أخبارالدين و الناس

الدكتور منير القادري : إظهار فرحة العيد و السرور من تعظيم شعائر اللـه الغفور

مراسلة – علال المرضي

تزامن تنظيم مؤسسة الملتقى ومشيخة الطريقة القادرية البودشيشية، بتعاون مع مؤسسة  الجمال لليلة الرقمية 112 ، ضمن فعاليات ليالي الوصال ” ذكر وفكر “، مساء الأحد 11 من الشهر الجاري، مع أجواء الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، وهو ما انعكس على مواد وفقرات هذه الليلة الرقمية، التي تم خلالها التقدم بأحر التهاني وأسمى التبريكات الى مولانا أمير المؤمنبن جلالة الملك محمد السادس نصره اللـه، وإلى كافة الشعب المغربي والى جميع المسلمين، مع الدعاء لجلالته بالصحة والعافية والنصر والتأييد، وللمغرب بالأمن والازدهار وكافة المسلمين والبشرية جمعاء،

في هذا الإطار، قدم رئيس مؤسسة الملتقى، الدكتور مولاي منير القادري مداخلة عنونها ب

 إظهار فرحة العيد والسرور من تعظيم شعائر اللـه الغفور

استعرض في بدايتها مفهوم  الفرح ..  معتبرا إياه حالة وجدانية وغريزة شعورية، وأنه مبعث أنس وراحة ودليل صحة وسلامة، وسبب ألفة ومحبة وسيلة دعوة وتأثير، وأنه رد فعل طبيعي يعيشه الإنسان عندما يواجه أسبابه تماما كما يعيشه  الحزن والألم عندما يواجه عوالمه

أشار أيضا إلى أنه مع التوسع المعلوماتي والحراك الثقافي والانفتاح الفكري الذي يعرفه العالم المعاصر ظهر تباين في التوجهات حول مفهوم الفرح وضوابطه، بين من اتخذه  مجالا للتجاوزات الأخلاقية والمبالغات الاجتماعية والمخالفات الشرعية، وبين من  ضيق سماء الأنس في زوايا محدودة بأقوال اجتهادية أو خلافية .. معتبرا أن الرأي الأصح والتوجه الأصوب يكون بالتأسي   بهدي النبي صلى اللـه عليه وسلم  في مجمل معاملاته وتعاملاته وعامة تصرفاته، التي تمثل منهج حياة وطريق هداية وسبيل نجاة، وأضاف أنها أسلوب معاملة و وسيلة تعايش ونمط تكيف وتماه  مع مشاعر النفس ومؤثرات الحياة وتفاعلات الوجود ومتغيرات الكون

زاد المتحدث، أن السنة النبوية الشريفة أسست للضرورة  العقلية والفطرة السوية، وأوضح أن النصوص الدينية تبيح  للإنسان الفرح والسرور واللهو واللعب بوسطية واعتدال وفق الضوابط الشرعية والقيم  الدينية والمبادئ الخلقية، دون إفراط ولا تفريط ولا تشدد ولا تساهل .. خصوصا، في زمن الأعياد والأفراح، وأردف مبينا، أن الإسلام ربط الفرح بالطاعات، فكان عيد الفطر بعد الفراغ من صيام رمضان وقيامه وكان عيد الأضحى عقب أداء مناسك الحج .. مستشهدا في هذا الإطار بأحاديث نبوية شريفة

بالمناسبة، أوضح أن الإسلام اعتنى بتوجيه المشاعر القلبية توجيها صحيحا وتنظيمها على أساس من التوازن والفاعلية المثمرة،  وبين أن  الفرح فكرة خاصة جدا وداخلية جدا  تنبع من النبع الداخلي لكل إنسان، واستطرد أن الروح تأنس بالفرح وتذهب في أسبابه، لافتا إلى أن  ضحكة صادقة من القلب قادرة على بعث كل مسببات الضحك والفرح في نفوس كثيرة من حولها .. موردا قوله تعالى : ﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ﴾ [النجم: 43]

كما أبرز أن القرآن ارتقى بعاطفة الفرح بطاعة اللـه والأنس بعبادته إلى مصاف الأعمال القلبية المطلوبة من أهل الإيمان .. مستشهدا بقوله عزوجل:

( قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)

 ونبه بالمقابل إلى أن الفرح بالدنيا وما فيها من جاه  ومتاع هو فرح لا يصفو ولا يدوم، وقال: ” فالعمر يفنى، و الجاهُ يزولُ، والمالُ يذهبُ، والمنصبُ فترةً ثم لا يعود، وتلك سنة اللـه -تعالى- في خلقه، أيامٌ يداولها بين الناس، ليعلم اللـه الذين آمنوا ويمحق الكافرين”

تساءل القادري : كيف لا يفرح باللـه، من تجلى على قلبه و روحه الحق بلباس الحسن و الجمال و البهاء الذي يهيج قلوب المحبين إلى السعي وطلب الفرح ابد الآبدين في جوار رب العالمين ..؟

في معرض إجابته أورد مجموعة من  الحكم والأقوال المأثورة، منها قول الإمام الشاذلي رحمه الله حين قال:

( لا يكن حظك من دعائك الفرح بقضاء حوائجك دون الفرح بمناجاة محبوبك فتكون من المحجوبين)

 وتابع القادري “إن الفرحَ باللـه هو سُلوانُ المُؤمنين، و انشِراح صُّدور العارفين، وأحلَى لذَّات نُّفوس الصالحين، مقامُه مِن أعلى المقاماتِ التي يُحبُّها اللـه سبحانه”

زاد مفسرا” فالعبدَ متى أيقَنَ أن له ربًّا وإلهًا ومُدبِّرًا ورازِقًا، وملِكًا قاهرًا بيدِه كلُّ شيء، ولا يُعجِزُه شيءٌ اطمئنّت نفسُه، واكتمل سُرورُه وحبوره”، ليخلص إلى أن الفرح باللـه هبة ربانية وعطية إلاهية لا يوفق لها إلا عباد اللـه الصادقون وأولياؤه المخلصون الذين عاشوا ليلهم ونهارهم مع ربهم سبحانه  واستحضروا قربه ومعيته

 كما لفت إلى أن قمة السعادة وقمة الفرح أن تكون مصدر فرح للآخرين .. مستشهدا بقوله صلى اللـه عليه وسلم :

 (وأحب الأعمال إلى اللـه عز وجل: سرور تدخله على مسلم؛ تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد – يعني: مسجد المدينة – شهرًا) 

 رواه ابن أبي الدنيا والطبراني والأصبهاني

استطرد في ذات السياق، أن  قضاء حوائج الناس لذة لا يعرفها إلا من جربها، وأن الفرح بقضاء حوائج الناس وإرادة الخير لهم من أعلى منازل الأيمان وأعظم أواب الإحسان، وانه ثمرة نتيجة مقامات التربية الإيمانية الإحسانية، القائمة على إشاعة قيم المحبة والرضا والصبر وحسن الظن باللـه وحسن الظن بعباده

قال الدكتور مرغبا في فعل الخير مع الغير “فافعل الخير و اعمل على تلبية الحاجة التي تُفْرِحُ أخيك الإنسان وتسرّه وتعينه في طاعة اللـه، حتى تصنع في محيطك الفرح، كن منتجا لا مستهلكا للمعاني السامية و الإحسانية لشريعة الإسلام، فخير الناس أنفعهم للناس .. قم بإدخال الفرح على قلوب الأيتام و السائل والمحروم، عن رسول اللـه (صلى الله عليه وآله وسلم): “إنَّ في الجنةِ دارًا يُقالُ لها دارُ الفرَحِ لا يَدخلُها إلَّا مَنْ فرَّحَ يتَامَى المؤمِنينَ”. ( اورده السيوطي في الجامع الصغير) “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق