كلمة النقابة

القيم الانتهازية وتعاطي النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة مع ضغوطها

بدأت بعض الأسماء الملتحقة مؤخرا بصفوف النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، تتحرك بالسرعة القصوى لتلميع نفسها واستغلال المرونة التي تمارس بها مبادؤها وقوانينها الأساسية والداخلية، وكأنه لا يوجد من يردعها على ذلك، وكأن هذه النقابة الديمقراطية المستقلة التي تشتغل بفلسفة جديدة في العمل النقابي في المجال الصحفي والإعلامي يمكن أن تكون قنطرة وممرا آمنا لمن يريد النجاح والتقدم السريع على حساب مكوناتها التي لن تكتشف دعارة هذه الممارسات السلوكية المنحرفة أبدا.

إن من يعتقد أن القيم الانتهازية يمكن أن تجد لها البيئة الخصبة في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة فهو واهم، وعليه سرعة الرحيل من صفوفها، إلا إذا كان سلوكه يستهدف تطوير عمل النقابة والاشتغال على القضايا التي تناضل من أجل خلخلة المشهد الإعلامي والنقابي والسياسي حولها، وسيكون الانتهازي مفضوحا أمام أبسط مناضلي هذه النقابة المؤمنة بالعمل الجماعي، وبالمبادرة النقابية التي تحظى بالمصداقية والوضوح والشجاعة في عرضها والدفاع عنها.

على هذا الانتهازي أيضا أن يستوعب أن النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لن تكون صيدا ثمينا له ولأمثاله من المرتزقة، الذين يبحثون عن تحسين مستقبلهم الشخصي على حسابها، وبدون فعل وتراكمات نضالية حقيقية تبرز عطاؤهم المناضل على اختلاف مواقعهم في النقابة، ويخطئ من يتوهم أنه يملك القدرة على القفز على مبادئها والركوب على تضحيات ونضالات مناضليها، فالنتيجة الحتمية لممارسة هذه القيم النفعية المرفوضة داخل النقابة هي مواجهة الرفض المطلق من قواعدها ومسؤوليها، خاصة أنها ولدت لإعادة الاعتبار للعمل النقابي النزيه والديمقراطي والمناضل، ومن لايستطيع تمثل الأسس والقوانين التي قامت عليها ومشاريع التصورات والمواقف والقرارات التي تتخذها في وقتها سيكون فاشلا وغير مرغوب فيه في نهاية المطاف.

إن النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، التي خرجت كرقم صعب في المشهد النقابي مستعدة للتضحية بالذين لا يؤمنون بها، وأنه بالإمكان التشويش على مواقفها ومبادراتها التنظيمية والنضالية، ويمكن الاستئناس بالذين أصبحوا اليوم خارجها، والذين يعرفون أنهم أخطأوا الطريق وزاغوا عن المحجة البيضاء التي تجمع المناضلين حولها، وأن المستقبل لكل المتشبعين بالأهداف النقابية والمدنية والمجتمعية التي تأسست من أجلها، ولا داعي للقول، بأنها تنتصر دائما على من يمشون في الاتجاه المعاكس لمشروعها النقابي والمهني والتنويري والديمقراطي الذي تقوم عليه فلسفة قوانينها.

هذه هي النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، التي تمثل الشعلة المضيئة في المشهد النقابي والإعلامي الوطني بامتياز، التي لم تتأخر في دعم المواقف والمبادرات الإيجابية التي تخدم الوطن والمواطنين في جميع القطاعات، وفي التعبير عن الرفض والإجماع ضد جميع المواقف والمبادرات السلبية التي تصدر عن جميع الأطراف المعنية بتدبير الشأن العام، سواء كانت من الأغلبية أو المعارضة، وحتى في المشهد الإعلامي كانت و لا زالت على مواقفها الثابتة المناصرة للحريات العامة ولممارسة جميع الحقوق المنصوص عليها في دستور الوطن، والمنظومة الكونية المتعارف عليها عالميا، وفي نصرة ضحايا الاستبداد والشطط في استعمال القانون، واستغلال النفوذ، وتكريس الديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية، انطلاقا من إيمانها بذلك، والتأكيد عليه في قوانينها منذ المؤتمر التأسيسي لإنشائها الذي تطابقت أهدافها مع توجهات العهد الجديد التي تسعى إلى إقرار المجتمع الديمقراطي الحداثي، وكما حماها المخلصون من مناضليها طيلة 16 سنة من تأسيسها فلن تكون عاجزة على فضح ووقف جميع من يحلمون بالمجد على حساب مناضليها.

يكفي الانتهازيين استخلاص العبرة من القيم التي تتحكم في استمرار إشعاعها وتوسعها التنظيمي في أفق انعقاد المؤتمر الوطني الأول، الذي سيرسم الآفاق المستقبلية لنضالاتها، وحتى ذلك الحين، إن لم تكن لهؤلاء الانتهازيين القدرة على الصبر والتضحية والصمود، فبإمكانهم الانصراف بدون ضجيج، حتى لا يجدوا أنفسهم خارج صفوف النقابة بقوة قوانينها ووعي جميع مناضليها الذين يملكون الحق في المطالبة بالحسم في وجود أصحاب هذه السلوكات المنحرفة في أي موقع من المسؤولية.

للتذكير، فالنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، التي خرجت إلى الوجود لتطهير المشهد النقابي من الانحراف والبيروقراطية، لا يمكنها أن تسمح بالأمراض التي تحاربها بالتسرب إلى تنظيماتها، وستكون قادرة مهما كانت أهداف مثل هذه السلوكات الانتهازية على الحسم مع أصحابها بالقوانين التي تحكم هياكلها وشروط العمل في صفوفها من القاعدة إلى القمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق