أحزاب و نقاباتأخبار

بلاغ للرأي العام حول تقييم حصيلة 100 يوم الأولى من عمر الحكومة المغربية

مراسلة – حسن لكحل

“إرادة سياسية في التغيير أمام ركود اقتصادي وعجز اجتماعي  كبير  و ضعف الإمكانيات والنتيجة  حصيلة متواضعة”

       قد لا  يجادل أحد  في أن  حكومة السيد عزيز أخنوش، تسلمت زمام أمور تدبير الشأن العام  بحصيلة اقتصادية واجتماعية وثقافية ثقيلة، مطبوعة بمجموعة من الاختلالات  البنيوية والهيكلية، وثقل المديونية الداخلية والخارجية،  و خدمة الدين التي تسبّبت  في استنزاف مقدّرات الوطن وإعاقة صموده  في وجه التحدّيات الاقتصادية و الاجتماعية المتراكمة، تترجمها  الارتفاعات  في  مؤشرات و معدلات  الفقر والبطالة، وتفاقم وضعية الأسر المغربية، وانهيار قدراتها الشرائية، وتراجع المستوى المعيشي للمواطنين، كما جاء في التقرير الأخير  للمندوبية السامية للتخطيط، نتيجة ارتفاع معدل التضخم  وأسعار المواد الغذائية الأساسية وأسعار الخدمات الاجتماعية، وارتفاع  مديونية الأسر المغربية  وأغرقها 

في مستنقع  الديون  “الكريديات ” التي تمتص أزيد من 50 في المائة من دخلها الشهري، وعجز وخصاص  كبير على مستوى التوزيع المجالي  الترابي  للبنيات  التحتية  والخدمات الأساسية و الاجتماعية

    عوامل مجتمعة  زادت في اتساع   فجوة  التفاوتات  والفوارق الطبقية والمجالية،  و تدحرج  الطبقة الوسطى إلى الأسفل، علاوة على ضعف الحماية الاجتماعية التي لم تتجاوز 46 %، وتراجع وتدهور المدرسة العمومية وضعف جودة العملية التعليمية، وانهيار  المستشفيات العمومية .. هذا طبعا، في ظل استمرار الضغط  لجائحة كوفيد -19 على مختلف مناحي الحياة، وما  خلفته ولاتزال  من آثار و تداعيات اجتماعية واقتصادية وخيمة

ففي سياق تقييم  الأداء  الحكومي، ليس من السهل  القيام  بتقييم موضوعي   لأداء الحكومة الجديدة و حصيلتها في 100 يوم فقط، فهي مدة غير كافية للحديث عن تقييم  شامل  شفاف  و  بمؤشرات  علمية  و ذات مصداقية، كما  أن أغلب الخطط والإستراتيجيات المعلن عنها  في  التصريح الحكومي  لا تزال مجموعة منها مجرد مشاريع  أوراش لم  تر النور بعد،  ولم يتم تنزيلها أو أجرأتها على أرض الواقع، وبعضها الآخر  بمثابة أفكار  قيد الدرس و دراسة الجدوى .. لكن، العرف الذي دأبت عليه جميع الدول والمغرب منذ حكومة التناوب في الممارسة السياسية يحتم و يقتضي القيام  بتقييم حصيلة 100 يوم،  بما فيه التوجهات والمخططات العامة والمقاربات السياسية  والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المعتمدة، وأولويات الإصلاح والتغيير

فتقييم  الأداء الحكومي  بهدف  الوقوف على بعض المؤشرات الإيجابية و النقط السلبية، في  هذه المدة، ومدى التزام الحكومة بتفعيل الوعود الواردة  في برنامجها الحكومي، و رصد الرغبة والعزيمة  و الإرادة السياسية لدى صناع القرار الحكومي في إحداث تغييرات جذرية  و إيجابية لتجاوز الأزمة الشاملة التي راكمها المغرب في ظل الحكومة السابقة  والمعوقات التي تعترضها  و تقييم قدراتها على تنفيذ  الالتزامات والمخططات المعلن عنها في التصريح الحكومي، و مصادر تمويلها وآليات تنفيذها

   فعلى مستوى تدبير الأزمة الصحية والإنسانية، المتمثلة في جائحة كوفيد-19 -، لم نشهد في الواقع  تغييرات  على مستوى منهجية  التدبير و طرق تنزيل القرارات المتعلقة بحالة  الطوارئ الصحية، لقد واصلت الحكومة  اتباع  نفس المنهجية، دون التفكير  في  تقييم  التجربة السابقة ونتائجها بسلبياتها وايجابياتها  .. و لنقف  على نقط الضعف والقوة، لتعزيز آليات المواجهة دون المساس بالحقوق والحريات الأساسية والتقليل من تداعياتها على الاقتصاد الوطني .. لكن، الملاحظ، أن أغلب القرارات الصادرة عن حكومة  عزيز  اخنوش، كانت  متسرعة و مرتجلة، ومؤلمة أحيانا، حيث تم  فرضها  على الموطنين  بطريقة عشوائية، ودون سابق إنذار، ودون تعليل  للقرار، وظلت المرجعية الرئيسية  لصناع القرار السياسي  هي اللجنة  العلمية والتقنية المجهولة التكوين، هذا فضلا عن  تضارب تصريحات صناع القرار السياسي (الحكومة)  والقرار العلمي (اللجنة العلمية والتقنية) فغاب القرار السياسي المقنع، وغاب التحليل العلمي ومصادره  والتواصل الصحي والبيداغوجي لكسب ثقة المواطن، حيث  ظل الغموض سيد الموقف في غياب معطيات علمية أفضل، مما سهل  فتح الأبواب ل “خبراء وتجار  الأزمة” لترويج معلومات و معطيات مضللة والأخبار الكاذبة والمزيفة،  و خرافات   الطب الشعبي  عبر وسائط للتواصل الاجتماعي  في غياب إستراتيجية إعلامية تواصلية للمواجهة

     هذا، علاوة على قرار الإغلاق الشامل، وما كان لها  من انعكاسات سلبية على قطاعات ذات أهمية في تنمية الاقتصاد الوطني، كالسياحة التي تمثل 7 في المائة  من الدخل الوطني الإجمالي وتشغل ملوني أجير

    أما على المستوى الاقتصادي والمالي، فلم يخرج قانون مالية 2022 عن قاعدة التوازنات الماكرواقتصادية، وظل النظام الضريبي خارج توصيات المناظرة الأولى والثانية، وبعيد عن مفهوم العدالة الضريبية، و دون مستوى انتظارات  الأغلبية الساحقة من الجماهير الشعبية والعمالية  والمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، ولا  يرقـى إلى ترجمة الشعارات المعلنة  في التصريح الحكومي،  ويفتقر إلى الأجوبة الحقيقية على التحديات المطروحة و لا يجيب على  انتظارات الطبقة العاملة المغربية في تحسين أجورها والرفع من قدراتها الشرائية، فضلا عن أن التوقعات تظل رهينة بالتساقطات المطرية  .. علما، أن مستوى النمو سيعرف تباطئا سنة 2022  مع ارتفاع نسبة التضخم 

كما نسجل على الحكومة اتخاذها لمجموعة من القرارات المتسرعة التي تتطلب الإشراك  والحوار والإنصات  وعدم التسرع، وربما الرجوع إلى  المؤسسة التشريعية لإصدار قوانين أو مراسيم  جديدة .. و تتجلى هذه القرارات المتسرعة في فرض جواز التلقيح، تم تحويله إلى الجواز الصحي بطلب من المجلس الوطني لحقوق الإنسان،  وتسقيف سن التوظيف لولوج المهن التعليمية والتربوية في ثلاثين سنة، وارتفاع أسعار الوقود والمواد الاستهلاكية وترك شركات التدبير المفوض دون مراقبة في فرض أسعار مرتفعة للماء والكهرباء

       فلم تعمل الحكومة الجديدة  على  اتخاذ إجراءات وتدابير لحماية المستهلك  بوقف ارتفاع أسعار المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك و أسعار المحروقات وخدمات النقل والتجهيزات المنزلية و مواد البناء

    تظل الميزانية المخصصة  للمنظومة  الصحية ضعيفة  في ظل تزايد الحاجيات و متطلبات مشروع إصلاح الشبكة  الاستشفائية العمومية وتأهيلها للمنافسة مع القطاع الخاص، الذي أضحى يستحوذ على 86 % من نفقات صناديق التأمين الصحي، وضرورة  تحقيق العدالة الصحية المجالية  في إطار  تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض

   *استمرار القلق والاستياء  وسط الطبقة العاملة، بخصوص عدد من الملفات المزمنة، والتزامات الحكومة بالزيادة في الأجور ومراجعة الأنظمة الأساسية وتحقيق العدالة الأجرية، واحترام مقتضيات مدونة الشغل

   **التزام أحد أحزاب الائتلاف الحكومي  بمراجعة ملف الأساتذة المتعاقدين وإدمجاهم في النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، كما كان هناك التزام  أحد أحزاب الأغلبية أيضا بمراجعة التوقيت الحالي والعودة إلى ساعة جرينويتش

   *** قلق  واستياء  من طريقة تدبير الدعم المالي الحكومي بحرمان  مجموعة  من القطاعات المتضررة من تداعيات جائحة كورونا، خاصة في قطاع السياحة

     **** ضعف  التواصل حول مختلف التدابير والإجراءات الحكومية، أو في ما يخص مجموعة من الملفات والقرارات المثيرة للجدل 

  *****   غياب الحوار  الاجتماعي المؤسساتي  مع  الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين بمنظور آخر خارج المقاربة التقليدية العقيمة توقيع اتفاقيات دون تتفيذها .. وفي نفس السياق، لابد من أن نسجل المجهودات الخيرة التي بذلتها  حكومة السيد عزيز اخنوش في

  ظرف وجيز  في 100 يوم  من عمرها، رغم الإكراهات والتحديات وثقل المسؤولية في ظل الجائحة، نذكر منها أساسا : 

* على  المستوى السياسي تحقيق تنسيق و انسجام حكومي بتوقيع ميثاق للأغلبية، لتفادي ما سقطت فيه الحكومة السابقة، من اختلافات وصراعات أثرت بشكل سيء على الأداء والسرعة في التنفيذ، وعطلت عجلة إنجاز عدد من المشاريع الاستثمارية المبرمجة، كما صادق البرلمان المغربي على التصريح الحكومي، وعلى القانون المالي

     لسنة 2022، وهي مكاسب مهمة ومشجعة للتدبير الأسلم والناجع، في وضعية مريحة لأغلبية متجانسة بغرفتي البرلمان

       * على مستوى العلاقات الخارجية، لوحظ  حضور سياسي دبلوماسي وازن  في الدفاع عن القضية الوطنية في المحافل الدولية بجرأة سياسية غير معهودة، في مواجهة أعداء وحدتنا الترابية كأولوية  وطنية

* نجاح الحكومة في التنفيذ للالتزامات  المتعلقة بمواصلة  تنزيل المشروع الملكي المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، وفق الأجندة المرسومة لها، و في الآجال المحددة لذلك، وتعبئة الموارد المالية لتنفيذها، بدءا بتعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض   بنهاية سنة  2022، وتحقيق التغطية الصحية لأزيد من 11 مليون مغربي، وتوفير المعاش لفائدة ما يناهز 8 ملايين مغربي ومغربية، منهم، على الخصوص، مليون و600 ألف فلاح، ونصف مليون حرفي، و170 ألفا من سائقي سيارات الأجرة، بالإضافة لذوي الحقوق المرتبطين بهم، كما ستعرف سنة 2022 إطلاق المرحلة الثانية من تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، من خلال توسيع نطاق المستفيدين ليشمل الفئات الهشة والفقيرة، والتي تستفيد حاليا من نظام المساعدة الطبية لذوي الدخل المحدود

 * الشروع في تنزيل السجل الاجتماعي و تفعيل القانون رقم 18. 72، والذي يتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات

    * تشجيع الاستثمار  بالمصادقة على مجموعة  من المشاريع الاستثمارية والاتفاقيات   

* أداء متأخرات الضريبة على القيمة المضافة لفائدة الشركات والمقاولات المغربية، مما كان له أثر إيجابي على وضعيتها المالية .. الاستمرار في تعويض المتضررين من تداعيات الجائحة، خاصة بعض المقاولات وأجراء القطاع الخاص المسجلون في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي

 * تخصيص  2.25 مليار درهم لإطلاق برنامج أوراش، وَهُوَ برنامج حكومي يروم تَوْفِير 250 ألف فرصة شغل لِفَائِدَةِ الأشخاص غير المتعلمين وغير الحاصلين عَلَى شهادات تعليمية

 توصيات المنظمة الديمقراطية للشغل

    *فتح أبواب الحوار الاجتماعي المؤسساتي بإصدار قانون للحوار الاجتماعي وتنزيل المادة الثامنة من الدستور، المتعلقة بتنظيم الحقل النقابي  وشروط ومعايير التمثيلية النقابية ومراقبة تمويل النقابات

   **  تنفيذ الإصلاحات الضريبية والحد من الريع  والامتيازات الضريبية الغير مبررة  اقتصاديا واجتماعيا، لضمان  تملك الدولة للوسائل اللازمة لتأمين الخدمات الأساسية ومعالجة الفقر واللامساواة، وتحقيق العدالة الاجتماعية

  ***الإصلاح الضريبي شرطٌ أساسي لبناء  الدولة الاجتماعية، وبناء عقد اجتماعي جديد قوامه العدالة الاجتماعية, والتفاعل مع التطورات التكنلوجية والرقمنة

     ****  إعادة النهوض بالسياسات العمومية، وتأهيل الاقتصاد الوطني وفق مقاربة الدولة الاجتماعية، من خلال معالجة التفاوتات الحادة في  توزيع الثروات و المداخيل، والتخفيف من الأضرار التي تسببت فيها جائحة كورونا، وتنزيل ميثاق النموذج التنموي الجديد الذي يقطع  تدريجيا مع  النيوليبرالية المتوحشة  ليتّجه نحو  الدولة الاجتماعية  والسيادة الوطنية

   ***** إجراء إصلاحات هيكلية تؤدّي إلى تعزيز الشفافية والاستقرار المالي، فضلًا عن الحد من الفساد  والريع واقتصاد الامتيازات والتهرّب الضريبي

  ******فرض ضريبة على الثروة من أجل تمويل العمليات الاجتماعية الضرورية

*******محاربة السكن غير اللائق ومراقبة تدبير الوكالات الحضرية و تامين السكن الاجتماعي بتكلفته الحقيقية وفق القدرة الشرائية و بأقل من 120ألف درهم

 ******** تحقيق العدل  والمساواة  وحماية حقوق الإنسان وحقوق العمل،  والإسراع  بالمصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم  

  و وضع برامج التحفيز الاقتصادي والتوظيف في أسلاك الوظيفة العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية  لحملة الشهادات الجامعية

  ********* الرفع من الأجور للموظفين والعمال وتحسين ظروف وشروط العمل اللائق  

والحفاظ على الأمن الإستراتيجي الغذائي  والدوائي، وعلى استمرار تدفق الإمدادات الغذائية بإعادة هيكلة القطاع الفلاحي، والحفاظ على الثروة المائية والبيئة، وتعزيز وتقوية مجال الثقافة والفن والرياضة، وحماية الطفولة و الشباب وضمان حقوقها والاستثمار في العنصر البشري

المكتب التنفيذي علي لطفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق