أخبارمجتمع

في سابقة من نوعها مجلس جماعة أورتزاغ يكلف المعارضة بمهمة قتل الكلاب الضالة

251

 

تاونات – العياشي كيمية

عقد المجلس الجماعي لجماعة أورتزاغ ، يوم الأربعاء 03/02/2016 بمقر الجماعة، جمعه العام العادي لدورة فبراير 2016، وقد كنت ممن تابعوا أشغال هذه الدورة، وكان الأمل يحدوني في الإنصات لممثلين عن الساكنة، وهم يتداولون في قضاياها الملحة والمستعصية، من هشاشة في البنية التحتية وضعف الخدمات الاجتماعية ….إلخ.
كنت أتوقع نقاشا سياسيا يروم إماطة اللثام عن الواقع المزري الذي كانت ومازالت تتخبط فيه الجماعة، نقاشا يعبر عن روح المسؤولية، ويبرز مدى استيعاب العضو الجماعي، سواء من الأغلبية أو المعارضة، لهموم الساكنة التي اختار طوعا أن يكونا صوتا لها، ومعبرا عن آلامها وآمالها.
كنت أنتظر، وعيني على المعارضة، خاصة بعد تطعيمها بعضو سبق له أن كان رئيساً لنفس المجلس لمدة 15 سنة، وعضوا به لمدة 24 سنة، ومستشارا برلمانيا لمدة 6 سنوات، معارضة فعالة تضع الأصبع على مكمن الخلل في التدبير الجماعي، وتقدم البدائل لمقترحات الأغلبية، وتعرض لمن تابعوا أشغال الدورة تصورها التنموي للجماعة، بشكل يعطي انطباعا عن نجاعة الممارسة السياسية، ويفتح الأمل أمام المواطن المحلي للاطمئنان على مستقبله. فلا يمكن تحقيق التنمية المحلية إلا في وجود أغلبية مسيرة فاعلة ومبدعة، ومعارضة مراقبة لعملها .
لكن، وللأسف الشديد، هالني مارأيت، واستهوتني الأحزان وأنا أتابع مداخلات بعض أعضائها، عفوا مهرجيها، وتذكرت قول الشاعر بشار بن برد :

أعمى يقود بصيرا لا أبا لكم **** قد ضل من كانت العميان تهديه

وتساءلت : هل بمثل هؤلاء تتحقق التنمية المحلية، ويستقيم التدبير بجماعة أورتزاغ ..؟
لقد كان خطاب من أخذوا الكلمة، من منتسبي المعارضة، رديئا وشبيها بحديث الطرقات والمقاهي، استعمل خلاله المتدخلون كلمات نابية على سبيل “كلخنونة على العكار” و”سير تقو….”، وكلام لا علاقة له بالمقام ولا يفقهه أغلب أعضاء المجلس، كوصف عضو في المعارضة، الذي يحلو له أن يسمي نفسه ناطقا باسم معارضة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لسلوك ممرض بالمركز الصحي ب “الستاليني”، وسؤاله عن ” أسباب النزول” أثناء مناقشة مشروع كناش التحملات الخاص بإيجار المسبح الجماعي والمصادقة عليه، وكأن دفتر التحملات وحي منزل من السماء على رئيس جماعة أورتزاغ، كما وبجهل منه لمحددات المعارضة، هاجم عضو حزب الأصالة والمعاصرة، معتبرا إياه لا يمثل المعارضة، لكونه فاز برئاسة لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة، بعد الدعم الذي لقية من أعضاء الأغلبية…إلخ .. !
ومن النوادر أيضا، أن يطالب عضوٌ بالمعارضة رئيس المجلس بتقوية مسلك طرقي بدائرته في الوقت الذي كان الحديث منصبا حول الموافقة من عدمها على بيع المنتوجات الغابوية، وعضو معارض آخر كاد أن يصوت ضد نقطة تهم دائرته الانتخابية، وتتعلق بالموافقة على اتفاقية بين جماعة أورتزاغ والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب حول ” تمويل وإنجاز مشروع تزويد دوار اجويدار التابع للجماعة الترابية أورتزاغ بالماء الصالح للشرب بواسطة الإيصالات الفردية”، لولا تدخل أحد زملائه الذي أجبره على رفع يده، وأفهمه أن الأمر يهمه، في مشهد أثار استغراب وضحك الحاضرين..إلخ ..!
إنه مظهر البؤس السياسي الذي بات يطبع عمل مجلسنا “الموقر”، ومعارضته الاتحادية على وجه الخصوص، فأصبح الرهان عليه في بناء التنمية المحلية ضربا من الخيال. إذ كيف لمعارضة جل أعضائها لا يفقهون أبسط أبجديات العمل السياسي، ولم يسبق لهم أن تدرجوا في تحمل المسؤولية السياسية داخل أحزابهم، أن يكونوا عند حسن ظن الساكنة، ويحققوا طموحاتها في إرساء أسس التنمية المحلية ..؟ و صدق من قال : إذا عرف السبب بطل العجب.

فعودةً إلى ظروف تشكيل المجلس، وطريقة اختيار المرشحين من طرف الأحزاب وما صاحب الانتخابات الجماعية المحلية من تجاوزات خطيرة .. يجعلنا أمام مجلس كنا نستشعر طبيعة تشكلته؛ فجل الأعضاء لا تربطهم بالسياسة رابطة، ولم يُشْهَدْ لهم بالنضال من أجل قضايا الناس، ولا كان لهم رأيٌ. فهم مجرد أدوات اختيرت في آخر لحظة من طرف انتهازيين غرضهم الانفراد بميزانية الجماعة، و الاستفادة مما ييسره كرسيها من مكاسب غير مشروعة، على حساب واقع المواطن الورتزاغي الذي كان ولايزال يئن تحت وطأة هشاشة البنية التحتية وضعف الخدمات الاجتماعية وانعدام فرص الشغل.
ماذا تنتظر من أعضاءٍ لا يحسنون قراءة ما يوضع أمامهم من أوراق، فبالأحرى التعبير عن مواقف، والقيام بمقارنات، وتقديم مقترحات …إلخ ..؟
فكيف يعقل أن تتحول المعارضة من دورها الأصيل في تقويم الإختلالات وتقديم المقترحات إلى إلى معارضة الإصلاحات ،رغم ضعفها وهزالة قيمتها ..؟
كيف نفهم قول المعارضة (تصريح العضو المفضل بنعلوش) بأنها مع المقترحات التي تقدمت بها الأغلبية؛ من شراء للأرض من أجل بناء ملعب للقرب وبناء دار للشباب وبناء مقهى، والدخول في شراكات من أجل توفير دراجات هوائية وسيارة للنقل المدرسي لتلاميذ وتلميذات الجماعة، وأخيرا دعم المسالك الطرقية لفك العزلة عن مجموعة من الدواوير ..إلخ؛ والتصويت في المقابل بالسلب على مشروع الفائض الحقيقي عن سنة 2015، تحت ذريعة معارضة شراء سيارة جديدة للجماعة، والذي بدون الموافقة عليه لن يستطيع المجلس فعل أي شيء ..؟
إنه تناقض فضيع، وموقف يدعو للاستغراب، فكيف يعقل أن نجهز على حق المواطن في المرافق والخدمات المذكورة، بالتصويت ضد برمجة فائض يقدر ب 1229715.50 درهم، لمجرد أنه يتضمن شراء سيا رة، ربما الجماعة في حاجة ماسة إليها، وقيمتها لا تتعدى 140000 درهم ..؟
لا غرابة إذن أن تكلف رئاسة المجلس الجماعي والسلطة المحلية أحد رموز المعارضة والناطق باسمها (كما يحلو له أن يسمي نفسه) بمهمة قتل الكلاب الضالة . فهي مهمة تناسب مثل هذه الكائنات السياسية. فإلهاء المعارضة بقتل الكلاب أهون من قتل حاضر ومستقبل ساكنة الجماعة التي تستحق أن تنعم بخيرات هذا الوطن كباقي جماعات مغربنا العزيز. رغم اعتراضي الشديد على القتل العشوائي لحيوانات عرفت بالوفاء والإخلاص أكثر من بني جنسنا، وأن هناك ضوابط وأخلاقيات في قتل الحيوان، عكس الأسلوب الهمجي الذي تمت به حملة قتل الكلام بالوردزاغ، إذ شاهدت بأم عيني معارضنا الهمام وهو يفرغ خراطيش بندقيته في بطن كلب، فبدأ المسكين يقف ويسقط ويتلوى من شدة الألم، مما جعلني أطلب من أحدهم أن يضرب الكلف على مستوى رأسه رحمة به.
وعودة إلى تاريخ معارضنا الهمام الحالي، الرئيس والمستشار البرلماني السابق، لنعرف خطورة وجوده بالمجلس على حاضر ومستقبل الجماعة. فهو الذي تقلد منصب رئاسة مجلس جماعة أورتزاغ لمدة 15 سنة، عرفت الجماعة خلالها أسوأ أسلوب في التدبير، وانتكاسة خطيرة على جميع المستويات؛ فحول الجماعة من مرفق عام إلى ضيعة عائلية، وحارب الجمعيات المحلية ومنعها من الدعم المالي ل 10 سنوات، وأوصد في وجهها باب قاعة الجماعة التي تعتبر الفضاء الوحيد الذي يتنفس من خلاله المجتمع المدني المحلي.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تعداه إلى حَدِّ الوقوف ضد محاولة إنقاد مركز الجماعة من العزلة التي ضُرِبت عليه، بعد بناء سد الوحدة، فما كان منه إلا أن عارض الدخول في اتفاقية شراكة بين جماعة أورتزاغ وجماعة كيسان من جهة ووزارة التجهيز من جهة ثانية، من أجل فتح الطريق الجماعية بين أورتزاغ وكيسان، ولولا تصدينا وقتها لهذه المؤامرة وتدخل السيد عامل صاحب الجلالة على إقليم تاونات لإجباره على قبول الاتفاقية، لكان مركز أورتزاغ في خبر كان. وبقي مُصِرّاً على عدم أداء الواجب المالي للجماعة لصالح المشروع، ولم تسدد مؤخراته إلا خلال فترة المجلس السابق (يمكن الرجوع إلى تقارير مالية الجماعة)، والذي قُدِّرَ ب 350 ألف درهم، (35 مليون سنتيم).
و لا ننسى الفرص التي فوتها “المعارض” على أورتزاغ؛ في جعل الدخول إلى مركز الجماعة إجباريا أثناء التوجه والعودة من وإلى غفساي أثناء بناء القنطرة، كما ضيع عن مجموعة من الدواوير المحاذية لحقينة سد الوحدة فرصة الربط بالطريق الوطنية، كدواوير جماعة مولاي بوشتى وكيسان، كما لا ننسى التبذير الارتجالي لميزانية الجماعة، سواء على مستوى الإجراءات التي اتخذت من أجل تقوية المسالك الطرقية بالجماعة أو البنايات التي أنشئت لأغراض معينة وبقيت ملاذا للغربان والهوام، كبناية المخيم الصيفي التي بنيت من أجل أن تكون دارا للشباب والبناية المتواجدة بدوار بني مومن التي بنيت من أجل أن تستغل كمستوصف طبي.
هذا فيض من غيض من فترة سوداء عاشتها جماعة أورتزاغ، والتي ألقت بظلالها على حاضر الجماعة، وأكيد أن معارضنا الهمام لن يألو جهدا في الإجهاز على ماتبقى من أمل للساكنة في شم رائحة الحضارة والتمدن ورغد العيش.
وقد يقول قائل : أنني وجهت سهامي للمعارضة الاتحادية، وحملتها وزر ما تعرفه أورتزاغ من اختلالات، وكأن الأغلبية الاستقلالية تقوم بدورها على الوجه المطلوب .
وأقول : إن السياق الذي جاء فيه ماسبق، ليس دفاعا عن الأغلبية، ولا هجوماً على المعارضة؛ إنما الغرض هو دفع هذه الأخيرة من أجل أن تكون أكثر قوة وتأثيراً بهدف إجبار الأغلبية على تجويد أدائها.
وإذا كان لكل تجربة جماعية هفواتها ونقائصها، فإنه لا بد من تقويم تلك الهفوات وتفادي النقائص من معارضة قوية ومُواكِبة. ومجتمع مدني فاعل ومنفعل مع قضايا المواطنين

الأحد 28 فبراير 2016

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق