منبر حر

من مجرد بصلة، إلى دور البوصلة ..!

ABDELLAH AZZOUZI

عبد الله عزوزي

بإلقاءِ لمحةٍ سريعةٍ على أهم الأحداث التي غيرت مجرى التاريخ، نجد أن تلك المتعلقة بِقُوت السكان شكلت منعرجات تاريخية في حياة الشعوب قديما و حديثا. إليكم الوقائع التالية:

•فبيْن 1845 و 1852 عانت سكوتلاندا من مجاعة شاملة، عرفت في كتب التاريخ بالمجاعة العظمى (The Great Famine) قضت على حوالي مليون شخص و تسببت في انخفاض عدد سكان ذلك البلد بنسبة 25 في المائة نتيجة الجوع و الهجرة. تلك المجاعة كانت بسبب فيروس يسمى “Phytophthora infestans ” و الذي ضرب محصول البطاطس في ذلك البلد الذي كان يعتمد بالكامل على البطاطس في تغذيته اليومية نظرا لثمنها البخس.

•في سنة 1958 أطلق الحزب الشيوعي الصيني حملة سماها “القفزة الكبرى إلى الأمام” و التي كان يروم من ورائها إلى تحويل الصين من بلد مُعتَمدٍ على نمط زراعي إلى دولة صناعية حديثة (خصوصا إنتاج الحديد و الصلب). هذا الانتقال صاحبته اختلالات اقتصادية و اجتماعية جرَّت معها 43 مليون ضحية .. !

• ما حدث في الصين في منتصف القرن العشرين كان قد حدث سابقا بالاتحاد السوفياتي على يد جوزيف استالين، وذلك بعدما قرر القائد تحويل الاتحاد من منظومة زراعية إلى مجتمع صناعي. القرار السياسي هذا خلف 10 ملايين من ضحايا الجوع.

•حكايات مؤلمة أخرى تكررت في كل من البنغال (1943) .. فيتنام 1944 .. إثيوبيا 1983- 1985، الصومال 1992.. السودان 1994 و كوريا الشمالية 1994 … حكايات غيرت بنية المجتمعات في كل مستوياتها.

وعلى العكس من صور النقص و الخصاص في الغذاء وندرة المياه، نقف على مشاهد تتحدث عن التخمة و الفائض. فعلى سبيل المثال للشعب الإسباني الحديث علاقة متوترة بفاكهة الطماطم التي غالباً ما يلجأُ إلى توظيف فائضِهِ منها في حروبه الاقتصادية مع المغرب، من خلال سحق كميات كبيرة منها بالشوارع العامة .. نفس السيناريو اعتمده فلاحون آخرون بالصين الشعبية و الذي راحت ضحيته آلاف الأطنان من الحليب المُراقِ احتجاجا على التبخيس و سوء التسويق ..!
بالمغرب حاليا، تشكل “فاكهة” البصل حديثَ الناس في الأسواق والمقاهي و الحافلات وعلى موجات الهاتف العابرة لأوربا والأمريكيتين والشرق الأوسط، فضلا عن إبداعات رواد الفضاء الأزرق … اليوم ثمن البصل، البطل، اقترب من عتبة 15 درهما، وهو ما يعني أن البصلة الواحدة أوشكت أن تصبح بثمن أربعة دراهم .. !

ترى، ألن يكون لهذه المستجدات و المتغيرات تأثيراً على شعبية الإتلاف الحكومي المكون من العدالة والتنمية، التجمع الوطني للأحرار، الحركة الشعبية، و التقدم والاشتراكية قبيل استحقاقات أكتوبر 2016 .. ؟ و هل بمقدور الناخب المغربي أن يفك ألغاز الواقع السياسي الذي يتخبط فيه دون أن يُقدَّم له أي تفسير حول ما يجري من حوله و في وطنه ..؟ وهل يرى في الحكومة حزباً واحداً أم أربعة أحزاب ..؟ وهل بمقدوره أن يفرق بين المحاور و الجبهات، فيضع البصل موضع البصل والإصلاحات في موضعها المناسب ..؟ هل يمكن لخصوبة الأرض وكرم السماء أن يكونا رحيمين بجيوب الناخبين و بمعنوياتهم السياسية قبل موعد السابع من أكتوبر القادم ..؟ أم أن مركز الأبحاث القضائية سيكون سباقاً – قبل ذلك- لفك لغز جريمة ضحيتها الأولى البصل و ثانيها المواطن البسيط ..؟

ما علينا سوى أن ننتظر لكي نرى…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق