
* محمد احمزاوي
في زمن كانت فيه المؤامرات تُحاك ضد وحدة المغرب الترابية، وقف رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه .. رجالٌ لا يهابون الموت إذا تعلق الأمر بالوطن
آباؤنا الشهداء، الذين ارتقوا في ساحات الشرف بالصحراء المغربية، لم يكونوا جنودًا عاديين، بل كانوا درع الوطن وسياجه المنيع، يوم كان المغرب وحيدًا في وجه أعداء كُثُر، ولم يكن معه لا فرنسا ولا أمريكا، بل كان وحده، برجاله وبإيمانه، وتحت القيادة الحكيمة لجلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه
في حين البوليساريو لم تكن وحدها في الميدان، فقد كانت مدعومة من الجزائر بالسلاح والعتاد، ومن ليبيا بالمال، ومن كوبا والمرتزقة بالتدريب والمقاتلين، وقائمة الدعم الخارجي طويلة
ومع ذلك، صمد المغرب وانتصر، بفضل تضحيات أبنائه الذين كتبوا التاريخ بالدم .. لكن، المؤلم بعد كل هذه التضحيات، هو أن أرامل وأبناء الشهداء والمفقودين بين سنتي 1975 و1991 لا يزالون إلى اليوم يُعانون التهميش والحرمان من أبسط حقوقهم
فمن العيب والعار، أن لا يكون هناك لا تكريم معنوي ولا مادي .. إذ، أن هناك حقوقا خولها لهم جلالة الملك محمد السادس نصره الله، وأكدها دستور المملكة والقانون الأساسي للعسكريين، إلا أنها تُهمّش أو تُعطّل من طرف بعض المسؤولين
كم أن تكريم الشهداء الحقيقي لن يتأتى إلا بإعطاء ذويهم حقوقهم كاملة غير منقوصة، من تعويض عن الاستشهاد أو الفقدان وتوفير السكنٍ، والشغل، والرعاية الاجتماعية، وكل ما يكفل ويضمن لهم حياة كريمة تنسيهم مرارة الاستشهاد والفقدان، و تذكي لهم أحاسيس المواطنة والوطنية وبذل النفس في سبيل وحدة الوطن ومقدساته وثوابيته
فمن العيب أن تظل هذه الفئة وطيلة هذه العقود تناضل وتلتمس و .. لاسترجاع حقوق عادلة وتنادي لتنفيذ التعليمات الملكية الواضحة، وإنصافًا نص عليه القانون والدستور
رحم الله شهداءنا الأبرار، وأسكنهم فسيح جناته .. ونتمنى أن يتجند الجميع لإنصاف من تبقّى من أسرهم، ليظل المغرب وطنًا يُنصف أبناءه، ويكرّم من ضحّى من أجل رايته
* رئيس الجمعية الوطنية لأسر شهداء ومفقودي و أسرى الصحراء المغربية