أحزاب و نقاباتأخبار

مداخلة الأستاذ علي لطفي في الندوة الصحافية لشرح دواعي وأسباب الدخول في إضراب احتجاجي أنداري يوم الاثنين 20 يونيو 2022

مراسلة – حسن لكحل

الأخوات والإخوة من كل المنابر الإعلامية، الأخوات والإخوة النقابيات والنقابيين،

تحية إعلامية، ونضالية عالية

في إطار العمل المشترك والتنسيق من أجل فعل نضالي موحد يهدف إلى إعادة الاعتبار للممارسة النقابية الجادة والمسؤولة، بعيدا عن الرتابة والتسويف وترسيخ ثقافة الانتظارية، التي مهدت الطريق للدولة، كمعبر عن مصالح “الباطرونا”، للاستمرار في إصدار القرارات التي تروم الإجهاز على المكتسبات التي راكمتها الطبقة العاملة، من موظفين، ومستخدمين، ومأجورين، وعموم الشعب المغربي، والتي كان آخرها الاتفاق الذي سلم زمام الأمور إلى “الباطرونا” لتحدد معالم المرحلة القادمة بغية الهيمنة بشكل نهائي على المشهد السياسي، والنقابي، والإعلامي، بشكل يضمن لها الاستمرار والاغتناء، خارج معادلة “رابح – رابح”، والتي كنا من المدافعين عليها ولازلنا، لإيماننا الراسخ من كونها معادلة من شأنها أن تجعل من سوق الشغل رافعة حقيقية للاقتصاد الوطني، على أساس استفادة الجميع وبشكل عادل من الثروة المنتجة، وكذا دفاعا على الرأسمال الوطني وإمكانيات تطويره، مع ضمان الحد الأدنى لشروط العيش الكريم للطبقة العاملة وعموم الشعب المغربي، كما هو متعارف عليها كونيا

اليوم، نحن نعيش على وقع صمت رهيب بخصوص ما يقع في البلاد، من أوجه الخصاص والفقر والحكرة بمختلف أشكالها وأنواعها وفي مختلف المجالات، سواء المتعلقة بحرية الرأي والصحافة، التنظيم والتوسيع النقابي، الحريات الفردية والجماعية .. ناهيك عن الإمعان في ترسيخ ثقافة الريع والمحسوبية والزبونية، وكذا واقع الهشاشة والاحتياج والتسول المستشري في المجتمع، نتيجة نهج سياسات تمعن في التفقير والإذلال، من خلال سن قرارات وإجراءات غير ديمقراطية وتضرب في العمق القدرة الشرائية لعموم المواطنين

وعلى هذا الأساس، كان لزاما علينا كمركزيات نقابية أن نتحمل جزء من المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا، على اعتبار كوننا نشكل جزء من الفاعلين في هذا الواقع، وفاء للمبادئ التي تأسسنا عليها وقناعاتنا الراسخة بالاصطفاف إلى جانب الجماهير الشعبية في الدفاع على مطالبها وقضاياها العادلة والمشروعة، والمؤطرة بعنوان عريض، ألا وهو  الديمقراطية والتنمية

إن خوض هذا الإضراب يصادف الذكرى 41 للانتفاضة الشعبية المجيدة ليوم 20 يونيو 1981، وكل التضحيات التي قدمها الشعب المغربي، وما صاحبها من عمليات الاستشهاد والاعتقال .. لذا، لا بد من الإقرار بكل المسؤولية والصدق، بأن هذه اللحظة هي شبيهة بالأمس، وكل المؤشرات تسير في اتجاه الانفجار، أمام استقرار هش ومستقبل غير واضح المعالم

واحتراما لهذه الذكرى، وحتى لا تتكرر مآسيها، فإننا ننتهز الفرصة اليوم لندق ناقوس الخطر، ليتحمل كل واحد مسؤوليته، الدولة والحكومة، والأحزاب السياسية، والإطارات النقابية، وكذا المجتمع المدني، كما يجب على جميع القوى الحية المؤمنة بالديمقراطية والمساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية، المساهمة أيضا من أجل إخراج البلاد من هذا المأزق

بالفعل، إننا نشجب سياسة هذه الحكومة وسابقاتها، التي جعلت من تدبيرها للشأن العام مجالا لتفقير الطبقة العاملة والموظفين والمستخدمين والمأجورين، وعموم الشعب المغربي، وذلك من خلال:

*      عدم الاستجابة للملف المطلبي الاجتماعي في شموليته، وفي كل القطاعات الاجتماعية الحيوية .. كالتعليم، والصحة، والشغل، والسكن، والنقل، والبحث العلمي، وكل القطاعات الأخرى المساهمة في إنتاج الثروة الوطنية

*      التناقض الصارخ بين دستور البلاد في مجال التنظيم والتأطير وبين الواقع الذي يكرس المنع والتضييق

*      انعدام المقاييس الموضوعية والشفافة التي تضع الجميع على قدم المساواة، بخصوص الدعم العمومي المقدم، كريع للإطارات الحزبية والنقابية، لكي يصبح المشهد السياسي والنقابي مطبوعان بتمثيلية مصنوعة ومفترى عليها

*      الزيادة الصاروخية المتتالية في أسعار المواد الأساسية (الدقيق، والزيت، والسكر)، وكذا الارتفاع المهول في أسعار المحروقات، في ظل انعدام الدعم، وفي ظل استمرار الأزمة، على غرار بعض الدول الغربية وغيرها

*     عدم تفعيل الإجراءات المتعلقة بتسقيف سعر المحروقات

*      العمل على ضمان تدخل الدولة من خلال توفير الدعم عبر صندوق المقاصة، وتصحيح الاختلالات المتعلقة بعدم تفعيل الإجراءات المصاحبة لاستقرار الأسعار وترك استغلال بعض القطاعات الحيوية محصورا في شركات معينة، وفي غياب شروط منافسة حقيقية وشريفة

*      تعميم التغطية الصحية التي تظل شعارا للاستهلاك

*      العمل على اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة حالة الجفاف المستمرة وانخراط الدولة في إيجاد مخارج واقعية تضمن استمرارية العيش الكريم، وتقويم فشل السياسات والبرامج الفلاحية المتعاقبة التي رصدت لها الموارد المالية الضخمة، وعلى الخصوص، برنامج “المغرب الأخضر”، والذي لا نرى من خضرته إلا استفادة كبار الملاكين

*      إيجاد الحلول لمشكل ندرة المياه التي تشكل إحدى المشاكل البنيوية بالمغرب، وما سيترتب عليها من عواقب تتعلق بالهجرة، سواء من القرى إلى الحواضر، مما سيضاعف من أحزمة الفقر بالمدن، أو إلى الخارج بطرق شرعية أو غير شرعية (قوارب الموت)

لكل هذه الأسباب، فإننا نحتج مرة أخرى على هذه السياسة اللاشعبية وعلى نتائجها الكارثية على الجميع، كما نطالب بما يلي:

*      التفاعل الإيجابي مع الملف المطلبي الاجتماعي في شموليته، وفي إطار الحوار الاجتماعي الوطني المسؤول والجاد، دون محاولة إفراغه من جوهره في إطار حوارات قطاعية هامشية وغير مجدية

*      الرفض القاطع للطريقة التدبيرية التي تمت بها ما اصطلح عليه باسم “إصلاح منظومة التقاعد”، على اعتبار أنها إجراءات ترقيعية وغير منصفة

*      العمل على تفعيل الدعم المخصص في إطار صندوق المقاصة، بما يضمن كرامة المواطن وحمايته من اللوبي المتحكم في بعض المواد الأساسية، وفي أسعار المحروقات

**      العمل على سن سياسة تسقيف الأسعار، وتفعيل التوصيات المنبثقة على بعض اللجن البرلمانية ومجلس المنافسة، للقطع مع السمسرة والمضاربات

**      العمل على الرفع من الأجر للجميع، وبدون استثناء، تماشيا مع ارتفاع الأسعار والتضخم، وكذا تحسين معاشات التقاعد

**      تنظيم قطاع النقل وإخراجه من دائرة اقتصاد الريع والاهتمام بالمهنيين وتحسين أوضاعهم المادية والمهنية، وسن قوانين وأنظمة ملائمة تستجيب لحاجيات العصر ومتطلبات المهنيين

**      إعادة الاعتبار إلى المنظومة التعليمية التي أصبحت متجاوزة ولا تواكب العصر وتنتج التخلف والجهل والعنف، والاستجابة إلى المطالب المشروعة لأسرة التعليم، وعلى الخصوص، مطلب إدماج الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد عبر إدماجهم في أسلاك الوظيفة العمومية

**     القيام بإصلاح عميق لقطاع الصحة وللعاملين به، أخذا بعين الاعتبار، للوضع الوبائي الذي كشف بالملموس عن عجز السياسات المتعاقبة في هذا المجال

الأخوات والإخوة

إن قرار خوض الإضراب العام يوم 20 يونيو 2022، هو قرار مفروض علينا بحكم الأسباب والدواعي التي تم التفصيل فيها في هذه المداخلة، وذلك دفاعا على مصالح هذا البلد وشعبه، وتمكينه من كل الإمكانيات المتاحة لينعم بالمواطنة المتعارف عليها دوليا، والمؤسسة على الديمقراطية، والعدالة، والتنمية.

الرباط في 16 يونيو 2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق