
النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة: فضيحة التسريبات .. جرس إنذار لأخلاقيات ومستقبل الصحافة

عرف المشهد الصحفي المغربي تاريخيا نضالات مستمرة من أجل حرية التعبير والحق في المعلومة، وسجل العديد من اللحظات المشرقة في الدفاع عن استقلالية المهنة، غير أن ما كشفه تسريب فيديوهات خلية التأديب التابعة للجنة المؤقتة لتدبير شؤون الصحافة والنشر المنتهية ولايتها يعتبر تحذيرا صارخا ومؤلما حول مرحلة تآكل القيم المهنية، وانحراف يؤثر على سمعة الصحافة ومستقبلها في بلادنا
أجل، المشهد الصحفي المغربي، الذي قلنا عنه أنه عرف بنضالاته من أجل حرية التعبير والحق في المعلومة، يبدو اليوم وكأنه يغرق في مستنقع التمييع، لأن تسريبات فيديو خلية التأديب التابعة للجنة المؤقتة لتدبير شؤون الصحافة والنشر – المنتهية ولايتها – ليست مجرد حادثة عابرة، بل نموذج صارخ لما آلت إليه الأمور .. تراجع للقيم .. تآكل للثقة، وإخراج للمهنة عن سكتها
ما وثقته التسريبات من عبارات نابية، إهانات، وتداولات غير مسؤولة حول فرض عقوبات قاسية (كالحرمان من بطاقة الصحافة ومن الدعم والسجن) على مدير نشر بديل، كشف عن وجه مظلم للمشهد الصحفي الوطني، حيث يخلط بين السلطة والتأديب، ويغيب المنطق المهني.، والأمر لم يعد مجرد “خطأ” عارض، بل منظومة تآكلت فيها الأخلاقيات الصحفية، فأصبح “التأديب” ساحة لتصفية الحسابات بدل حماية المهنية
نحن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة لم نتردد في وصف هذه الواقعة بـ”الفضيحة الأخلاقية والقانونية”، ونطالب بتحقيق فوري ونزيه في ملابساتها .. لكن قبل ذلك، يبقى السؤال الأهم: لماذا وصلنا نحن قبيلة الصحافيين إلى هذا الدرك ..؟
هل هو غياب الرقابة الذاتية ..؟
أم ضغوط سياسية ..؟
أم موت تدريجي للشجاعة الصحفية ..؟
وفي هذا الصدد، من الواجب على النقابات الصحفية إعادة المطالبة ببناء منظومة أخلاقيات حقيقية، تحفظ كرامة الصحافيين وتحمي مهنتهم، وتضمن تمثيلا عادلا ومسؤولا، كما يجب عليها أن تعمل على وقف الانبطاح للضغوط والعودة إلى المهنية الصادقة
وعليه، فإن فضيحة التسريبات ليست نهاية المشوار، بل هي جرس إنذار؛ إما أن نوحد الصف لنصحح المسار ونعيد الاعتبار للأخلاقيات، وننتصر للحرية، أو نستسلم لمهنة بلا روح ولا كرامة
وفي الختام، فإن المشهد الإعلامي المغربي، رغم تاريخه الحافل بالنضال والدفاع عن حرية التعبير واستقلالية المهنة، يواجه اليوم تحديات كبيرة تهدد هذا المكسب الثمين، لأن تسريب فيديوهات خلية التأديب يمثل جرس إنذار -كما سبقت الإشارة إلى ذلك- مما يستوجب وقفة حازمة لإعادة بناء القيم المهنية وتعزيز المصداقية، حفاظا على سمعة الصحافة ومستقبلها في بلادنا، وهذا الأمر مرهون بتضافر جهود كل الفاعلين لتحقيق صحافة مستقلة وحرة، قادرة على أداء رسالتها بمسؤولية وحرية




