ملفات و قضايا

هل ستصرف الأحزاب المال العمومي في مجالاته ..؟

كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات عن الاختلالات التي تميزت بها عملية صرف الأحزاب لدعم الدولة، سواء في الانتخابات أو في التدبير السنوي للشأن الحزبي، وهذا مما لا يجب أن يكون في سلوك الأحزاب التي تطالب بمحاربة الفساد المالي والسياسي، وتعتبر ذلك من معوقات النهوض بالعمل السياسي والحزبي في الوطن، وتصف ممارسيه من رعاة الريع السياسي، الذين يشوهون نبل وشفافية العمل الحزبي والسياسي.
إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نعتبر كشف الاختلالات في صرف الأحزاب للمال العمومي، ترجمة حقيقية لما يشعر به الرأي العام الوطني اتجاه الأداء الحزبي والنقابي والمدني، وإذ نثمن خلاصات التقرير، نتساءل عن خلفيات فشل الأحزاب في تدبير المال العمومي، سواء في العمليات الاجتماعية أو في ضمان السير الطبيعي لهذه الأحزاب في علاقتها بالمواطنين، ولعل الأرقام التي كشف عنها التقرير تبين خطورة سوء استخدام دعم الدولة للأداء الحزبي، الذي يجب أن يتصف بالشفافية والالتزام بمجالات صرفه، بعيدا عن استغلاله في غير موضوعه من قبل المتحكمين في سلطة القرار الحزبي، ويؤكد ذلك حرص جميع الأحزاب بكل توجهاتها على عدم التقيد بالقانون في صرف المال العمومي، من حيث لا يصرف جله في العمليات الانتخابية التي يمولها المرشحون، كما أن صرف المال العمومي في التدبير الحزبي السنوي لا يبدو من خلال الفراغ وانعدام البرامج الحزبية والأنشطة حلقة دائمة في جل الأحزاب، وهذا يحيلنا إلى أن تحويل المال العمومي إلى مجالات أخرى، حيث أغلب الأحزاب يستمر أداؤها بالطابع الانتخابي فقط.
إذن ومن أجل حماية المال العمومي وحسن استثماره في العمل الحزبي والنقابي والمدني، يجب كما تشير إلى ذلك خلاصة تقرير المجلس الأعلى، إن كانت فقط هذه المنظمات واعية بمسؤوليتها اتجاه المجتمع الذي تمثله وتستهدفه أنشطتها التأطيرية والنضالية، فهل من مبادرات مسؤولة من قبل هذه الهيئات المجتمعية، التي يمكن الاستئناس بها للتأكيد على مشروعية استفادتها من دعم الدولة المخصص للأهداف المحددة في القانون التنظيمي الذي يوجهه ..؟ وهل هذه الهيئات قادرة على الدفاع عن نفسها فيما يوجه إليها من انتقادات وملاحظات حول مجمل نشاطها وصرفها للمال العمومي في أدائها للمهام الملقاة على عاتقها اتجاه المجتمع، سواء كانت من أحزاب الأغلبية أو المعارضة ..؟ وهل لدى الأجهزة المسيرة لهذه المنظمات ما يتيح لها تبرير النفقات من هذا المال العمومي الذي أكد تقرير المجلس الأعلى أنه لا يصرف في مجالاته الحقيقة ..؟ وهل سنشاهد من هذه الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني استعدادا للنقاش العمومي حول هذا الموضوع ..؟
إن الوضع الدستوري للأحزاب يلزمها بعد أن أصبحت الدولة تمول وظائفها التأطيرية والانتخابية بالتزام قواعد الشفافية والمحاسبتية في صرف تأخذه من دعم عمومي، والعمل باستمرار على مراجعة الأخطاء والاختلالات التي يتميز به أداؤها اتجاه الفئات الاجتماعية التي تستهدفها من وجودها القانوني والدستوري .. وفي هذا الإطار، ليس هناك تميز بين هذه الأحزاب في المجال التأطيري المناسباتي والانتخابي، وجميعها لا زالت مبادئ الديمقراطية والشفافية والحكامة مغيبة في تدبيرها السياسي والمالي، ولا يستطيع أي حزب استمرار ضجيجه عن انعدام الحرية والوسائل التي يمكنها من توسيع قاعدته ونشر ثقافته وإنجاز برامجه الانتخابية.
نختم نقاشنا حول تقرير المجلس الأعلى بالتأكيد على أن تطور مشهدنا السياسي والنقابي والمدني مرهون بممارسة أطرافه لمسؤولياتهم دستوريا في أفق تخليق الحياة العامة، والرفع من فعالية مردودية الأداء التنظيمي الذي يتطلع إليه عموم المواطنين والقواعد المحسوبة على هذه المنظمات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق