أخبارللمستقلة رأي

في البدء كانت الكلمة فلا تصادروا حريتها يامسؤولينا المحترمين ..!

1

لا أحد يجادل في مشروعية تنظيم الحقل الصحفي والإعلامي الوطني، والارتقاء بقوانين ممارسته .. لكن، لا أحد بالمقابل يقبل بالوصاية على ممارسته بأكسجين الحرية الذي يؤثت فضاؤه، وإلا أصبحت مشروعية التقنين وحرية الممارسة قضيتان متناقضتان في المعنى المطلوب والهدف المرسوم .. فلا حرية للرأي بدون حرية ممارسته .. ولا ممارسة لهذه الحرية بدون القانون الذي يصونها.

نطرح من موقعنا في جريدة المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، هذه المقدمة للنقاش حتى يكون الممارسون لحرية التعبير مقتنعون بأنه بدون احترام هذا الحق الدستوري والكوني سيكون من العبث الحديث عن شرعية الممارسة الصحفية و الإعلامية، التي يتسابق خصومها اليوم لاستعراض عضلاتهم على ممارسيها من الصحفيين والمهنيين، بواسطة القوانين الجديدة التي صيغت بدون مشاركة الفاعلين، ومررت برلمانيا بدون إجماع أو تفويض منهم، ويراد اليوم إقحام القضاء للنيابة عنهم في مصادرتها بهذه القوانين المرفوضة شكلا وموضوعا منذ صياغتها من قبل الأطراف التي تدعي حمايتها وصيانتها لحقوق الممارسين.

إنها العبثية الفوضوية بامتياز، التي يحاول من يريدون إعلاميا وصحافة جعلها مهنة مدجنة ومستباحة، بدل ما يتطلع إليه المجتمع والدولة في إعلام وصحافة مواطنة وحرة ومستقلة، كما هو واقع الحال في جميع الدول الديمقراطية الحديثة، وفي المجتمع الديمقراطي الحداثي الذي يتأسس بنيانه وقواعده في هذا العهد الجديد، الذي يريد أن يكون فيه الإعلام والصحافة في مستوى الأهداف المطلوبة منه، سواء في عرض أو نشر الأخبار أو في المساءلة والرقابة التي يقوم بها كرأي عام وطني مجسد للسلطة الرابعة، التي يخاف منها المعارضون لمشروعية هذا المجتمع الذي يريد جلالة الملك محمد السادس حفظه اللـه، أن لا يتأخر عن غيره من المجتمعات المعاصرة في تكريس قواعد الديمقراطية والحرية والحداثة والحكامة، التي تعيش عليها دول الجوار الأوربي والأمريكي الشمالي، وبعض الشعوب في آسيا وأمريكا اللاتينية وأستراليا.

إذن، من فضلكم يا مسؤولينا المحترمين لا تصادروا حرية الكلمة التي يعتبر الحق في ممارستها على رأس المنظومة الدستورية والمدنية، التي يقوم عليها نظامنا السياسي التعددي، الذي يجب أن نفتخر به، بدل أن يشعر بعضنا باستحالة مصداقية وجوده في كل أجناس العمل الصحفي والإعلامي المتعارف عليها عالميا .. خصوصا، من مثل هؤلاء الذين أعلنوا عبر مراحل تطور وجودهم الحزبي والنقابي والمدني في حقيقة أهدافهم الهيمنية على التعددية الحزبية والنقابية، وعلى الديمقراطية الانتخابية التي تسمح بالتداول والتناوب على مواقع الأغلبية والمعارضة في المؤسسات المعنية بالتشريع والتنفيذ، والذين لم يغيروا أبدا من تطلعاتهم في مصادرة الحريات الفردية والجماعية لصالح مشروعهم الشمولي الهيمني.

ربما ما لم يستوعبه أعداء العقل والعلم والحرية والحداثة والديمقراطية، أنه يستحيل معارضة حتمية التطور والصراع من أجل التحول والتقدم الذي تخضع له كل الظواهر والكائنات والبنيات، سواء كانت مادية أو فكرية أو حيوية في صيرورتها الخلوية والبنيوية حتى المراحل المتقدمة، كما لا يجب على أي ممارس يعشق الحرية في الممارسة الصحفية والإعلامية وفق قواعدها وقيمها الأخلاقية، أن هذه الأزمة المفتعلة اليوم التي يراد فيها ذبح الصحفيين والإعلاميين على يد المحافظين من أنصار الحزب الذي صيغت هذه القوانين الجديدة للصحافة والإعلام في عهد تحمله للمسؤولية، حيث لا يمكن أن يتم ذلك على يد الحزب الذي يدبر حقيبة الصحافة والإعلام في عهد الحكومة الجديدة الحالية الذي يظل رصيده النضالي التاريخي حاضرا بقوة في دفاعه عن التعدد السياسي والنقابي، الذي لم يكن مسؤولا عن صياغة هذه القوانين الجديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق