارها الطبيعي التلقائي في أي وقت، وهذا غير مرغوب فيه في ظل الليبرالية التي يسوق لها أخنوش اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق