الدين و الناس

الدين / الخطاب الإسلامي .. لماذا الدعوة لتجديده ..؟

A.10

د. الصديق بزاوي

كثرت في هذه الأيام الأصوات التي تنادي بتجديد الخطاب الديني إلى درجة تثير فضول جمهور المهتمين بالموضوع لطرح تساؤلات حول دوافع هذا الإلحاح غير المعهود وفي هذا الوقت بالذات

إن تجديد الخطاب الإسلامي يعتبر أمرا ضروريا لكون الشريعة الإسلامية نفسها، تقره ولا ترى مانعا في
ذلك لكون هذا النوع من الخطاب يعتبرا عملا بشريا قد يكتسي طابع الاجتهاد، وأن هذا الأخير أمر مشروع ويرقى إلى مستوى الواجب في حالات معينة .. وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم # أن الله يبعث على رأس كل مائة سنة لهذه الأمة من يجدد لها دينها #.
إن الدعوة المشروعة لتجديد الخطاب الإسلامي لاتعني أبدا أن ديننا الحنيف يعتريه نقص أو خلل يستلزم التصحيح والترميم، لأن الله سبحانه وتعالى أشار في كتابه المحكم لذلك بقوله # ا ليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا #. وبناء على هذه الحقيقة فإن التجديد يجب أن ينصب على الفقه الإسلامي بشكل عام، وليس على نصوص الشريعة التي تعتبر وحيا من لدن عليم حكيم .
إن الفقه الإسلامي يشكل إنتاجا بشريا، وكل العمل البشري معرض للهفوات والأخطاء وسوء الفهم للنصوص الشرعية وانحراف تنزيلها على واقع يتسم بالتغير الدائم والسريع .. وانطلاقا من هذه الحقيقة فإن تجديد الخطاب الإسلامي يصبح ضرورة ملحة لمواكبة ومسايرة الواقع المتجدد وعقول المخاطبين المتطورة باستمرار، ولإيجاد الحلول الشرعية لما استجد من النوازل، وجميع هذه العمليات المتعلقة بإعادة النظر في المفاهيم واستنباط الأحكام من نصوص القرآن والسنة لسد الثغرات التي قد يولدها تغير الزمان والمكان تدخل ضمن دائرة الاجتهاد المطلوب شرعا .
إذا كان تجديد الخطاب الإسلامي يشكل مطلبا ملحا، فإن العديد من الذين يدعون له يهدفون للأسف الشديد إلى تحقيق أهداف مرسومة تكمن في محاولتهم إخضاع الشريعة الإلهية للواقع، بدلا من إخضاع الواقع لهذه الشريعة، وانطلاقا من ذلك يتعمدون تشويه فهم هذا التجديد الذي ينادون به لشرعنة التملص من أحكام الشريعة التي لايزيغ عنها إلا هالك .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق