كلمة النقابة

من المستفيد من انهيار شركة سامير ..؟

انتهت أسطورة التفوق الصناعي والاستثماري لشركة سامير المعنية باستيراد البترول وتكريره في المغرب بالتصفية القضائية، وإلى حدود الساعة، لا تعليقات رسمية حول مآل هذه الشركة التي يسيطر عليها الرأسمال السعودي، في الوقت الذي تكلفت شركات توزيع المحروقات بالاستيراد والتوزيع بدلا عن سامير، ولا يعرف إلى أين ستتوقف تداعيات تصفيتها وآثارها على الاقتصاد الوطني، لن نكون في المستقلة بريس أعلم بحقيقة ملف سامير إلا إذا خرجت الأطراف المعنية بها عن صمتها ونشرت غسيل هذه الشركة التي كانت مثالا حيا للاستثمارات السعودية المغربية الأكثر تقدما وتطورا في النسيج الصناعي والتجاري في المغرب.

يعرف رئيس الحكومة الذي ظل حزبه طيلة فترة المعارضة في حكومتي التناوب يعارض سياسة الخوصصة، أن هذه الأخيرة يمكن أن تكون فعالة في القطاعات الاقتصادية العادية، أما في القطاعات الإستراتيجية السيادية فلا يمكن إلا أن تكون عواقبها وخيمة، ويمكن أن نلتمس العذر لحزب العدالة والتنمية الذي لا يزال يغرد خارج السرب ويتبنى الحلول الاقتصادية التجميلية التي لا تساعد على تجاوز المشاكل الاقتصادية المطروحة، نتيجة توجهه المذهبي المعادي في الأصل للتحليل الاقتصادي الذي يصنف الأولويات في البرمجة والتخطيط لتحقيق الأهداف الاقتصادية الموضوعية هذا التوجه الذي لا يزال يعتقد في صلاحية التدخل التجميلي فقط للإشكاليات التي يواجهها الاقتصاد في كل مجالاته الإنتاجية والخدماتية والمالية والتشغيلية، وبذلك يكون تخلي الحكومة عن شركة سامير والاتجاه نحو تصفيتها في هذا الاتجاه الاقتصادي الذي لا يلجأ إليه إلا من فقد القدرة على إعمال العقل وعدم التسرع في اتخاذ مثل هذا القرار الاقتصادي المؤلم.

إن انهيار سامير يؤشر على مستقبل المشاريع الاقتصادية الكبرى التي ساهمت في وصول سامير إلى التصفية القضائية، إلى الإعلان للرأي العام عن ما حدث وراء الكواليس، ولماذا وجدت الشركة نفسها عاجزة على الاستمرار ..؟ ومن المسؤول عن ديونها التي تجاوزت 43 مليار درهم ..؟ وهل العمودي وكبار المساهمين في الشركة لا علاقة لهم بهذه الخسارة التي وصلت إليها هذه الشركة التي كانت إلى عهد قريب جوهرة للاقتصاد الصناعي المغربي ..؟ ولماذا لم تتدخل الحكومة لإنقاذ الشركة أو التخفيف من حدة الإفلاس السريع الذي أصابها مؤخرا ..؟

إن ما حدث لسامير يمكن أن يطال باقي الشركات العملاقة في اقتصاد الوطن في المستقبل، مما يستوجب من القطاعات الحكومية ذات الصلة التواصل مع الإعلام والصحافة في الوطن للتوضيح والتفسير والتعليق على آخر المستجدات في مثل هذه الملفات التي يتم الحسم فيها في غياب المتابعة الإعلامية الوطنية، ولا يعرف إلى الآن كيف سيتم التعامل مع لجوء المستثمر السعودي العمودي للتحكيم الدولي في نزاعه مع المغرب حول هذه الشركة الاستثمارية السعودية المغربية التي كانت تمثل إحدى الأذرع الصناعية الكبرى في الوطن.

إلى حين امتلاكنا للأجوبة من الحكومة وكافة الأطراف المعنية بملف سامير سيظل تعاملنا الإعلامي قاصرا على الاقتراب من المسكوت عنه في هذه القضية التي انتهت بالتصفية القضائية المرفوضة من قبل كبار مستثمري هذه الشركة، الذين هددوا باللجوء إلى التحكيم الدولي التجاري لحماية مصالحهم.
لسنا طرفا في قضية سامير، أو منحازين لأطروحة إدارتها في الوقت الراهن، بقدر ما يهمنا الحسم في هذا الملف الذي قد تكون عواقبه غير متوقعة على اقتصادنا .. وما نتمناه هو أن تتمكن المقاولات المغربية التي تقوم بدور سامير اليوم في مستوى المنافسة، وتوفر الخدمة الاقتصادية التي كانت تغطيها شركة سامير .. وفي هذا الإطار، لا نعرف مدى قدرات باقي الشركات المغربية في تعويض شركة سامير في الاستيراد والتوزيع والتكرير، وفي تسويق المحروقات وضمان الجودة والتنافسية المطلوبة في هذا المجال الاقتصادي المؤثر على الكثير من القطاعات الإنتاجية والخدماتية التي تضمن في النهاية الانسياب والسير الطبيعي للمقاولات المغربية والأجنبية في الاقتصاد الوطني.

بكل تأكيد، لا زالت المعطيات الحقيقة التي يمكن أن تكون موضوعا للحوار الإعلامي وللمساءلة الصحفية غير متوفرة، باستثناء ما خرج عن الجهات الحكومية المعنية حتى الآن، والتي لا يمكن بالضرورة أن تكون كافية للوقوف على ملابسات قضية سامير من جميع جوانبها القانونية والمالية والتجارية والاقتصادية حتى الآن، وإن كان مطلوبا من الحكومة الخروج عن صمتها اتجاه تطورات هذا الملف المطروح اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق