الدين و الناس

دين / الخطاب الإسلامي .. “نماذج من الواقع”

استفهام

د. الصديق بزاوي

الديمقراطية نظام مخالف للإسلام، حيث يجعل سلطة التشريع للشعب أو من ينوب عنه كأعضاء البرلمان. وعليه، فيكون الحكم فيه لغير الله تعالى، بل للشعب ونوابه .. والعبرة ليست بالإجماع، بل بالأكثرية، ويصبح اتفاق الأغلبية قوانين ملزمة للأمة ولو كانت مخالفة للفطرة والدين والعقل .

إن هذا النوع من الكلام، بل قل ( من اللغو ) يؤكد مدى عبث بعض اللذين نصبوا أنفسهم فقهاء الشريعة الإسلامية الغراء، ويفتون للمسلمين بغير علم .. وهم مع الأسف الشديد يعتبرون زعماء شبه مقدسين في أعين أتباعهم من المسلمين أشباه الجاهلين .

أكيد أن الإيمان يقتضي التسليم بشريعة الله سبحانه وتعالى، وهذه الشريعة الإلهية تتضمنها على الخصوص السور المدنية التي تشكل حوالي ثلث القرآن الكريم، في حين تشكل السور المكية حوالي الثلثين، وهي تهدف إلى بناء عقيدة التوحيد.

إن الأحكام التي شرعها الله تعالى لعباده، تشكل قواعد أصولية تتميز بالثبات وتعتبر “أم الكتاب” ولا يحق للمسلم أن يخالفها. و أن هذه الأحكام الأصولية تسمى أيضا بالإحكام الكلية لكونها تتميز بطابعها العام، وهي تحتاج إلى تدقيق وتفصيل وتتولد عنها أحكام تفصيلية تسمى أحكاما فرعية يتولى فقهاء الإسلام المجتهدون الراسخون في العلم أمر تبيانها وتفصيلها وتنزيلها على الواقع المتجدد، مهتدون في ذلك بسنة نبي الهدى عليه افضل الصلوات وأزكى التسليم، كما يتقيدون بضوابط شرع العليم القدير . وهؤلاء المتخصصين مطالبين بمساءلة أهل الذكر وأهل الخبرة امتثالا لقوله سبحانه: “اسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون “، وقوله تعالى: “واسأل به خبيرا”، ولا مانع شرعا، أن يستفيد المسلمون من علوم غيرهم وما راكموه من تجارب ومعاريف يتعلق بعضها بالتشريع، لتدارك التقصير الفظيع الذي عرفته الأمة الإسلامية والجهل المركب الذي يعيشه جل علماء المسلمين. والحكمة ضالة المسلم .إن وجدها فهو أحق بها. كما أنه سبحانه وتعالى فرض علينا النظر والتفكير والتدبر والتذكر والتعقل لكي نتمكن من استنباط ما قد نحتاجه في عباداتنا وفي تعاملاتنا وتنظيم القوانين الدستورية، ومدونات الشغل والتجارة والأسرة والتعمير وغيرها. وهذه الامور هي التي تشكل ما يعرف في عصرنا بالتشريع . وتوكل هذه المهمة في الأنظمة الديمقراطية لمؤسسات تعرف بالسلطات التشريعية أوالشورية، الشيء الذي لايستطيع (الفقيه) المقلد الكسول الذي يرفض الاجتهاد، ولا يستجيب لهذه الفريضة الشرعية، ولا يمتلك القدرة على القيام بها، والذي سيحاسب أمام “العزيز الجبار”على تركها، وربما على إنكار هذا المعلوم من الدين. أنه لمن الطبيعي أن يحدث في الديمقراطيات بعض التجاوزات والهفوات مثل محاولة بعض الجهات المسؤولة تمرير بعض القوانين التي تخرج عن ثوابت الدولة ومقدساتها ولا تنسجم مع القوانين التي تصدر عن السلطة التشريعية، رغم كون هذه الاخيرة تنتخب من الشعب لتنوب عنه في كل صغيرة وكبيرة . ومن أهم مؤسسات مراقبة ما يصدر عن السلطة التشريعية من قوانين في الأنظمة الديمقراطية نشير إلى الغرف الدستورية والاستحقاقات المباشرة. كما نشير إلى بعض المؤسسات المعتمدة في العالم الإسلامي مجلس الخبراء في إيران، ومؤسسة إمارة المؤمنين في المغرب، والتي تحمي ثوابت ومقدسات الأمة .. وأكيد أن النظام االديمقراطي عمل بشري .. وأكيد أن كل عمل بشري معرض للخطأ. وهذه الحقيقة تنطبق حتى على الاجتهادات الفقهية التي تصدر عن علماء المسلمين الذين نكن لهم كل التقدير لأن” كل الكلام يؤخذ منه ويرد، ما عدا المعصومين” وهما القرآن والسنة النبوية. أما أنتم يا أشباه العلماء .يا من يخرب الحضارة البشرية ويهدمها، فما ذا أعددتم من أنظمة سياسية ومؤسسات وآليات لتكون بديلا إسلاميا ينقد البشرية من الاستبداد والظلم ويحقق التنمية والأمن والسلم للشعوب، وأنتم الذين تمتلكون كنزا لا ينبض ألا وهو القرآن الكريم وسنة النبي الأمين وفقه الصادقين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق