أخبارمتفرقات

قد غاب موسم الحصاد عن قريتي ..!

قريتي

إبراهيم بونعناع

لم تعد قريتي الوديعة بسفح جبال الأطلس الشامخ بقرية الأمس التي ولدت فيها وترعرعت بين حقولها وتلالها، و لا الناس بناس زمان الذين عاشرتهم وتشبعت بنصائحم وقيمهم، حتى شجرة البلوط الضخمة التي كانت أمام بيتنا والتي كنا نستظل تحتها ونتسلق أغصانها، لم يعد لها وجود .كل شيء تغير .. وأنا أزور قريتي أشعر بافتقادي زمنا كان مقرونا بكل تلك المظاهر والذكريات الجميلة التي ترسبت بمخيلتي .. كل شيء تغير حتى موسم الحصاد في قريتي لم يعد كما كنت أعرفه بتلك الاحتفالية و الطقوس الاجتماعية الرائعة وبروح التعاون والتكافل بين أبناء القرية.

في مثل هذا الوقت من السنة يحل موسم الحصاد، حيث كانت كل أسر القرية تعيش حالة استنفار لإنجاح العملية .. فببزوغ ضوء الشمس يقبل الرجال بمناجلهم على سنابل الشعير و القمح .. مرددين أهازيج وأغاني شعبية .. مستعينين بها على مغالبة مشقة عملية الحصاد تحت شمس محرقة في انتظار قدوم النساء بوجبة الكسكس الممزوج باللبن (سيكوك) .. تلك كانت الوجبة الرئيسية والمتكاملة التي اعتاد عليها كل عمال الحقول، نظرا لما لها من فوائد وقيمة غدائية تطفئ الضمأ وتخمد حرارة البدن المتصبب بالعرق.

لم أشاهد في قريتي ما يدل على أنه موسم الحصاد، مقارنة بما كنت أشاهده في زمن ولى .. أصبحت الحقول خالية بعدما غادرتها تلك المظاهر الجميلة التي كانت تواكب عملية الحصاد و درس المحصول .. أصبح الجميع يعتمد على الآلات الحديثة التي وفرت لهم الوقت والجهد في مقابل تخليهم عن تعاونهم وتقاربهم و طقوسهم وعاداتهم الاجتماعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق