للمستقلة رأي

عبد اللـه الدامون والدعاية لإخوان مصر ..!

DAMOUNE

من يطالع افتتاحيتك يا عبد اللـه الصادرة في يومية المساء مؤخرا، سيكون مضطرا للاعتراف لك بمواهبك في ضرب الإيقاع للإخوان المسلمين في مصر، الذين عصفت بهم ثورتي 25 يناير و 30 يونيو .. وفي هذا الإطار، يحق لنا أن نعرف أسباب هذا الصمت الطويل في الإعلان عن هوية ولاءاتك السياسية والثقافية التي أعلنت عنها بالجملة وليس بالتقسيط لمن كانوا يريدون أخونة المجتمع والدولة والاقتصاد في مصر، لتكشف لنا عن خريف معرفتك السياسية بأن النظام السياسي المصري يتحمل بالفعل مسؤولية اغتيال الشاب الإيطالي الذي خلق أزمة بين مصر وإيطاليا، وأن السيسي شعر بالحزن على الدم الإيطالي أكثر من حزنه على دم أبرياء مصر الذي سقطوا في اعتصامي رابعة والنهضة.

نحن لا نحسدك في حرية تقديم فروض الولاء والطاعة لإخوان مصر أو غيرهم .. فهذا يخصك، ونحن نؤمن حتى النخاع بحقك المقدس في الاختيار الحر في هذا المجال المذهبي والعقائدي، وندرك في جريدة المستقلة بريس الإلكترونية، أن المدخل للديمقراطية يبدأ من حرية التعبير، لكن أن تلجأ إلى السخرية من مصر ومن كونها أم الدنيا كما يؤمن بها الشعب المصري، وأن تستعين بالشاعر الفيلسوف الذي ضحك يوما على سذاجة المصريين في شعره، فهذا يحول تناولك للمثل المصري إلى سخرية سياسية مفضوحة، تزيل اللثام عن هوية قلمك المأجور لصالح أعداء مصر في ظل النظام الجديد الذي سمح للمصريين بتصحيح الخطأ في وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم الذي سقط بفعل أخطائه، وليس بتدخل الجيش، كما أن وصول السيسي إلى رئاسة الجمهورية جاء بانتخابات نزيهة أطاح فيها بمنافسه حمدين صباحي الاشتراكي.

إن تخصيص صفحات ملف عن ثورة يناير المصرية لم يكن يفرض الوقوف عند ذكرى هذه الثورة الأولى التي أطاحت بنظام حسني ، بقدر ما كنت تستهدف منها الدعاية لإخوان مصر الذين أطاحت بهم ثورة 30 يونيو 2013، واعتبارك هذا الانقلاب عسكري وضربة للنظام الديمقراطي الذي جاء ب. محمد مرسي للحكم من جهة، ومن جهة أخرى، خلق أجواء الضبابية والتغليط في تعاملك مع الحدث المصري حتى لاتنكشف رؤياك الحقيقية التي تحرص على أن تكون صالحة للاستعمال في الاتجاهين، وفي نموذجها الراهن، تبين أنك تريد استغلال مظلومية إخوان مصر لنفس الأهداف .. وما جاء في ملفك عن تجربة الإخوان في السنة التي حكموا فيها مصر من أنهم استهدفوا من الجيش المصري بقيادة الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، ولم تشر في هذا الملف إلى الأخطاء التي ارتكبوها وضيعت مشروع الأخونة الذي كانوا يسعون إلى تنفيذه.

من حقك الزميل الدامون كصحفي، أن تنتقد تجربة السيسي في الحكم، وأن تفتح أكثر من قوس نقدي حول الرؤيا التي يتبناها في تدبيره للشأن العام المصري من خلال خلفيته العسكرية، لكن أن تختزل تجربته الزمنية الغنية بمشاريع لم يبلورها من قبله أحد ويواصل سياسة تشغيل المصريين في الأوراش التي يمكن من خلالها مواجهة نموهم الديموغرافي والاستجابة لحاجاتهم الاستهلاكية والصحية والتعليمية في الفترة الأولى من وجوده على رأس الدولة، فهذا يستدعي منك أن تكون كصحفي بجانب من يشتغل على برامج قابلة للنقاش والتقييم، كما يتضح من برامجه في قناة السويس وفي البنية التحتية الطرقية وفي النشاط الزراعي وفي القضاء على أزمة التموين والكهرباء والسكن العشوائي، بعيدا عن تبرئة الإخوان الذين ركبوا على ثورة 25 يناير من أجل الشروع في أخونة الدولة والاقتصاد والمجتمع، بدل استغلال تجربتهم الجديدة في الحكم فيما لا يتطلع إليه المصريون.

أما حزنك على المعتصمين الذين سقطونا في رابعة والنهضة، فمن دون شك أنك تحاول افتعال البلادة في المعرفة بالحقائق ومسلسل هذه الاعتصامات التي رفض فيها الإخوان فك الاعتصام الذي تدخل الجيش قبل تحوله إلى بؤر للمقاومة ضد الدولة، ولنا اليقين في المستقلة بريس، أنك تبحث عن مظلة للاختفاء وراءها، وحماية قناعاتك الإيديولوجية المضطربة التي تحاول من خلالها أن تكون أكثر تطرفا في جبهتي اليسار أو اليمين وما أنت لا مع اليسار أو اليمين .. وننصحك زميلنا العزيز بأن موقفك الصحفي يفرض عليك النزاهة والحياد في تناول الأحداث والقضايا الكبرى.

إننا في المستقلة بريس، نحترم اختياراتك ومواقفك، ولكننا على النقيض حينما تحاول استغلال الضجة التي خلفها اغتيال الشاب الإيطالي في مصر للقيام بدور الدعاية لإخوان مصر الذين تعرف أسباب سقوط نظامهم في مصر، للهم إن كنت تريد أن تجعل من هذه الدعاية عربونا ومقدمة للإعلان عن التعبير المحتمل في قناعتك الشخصية التي لم تتضح معالمها بعد، وتبحث لها عن الغطاء الإيديولوجي الذي لم تتمكن من ضبط مواصفاته حتى الآن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق