أخبارملفات و قضايا

نهضة الصحافة والإعلام في الممارسة الحرة ياوزيرنا في الاتصال

KHA 2

 

مهما كانت مبررات وزارة الاتصال والأطراف التي وافقتها في صياغة مشاريع القوانين التي تسعى إلى تمريرها عبر الأغلبية البرلمانية المساندة للحكومة، فإن أبسط مقومات الواقع الصحفي والإعلامي الطبيعي تقتضي عدم اللجوء إلى ما يقننه ويحد من حريته، والوظائف التي يجب أن يمارسها كسلطة رأي عام رابعة ودستورية، تتوافق مع المقتضيات الدستورية والتوجيهات الملكية السامية، الرامية إلى تعزيز هذا الدور الطلائعي للإعلام والصحافة في مشهدنا الديمقراطي الذي يعرف الجيران في أوربا وأمريكا بمدى رقيه في منظومته القانونية، وفي ممارسته التطبيقية التي تساير وتنافس أرقى الديمقراطيات في العالم.

تعلمون السيد الوزير كفاعل صحفي سابق في جريدة حزبكم، أن الممارسة المهنية لا تعبر عن نفسها إن كان صاحبها لا يتنفس أكسجين الحرية الذي يشكل الطاقة المحركة الطبيعية، سواء تعلق الأمر بالخبر أو الحدث أو الموضوع أو القضية، فكيف تأتي اليوم لتخسف هذه الممارسة وتحدد مساحة وحجم الأكسجين الضروري لحياتها ..؟ اللهم إن كان موقفك هو الذي يحرضك على هذه المبادرة لتقنين الممارسة التي ترفض من يريد ترويضها وتحديد مساحة حريتها .. فكيف تقبل بمن يبحثون بكل الوسائل على فرملة حرية ممارسة الصحافة والإعلام نحو الأفضل على غرار ما وصلته في العالم اليوم، ولا شك أنك تعي جيدا أن الممارسة الصحفية والمهنية فتحت لنفسها أوراشا جديدة ستمكنها من النجاح في المعارك التي تخوضها ضد أعدائها في جميع المجالات، ولو بالحد الأدنى من المتاح لها من الوسائل والمبادئ والقوانين والقيم التي تساعد على إغناء الممارسة في كل مجالاتها التي تتطلب دائما أكسجين الحرية الذي يمنحها القدرة على الحركة والفعل والتأثير ..؟

نحن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة على نقيض الرؤيا التي تحاول يا وزير الاتصال ترجمتها في واقعنا الإعلامي والصحفي .. ولسنا معك في هذه الخطوات المتسرعة في فرض مدونتك المرفوضة حتى من الذين شاركوا معك في صياغتها في اللجنة العلمية، وسنلجأ إذا ما حاولت فرضها بواسطة أغلبيتك إلى التحكيم الملكي، ولن نتراجع عن موقفنا المعارض إلا إذا أعدت الصياغة والقرار لممثلي الفاعلين، وراهنت على مساهمتهم في وضع وصياغة القوانين التي تسمح بتوسيع الحريات التي منحها الدستور للصحافة والإعلام، عوض إصدار القوانين التي تحد من حريتها، سواء في الإخبار أو المساءلة أو التنوير.

إننا لا نشكك في نواياك يا وزيرنا في الاتصال التي تشترك معنا فيها في أن يتوفر الوطن على مشهد إعلامي وصحفي راقي في الممارسة والوظائف التي يجب أن يقوم بها لصالح الوطن والمواطن، واستحضارك لما يجب أن يكون عليه في عالم اليوم الذي يسيطر عليه مجتمع المعرفة الذي تقوده تكنولوجيا المعلومات التي بخرت الحدود السياسية والثقافية والحضارية في شعوب العالم، الذي أصبح في قرية تتواصل شعوبها على أكثر من قضية معلوماتية متطورة انتهت بواسطتها الخصوصية والهوية المجتمعية المستقلة عن تجاذبات وتقاطعات هذا التفاعل والتطوير والتواصل الذي أصبحت عليه القرية العالمية الذكية التي تتطور فيها بسرعة التقنيات التي وصلت إليها في عهد العولمة الرأسمالية الجديدة.

إن الإعلامي والصحفي اليوم يا وزيرنا في الاتصال تجاوز التصنيف النمطي التقليدي السائد الذي أصبح أكثر تطورا في ممارسته المهنية بواسطة الوسائط والأدوات التقنية التي يعمل بها في المشهد الصحفي والإعلامي، وما أصبحت عليه صحافة الهواتف الذكية والرسائل النصية والتدوينات في وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة الإلكترونية والرقمية يؤكد على قوة الانفجار والثورة الهائلة التي أصبح عليها الإعلام والصحافة، والذي سيعرف مستقبلا المزيد من التحولات في ممارسته المهنية التي سيكون من الصعب ترويضها والوصاية عليها، فبالأحرى إصدار التشريعات لفرملة مظاهر ثورتها المتجددة في كل جوانب الاشتغال التي تعمل عليها اليوم، وهذا ما يفرض عليك ياوزيرنا في الاتصال أن تستوعبه في رهانك على التقنين والوصاية التي لن تتمكن منها في ظل التحولات السريعة التي يشهدها المشهد الصحفي والإعلامي العالمي الذي لن نكون خارجه على الإطلاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق