
بقلم – ميمونة الحاج داهي
معشر قبيلة الصحافة من لم يخطئ منكم فليرمِ سناء بحجر .. تعلمون جيدا أن الخطأ ليس طارئا على الفعل الإنساني، بل جزء من بنيته العميقة .. خاصة، في مجال الصحافة فهي كغيرها من مجالات المعرفة تُمارَس تحت ضغط السرعة ومحدودية الذاكرة وتعقد السياقات .. وما حدث مع سناء رحيمي وهي تضيف عشر سنوات لعمر الملك لا يمكن أن يقرأ إلا في هذا الإطار: زلة مهنية عابرة لا تمس جوهر الحقيقة .. لكنها، كشفت الكثير عن طبيعة علاقتنا بالخطأ والرمز
المثير هنا ليس الخطأ نفسه، بل حجم التفاعل الذي أعقبه .. لقد تحول رقم عابر إلى مادة لمحاكمة علنية وكأننا نعيش في مجتمع يُخضع الصحفي لامتحان العصمة .. هذه الظاهرة تفتح سؤالا مهما:
لماذا نتعامل مع الزلات الصغيرة باعتبارها تهديدا للرموز الكبرى ..؟
الجواب في عمقه، يعود إلى تقديسنا المفرط للرمزية وإلى ضعف ثقافة التمييز بين الهفوة التي تُغتفر والخطأ الذي يستحق المحاسبة
الخطأ ليس نقيض الحقيقة، بل شرط من شروطها .. فالعلم يتطور عبر التصحيح، والتاريخ يُكتب بإعادة النظر في معطياته، وحتى الفلسفة نفسها لا تتقدم إلا بجرأة طرح الأسئلة الملتبسة .. فإذا كان الخطأ بهذا المعنى ضرورة معرفية فكيف نسمح لأنفسنا أن نحوله إلى وصمة اجتماعية لا تُغتفر ..؟
سناء رحيمي لا تُختصر في هذه الهفوة، لأن تاريخها المهني أبعد وأعمق من رقم زائد .. والزلات التي لا تقتل، لا تُسقط صاحبها، بل قد تمنحه قوة إضافية، لأنه يتعلم أن الحقيقة ليست معطى جاهزا، بل مسارا مليء بالتصحيح وإعادة البناء
من هنا، يصبح الدرس الذي تكشفه الواقعة أعمق من مجرد حادثة شخصية .. نحن بحاجة إلى ثقافة تتعامل مع الخطأ كفرصة للتعلم، و ليس ذريعة تبيح الرجم .. ذلك، أن المجتمع الذي لا يسامح الهفوة، هو نفسه المجتمع الذي يحكم على نفسه بالجمود
كبوة فرس زميلتي العزيزة وأنت خيَّالة الصحافة ومروضة الكلمة وسيدة الشاشة