منبر حر

متلازمة الحب و الديموقراطية ..!

ABDELLAH AZZOUZI

*عبد الله عزوزي

كلمة “حب” على وشك الاندثار تماما من حياة المغاربة ومن قاموس لغتهم اليومية. فرغم التدنيس الذي لحق هذه الكلمة من طرف عديمي الضمير وقصيري النظر بحشرها في زاوية الشهوات والعلاقات المحرمة شرعا، فإن كلمة حب التي قد تعني من بين ما قد تعنيه، الاحترام والود، وحسن المعاملة، وحب الخير للناس، والاعتراف بالجميل، وعدم الظلم، وتحفيز الغير وإلهامهم .. لم يعد لها وجودٌ بين الناس في الأماكن العامة و المؤسسات العمومية، بل حتى داخل النفوس ذاتها، و بين أفراد البيت الواحد.

غياب الحب بين الناس من بين أسبابه، حسب تقديري المتواضع، هو غياب الديموقراطية في كل مناحي حياة المواطن المغربي. هذا موضوع إشكالي سوف لن أنساقَ وراء مُطاردة كلِّ ساحراتِ دُروبهِ، بل سأكتفي بالقول: بأن غياب الديموقراطية يقف وراء اختفاء العديد من القيم التي يَرْتوي منها الحب وينتعش بين الناس، كقيم العدل والمساواة والكرامة والشفافية والنزاهة والاستحقاق وتشجيع الطاقات وتطبيق القانون والحفاظ على جمالية الوطن و رصيده من الطاقات البشرية والطبيعية ..!

فما السبيل للشباب لكي يحب صناديق الاقتراع وهو يرى أنها لا تُعِيرُ لصوته أدنى اهتمامٍ ..؟ و كيف للمواطن أن يُحب أو يُقدر القاضي والدركي والبقال والجزار والنقال والأستاذ … وهو لا تكادُ تخلو مسامعهُ من قصص تمس بسمعة هؤلاء و وأولائك من جرَّاءِ غياب قيمة “الديموقراطية” عند بعضهم ..؟ هل الديموقراطية شعِيرةُ يومٍ واحدٍ على رأس كل خمس سنوات، تُمارسُ من خلال اعتماد نمط الاقتراع اللائحي بالتمثيل النسبي على أساس قاعدة أكبر بقية، وانتداب ممثلي المرشحين لدى مراكز الاقتراع، والسماح بالحق في الطعون، و بالمناصفة والتمكين للمرأة بالولوج للمناصب السامية إلخ …؟ أم إنها يجب أن تكون سُلُوكا وممارسةً يوميةً تَصنعُ طَبْعَ الإنسان وشخصيته ..؟

يعيش المجتمع المغربي اليوم حراكا غيرَ مسبوقٍ، أحدهما عنيفٌ، و تعكسه عدد الاعتداءات والجرائم البينية، يتبادلون فيها المواطنون العنف اللفظي والجسدي في مشاهدَ غريبةٍ، منها ما يصل للإعلام، ومنها مالا يجد طريقه إليه؛ و حراك آخرٌ سلمٌّي، تُجسِّده الوقفاتُ والمسيراتُ السلميةُ لفئاتٍ مجتمعيةٍ، انفلتت من عِقْد النقابات البائِعة، فقدت الحب بسبب فُقدانها لخصلة الديموقراطية في محيطها.

وعليه تصبح علاقة الحب بالديموقراطية علاقة وجود. يكون حيث تكون، ويغيب حيث تغيب؛ تماما كالمُتلازِمة . فلا عودة للحب لأوطاننا مالم تَرجعِ الديموقراطية ويُنصَتَ للمُنادين بها ويُكرَّمَ المُدافعون عليها. موت الحب في حياة الأفراد يعني موت قواهم العاطفية والفكرية والإنتاجية؛ والمحصلة هي بيئة مجتمعية بحجم الجحيم … خوف وفوبيا وغياب ثقة وتخلف .. و فقدان شهية الحياة من أصلها.

*عضو الأمانة الإقليمية للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة – تاونات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق