أخبارللمستقلة رأي

القانون رقم 88/13 ومحدودية مرافعات من يدافعون عن شرعيته المفقودة ..!

الأمانة

ربما بدأ العد العكسي يتحرك في الاتجاه الذي نرغب فيه كنقابة مستقلة للصحافيين المغاربة، بعد فترة الصمت والخوف من مصارحة الفاعلين وعموم المواطنين المغاربة بالمخاطر والمساوئ المتوقعة من مدونة الصحافة والنشر الثلاثية، التي حرص حزب العدالة والتنمية على تمريرها برلمانيا في عهد حكومة بن كيران، عقب محاولاته المتكررة من موضوع تقنين المشهد الصحفي والإعلامي، التي انطلقت من دفاتر التحملات ثم مهزلة الكتاب الأبيض للإعلام والمجتمع، وأخيرا بمنظومة القوانين الجديدة الكارثية التي كان وزير الاتصال السابق يروج لها من أجل فرض منظور حزبه التحكمي والسلطوي على الصحافة والثقافة، والذي لم يتمكن من إقناع المجتمع بالفتاوى التي أراد أن يكون عليها المشهد الثقافي والإعلامي في عهد حكومته.

شكرا للأخ دحمان ياسين على مبادرته في قراءة القانون المثير للجدل، الذي يستهدف مصادرة ما تبقى من حريات عامة قي صيغة 88/13، الذي يمثل صيغة متقدمة عن قانون 7700، الذي كان يعاقب جنح النشر بالملاحقات القضائية السالبة للحرية، بعد أن وجد في الغرامات المالية أحسن وسيلة لتقنين وتكميم حرية التعبير في المجتمع في مجالي الصحافة والثقافة بصفة عامة .. فما قلتموه يا أخ ياسين عن دواعي التقنين المتعلقة بحماية حقوق الأفراد والمؤسسات والقيم والقوانين لا أحد يجادل فيها .. لكن، ما فرضه القانون المهزلة الذي يقتضي تجويده وتنقيته من الاختلالات والعلل المرضية التي يعاني منها، سواء في القسم الأول المتعلق بتحديد هوية المؤسسة الصحفية والإعلامية وهيكلتها الإدارية والمهنية، أو القسم الثاني المتعلق بالطباعة والتوزيع والإشهار ومساحة الحرية، أو القسم الثالث المتعلق بالعقوبات واختصاص المحاكم والمساطر، حيث لم تتناولونها في قراءتكم لهذا القانون – المنشورة في صفحة الرأي بيومية المساء عدد يوم 24 غشت الجاري – الذي وقعت منظمات نقابية في المحظور حين صاغته بما يتناقض ومبادئها في الحرية والعقلنة والتحديث.

إن المنهجية التي اعتمدتها جميع الأطراف التي صاغت المنظومة الثلاثية للصحافة والنشر الجديدة لم تخرج عن الرؤيا السلطوية الاستباقية التي تتحين الأخطاء والتجاوزات التي سيقع في شباكها الفاعلون الصحفيون والإعلاميون .. وهذا وحده يكشف الرعب الذي أصبح عليه المشهد الصحفي والإعلامي الوطني، والفوضى والعبثية والخوف الكبير للحيتان وأسماك القرش التي تهيمن على الدعم والإشهار، التي أصبحت تتخوف من الحضور القوي للصحافة والإعلام المواطن والحر المناوئ لها، ومنافسها الأول الذي لا تريده أن يزاحمها في النفوذ على مصالحها والامتيازات التي تسيطر عليها منذ عقود.

لن نختلف معكم الأخ دحمان، إن وضعتم نصب منظاركم هذا القانون الكارثي على حاضر ومستقبل مشهدنا الصحفي والإعلامي، الذي يتطور خارج منظور أعداء تحرره وتطوره الطبيعي في عهد الثورة الرقمية ومجتمع المعرفة والعالم الافتراضي الذي أصبحت وسائطه الجديدة ترعب خصومه وأعداؤه.

حتى نكون على اتفاق وعلى أرضية المنظور الصحيح لمسألة الملاءمة التي يراد فرضها على الفاعلين بهذا القانون الذي لا يمكن القبول به .. نتمنى في المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن تضعوا مواده وأبوابه (القانون) على طاولة النقاش والبحث في أفق صياغة المرافعة القانونية الملائمة له على ضوء خلفيتكم القانونية من جهة، ومن أجل تبسيط مفاتيح الوعي المطلوب من الفاعلين والرأي العام اتجاه هذه المنظومة المطعون في شرعيتها قبل الشروع في صياغتها من المشاركين في اللجنة العلمية، التي عينتها الوزارة في عهد الوزير السابق للاتصال .. وسنكون سعداء إذا ما تمكنتم من إقناعنا بصحة تحليلكم للمعطيات التي سكت هذا القانون النكرة عنها في شكله ومضمونه، والذي تم تمريره بالأغلبية التي كان يمتلكها حزب الوزير الوصي على حقيبة الاتصال سابقا.

إن القضية الأولى في القانون رقم 88/13، هي سوء تحديده للتعريف بالمؤسسة الصحفية والإعلامية، واختزاله لهذه القضية في الحديث عن نموذج المقاولة الاستثمارية التي ستصل إليها المقاولة الصحفية المرخص لها بظهير الحريات العامة لسنة 1958، إذا ما وفرنا لها شروطها في اقتصادنا الحر الذي يعيش على التنافسية المتوحشة التي تتميز بها العلاقات بين مقاولاته الإنتاجية والخدماتية، فبالأحرى في المجال الصحفي والإعلامي .

وحتى لاتتسرعوا الأخ دحمان، فبإمكانكم الانطلاق في القراءة لهذا القانون من دواعي إخراجه بهذه الروح القمعية السلطوية، ولكم أيضا المجال المفتوح للنظر في القسم الثالث المتعلق بالعقوبات والمساطر واختصاص المحاكم لتروا عن قرب هزال الاجتهاد القانوني الذي توصلت إليه اللجنة العلمية الممثلة للصحافة الحزبية والصحافة (المستقلة) الكبرى المهيمنة على السوق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق