أخبارملفات و قضايا

حتى لا تصاب حكومة أخنوش بمرض “الحول” في تعاطيها مع الأزمة المجتمعية الراهنة

مع تنامي مظاهر الفشل في تعاطي حكومة أخنوش وأغلبيته المريحة مع المشاكل والقضايا المجتمعية المطروحة، تنتصب عدة أسئلة حارقة، لا يتوفر أخنوش وتحالفه الحزبي على الأجوبة الملائمة لها من قبيل:

هل تملك الحكومة وأغلبيتها الوعي المرحلي لكل الإشكاليات والاختلالات التي تتحكم في واقعنا الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي ..؟

وهل تتوفر الحكومة على الأجندة والبرامج الكفيلة بمعالجة التناقضات، التي تتحكم في جميع القطاعات الإنتاجية والخدماتية والتدبيرية ..؟

هل هناك تصورات واضحة حولها، سواء في التدبير الحكومي والبرلماني والجهوي والجماعي، وعلى صعيد المؤسسات الوطنية الاستشارية المنتخبة من الأطر والكفاءات ..؟

هل هناك اجتهادات مبرمجة لتنفيذ الالتزامات المدونة في النموذج التنموي الذي أقرت برامجه رؤية المغرب من 2020 إلى 2030 ..؟

إلى حد علمنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة،-العهدة على اللجن والأجهزة والخلايا-، التي تملكها حكومة أخنوش ليست لها اجتهادات للإجابة على هذه الأسئلة المجتمعية إلى الدرجة التي يمكن معها نعت الحكومة الحالية بأنها حكومة تصريف الأعمال فقط

نظن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن تخبط هذه الحكومة في معالجة أزمة غلاء الأسعار، يشكل أحد مفاتح القراءة لأداء هذه الحكومة، التي تجيد ادعاء الشعارات التنموية والديمقراطية فقط، ولا تتمثل مضامينها، سواء في صياغة تعبيراتها، أو الالتزام بها في ممارسة الوظائف الحكومية في نموذج الأقطاب، التي تتألف منها دون ترجمة ما يكرس وجودها والأهداف التي تعمل عليها، سواء لقطاعات حكومية أو كأقطاب

إن الحكومة الحالية، مصابة بمرض “الحول”، الذي يتجلى في صعوبة الإبصار وتعدد الصور التي تلتقطها العين وعدم التركيز على نقل الصورة الصحيحة، حيث يعاني المريض “بالحول” بالاضطراب في عملية نقل الصورة إلى العدسة التي تتحول عن أداء وظيفة الإبصار الصحيح لجميع الأشكال والألوان والخطوط، التي تلتقطها، وهذا ما أصبحت عليه حكومة التحالف الجديد، الذي يدعي الليبرالية والشفافية والحرية في ممارسته لمهامه الحكومية، التي تعتقد أطراف التحالف الالتزام بها .. ويكفي التعامل مع التهاب أسعار الاستهلاك من المحروقات، وكل المواد الاستهلاكية، التي يريد من جهة الحفاظ على أرباحه .. ومن جهة، ضمان الوفرة والأسعار المرتفعة، التي لا تراعي القدرة الشرائية للمستهلك، الذي أصبح تحت رحمة أطماعها من خلال الأسعار المرتفعة، وتجاهل قانون الطلب والعرض، الذي لا تهمه الانعكاسات السلبية للارتفاع الصاروخي للأسعار

لسوء طالع أخنوش وحكومته، التي تدعي الالتزام بقوانين وقيم وقواعد الاختيار الاقتصادي الليبرالي الاجتماعي، وجدت هذه الحكومة نفسها عاجزة على التوفيق بين هذه النسبة القانونية والقيمة، التي يقوم عليها الاقتصاد الحر الديمقراطي الليبرالي، ومصالحها الربحية من هذه السوق، التي يقصدها السواد الأعظم من المستهلكين ذوي القدرة الشرائية المحدودة، التي يتطلب الزيادة في أجورها والتعويضات التي تتلاءم و وحشية السوق في هذا النظام الاقتصادي، التي لا تتوفر في نموذج اقتصادنا الوطني الفلاحي والتصديري لمواده الأولية، الذي تتراوح البطالة فيه باستمرار أكثر من 12 %  في الوسطين الحضري و القروي

إن أخنوش بحكم تكوينه في مجال التدبير المقاولاتي، ومن خلال تجربته الحكومية ونشاطه التجاري، يعرف عن قرب متطلبات اقتصاد السوق، التي تخضع لقانون المنافسة الاحتكارية في نمطها الإنتاجي الحر، وما يجب أن تكون عليه في ظل الواقع الوطني الذي يخضع لقاعدة استهلاكية بقوة شرائية متدنية لا تستطيع مواجهة الأسعار الحرة التنافسية المتصاعدة باستمرار، لانعدام ما يساعدها على تحمل تكاليف الزيادة المرتفعة في أسعار المواد الاستهلاكية، خاصة الأساسية، فبالأحرى أسعار المحروقات التي تحرك الدورة الاقتصادية للسوق الاستهلاكية

إذن، الإصابة بمرض “الحول” في سلوك حكومة أخنوش محصلة ما يقوم عليه الاقتصاد الوطني، الذي لا يزال في عملية تغير مستمر في انتظار استقراره على البيئة التي تتلاءم وطبيعة العالم التي تجعله باستمرار في فلك النظام الاقتصادي الرأسمالي المتحكم في الأسس والقوانين التي يتبناها حتى اليوم، دون مراعاة لطبيعة أنشطة سكانه الأساسية الإنتاجية والخدماتية والتسويقية

إن حكومة أخنوش، مطالبة بضرورة استخلاص الدروس وتصحيح مناهج التشخيص والتحليل والاجتهاد في البدائل، وتقديم البرامج والإصلاحات والحلول الكفيلة بالتحكم في الأزمة وتداعياتها الاجتماعية الاقتصادية و السياسية، من خلال الحوار المجتمعي والحكومي والبرلماني، في أفق ضبط الأزمة والتخلص منها ومن إفرازاتها الكارثية، التي تخدم مصالح الحفنة المتحكمة في الاقتصاد الوطني، الذي لم يتحرر بعد من توجهات ومخلفات المرحلة الاستعمارية، وما تفرضه الشركات العالمية في مختلف دوائر الإنتاج والتسويق والتشغيل .. وبدون احترام الحد الأدنى من هذه الرؤيا، ستكون تداعيات مرض “الحول” الذي تعيش على مفعوله السياسات الاقتصادية لهذه الحكومة، التي تجري عملية قتل خلاياها الجديدة التي يحتاج إليها الاقتصاد والمجتمع والنظام المؤسساتي الوطني    +

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق