

* العيرج ابراهيم
يا له من “عرس” تاريخي ومجيد عاشه المغاربة من طنجة إلى الكويرة ..! لقد هلَّت البشائر على وطننا الحبيب بعد القرار الأممي التاريخي لمجلس الأمن، الذي صوَّت لترسيخ مغربية صحرائنا الأبية، ليؤكد للعالم أجمع عدالة قضيتنا و واقعية مقترح الحكم الذاتي كحل جاد وذي مصداقية
هذا الانتصار هو ثمرة عمل دبلوماسي دؤوب و جهود رسمية وغير رسمية متواصلة، ويُمثل خطوة عملاقة نحو جني ثمار الاستقرار والتنمية في أقاليمنا الجنوبية .. لكن، في غمرة هذا الفرح العميم والزخم الوطني، يجب أن تظل الذاكرة متيقظة والقلوب خاشعة لذكرى من جعلوا هذا الانتصار ممكناً: شهداء حرب الصحراء الأبرار
إننا اليوم ننعم بهذه اللحظة التاريخية، ونسير بخطى واثقة نحو المستقبل بفضل تضحيات رجال امتلأت صدورهم بالرصاص وتحولت أجسادهم أشلاء في سبيل أن تبقى راية الوطن خفاقة على كل شبر من أرضه .. هؤلاء الأبطال ضحوا بأغلى ما يملكون، ودفعوا ثمن الوحدة بدمائهم الزكية
وهنا، وفي أوج هذا الانتصار، يجب أن يُرفع نداء الوفاء عالياً:
* حبذا لو امتلأت صدور أرامل شهداء حرب الصحراء بالنياشين والالتفاتة والاهتمام، كما امتلأت صدور أزواجهن بالرصاص، لقد عانين الصبر، وتجرعن مرارة الفقد، وكافحن من أجل تربية أبناء الشهداء في صمت وعزة .. بعضهن لازلن يواجهن صعوبات اجتماعية قاسية، من حرمان من سكن لائق أو معاناة في ضمان حقوق الأبناء، كما تشير رسائل استعطاف متعددة وجهت نيابة عن أسر الشهداء للجهات المسؤولة
إن التكريم لا ينبغي أن يقتصر على الكلمات الرنانة في المناسبات الوطنية .. إن الوفاء الحقيقي لتضحيات الشهداء يكمن في ضمان كرامة ورعاية أراملهم وأيتامهم بشكل يليق بعظمة الدور الذي قام به أزواجهم وآباؤهم

بالمناسبة، يجب الإسراع في إنهاء جميع الإجراءات المتعلقة بحقوق هذه الفئة، وعلى رأسها ملفات تمليك السكن العسكري وتفويته بالدرهم الرمزي، و توفير رعاية صحية كاملة، وإدماج أبناء الشهداء في برامج تشغيل وتأهيل خاصة، تضمن لهم مستقبلاً كريماً يوازي التضحية
نحن أبناء الشهداء، لا نريد تكريماً موسمياً، بل نظاماً شاملاً للرعاية يُشعر الأرملة واليتيم بأن الوطن الذي ضحى من أجله رب الأسرة لم ولن ينساهما
في الختام، إذا كنا كأمة مغربية عشنا بالأمس “عرسا ” سياسياً ودبلوماسياً، فلنجعله كاملاً بـ “عرس” للوفاء الاجتماعي .. إن رد الاعتبار لأرامل وأيتام الشهداء هو أصدق تعبير عن مغربيتنا الأصيلة، ورسالة بليغة لجنودنا البواسل بأن تضحياتهم لن تذهب سدى، وأن الوطن يتذكرهم ويكرم أهلهم بعدهم
* ابن شهيد حرب الصحراء المغربية




