لم يعد للمبررات التي يعتمد عليها الناطق الرسمي باسم الحكومة أي معنى، بعد اتضاح عجز الحكومة على ضبط أسعار المحروقات والمواد الاستهلاكية .. ففي الوقت الذي لم يتخط الوطن آثار جائحة كورونا الاقتصادية والاجتماعية، يجد نفسه في مواجهة غلاء أسعار المحروقات والمواد الاستهلاكية الأساسية، التي تتطلب تدخلا حكوميا في مستوى خطورة هذه الأزمة المهددة للسلم الاجتماعي، الذي أصبح على كف عفريت، وإلى الآن لا زال التدخل الحكومي محتشما ودون تحقيق الأهداف المنتظرة منه، لغياب قدرة التحالف الحكومي على الاستجابة للمطالب المرفوعة ورهانه على ربح الزمن في الوصول إلى ذلك، وافتقاره للرؤيا الكفيلة بتحقيق الانفراج الاقتصادي، وحماية القدرة الشرائية لعموم المواطنين المتضررين من هذا الارتفاع المهول للأسعار، خاصة فقراء الوطن، الذين لا يملكون حماية اجتماعية و اقتصادية

لا يملك تحالفنا الحكومي ما يمكن أن يساعد على بلورة مجهود وجدوى لمواجهة الأزمة الاقتصادية الجديدة، كما كان الأمر بالنسبة للتحالف الحزبي في عهد “البيجيدي”، وفي عهد التحالف الاستقلالي والاتحاد الاشتراكي وغيره من النخب الحكومية السياسية، التي جسدت التحالف الائتلافي المسير للحقائب الوزارية بدون الحد الأدنى من التوافق على تدبيرها في إطار رؤيا جماعية، مما جعل العمل الحكومي في هذا النموذج الجديد أو القديم لا يرقى إلى تحقيق الأهداف المشتركة من قيامه على ميثاق شرف شكلي لا توجهه روح العمل الحكومي الوحدوي، الذي تأسس على نتائج مقاعد صناديق التصويت في الانتخابات البرلمانية

إنه تحالف هش أمام معضلة مجتمعية تقتضي القوة والشجاعة في التشريع والتدخل .. وهذا أمر يفتقر إليه التحالف الحكومي، الذي تبحث أطرافه عن الهيمنة والقيادة فقط، بدل التدخل المواطن لاحتواء الأزمة المهددة للاستقرار والسلم في الوطن .. ناهيك عن عجز مكوناته لتقديم المبادرة التي يمكن الاتفاق عليها بعد النقاش والإجماع، مما يؤكد على أن هشاشة التحالف تمنعه من الإقدام على الخطوة العلاجية المطلوبة .. وهذا، ما يتطلب حدا أدنى من التوافق على الأرضية السياسية والحزبية، التي تسمح بالترفع والتجاوز الذي يمكن أن يؤثر على القرار المناسب في مثل هذه القضايا المجتمعية الطارئة

إن المطلوب باستعجال من التحالف الحكومي، هو ردم الهوة الحزبية، واعتبار الوحدة الوطنية هي المرجعية التي يمكن أن تساعد على تحقيق التوافق المؤدي إلى الوحدة في مواجهة غلاء المحروقات والمواد الاستهلاكية .. لذلك، نقول في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة للناطق الرسمي باسم الحكومة، بأن المواجهة الصريحة التي يجب أن يعبر عنها تكمن في الاتفاق على أن الأزمة تتجاوز الاعتبارات الحزبية الضيقة، وأن روح المواجهة الجماعية هي التي يمكن أن توجه المعالجة المطلوبة لهذا المشكل المطروح اليوم في إطار المراجعة الدائمة لروح ميثاق التحالف، حتى يتمكن التحالف من الاستمرار وضمان تغطية في تحقيق الانسجام والاتحاد المطلوبين في العمل الحكومي، الذي هو الهاجس المحرك للتحالف في إدارة الشأن العام الوطني باستمرار، عبر الحفاظ عليه وتكراره في التجارب الانتخابية المتوالية والمعروفة في الأنظمة المتعددة في نظامها الحزبي والسياسي