للمستقلة رأي

الإعلان عن نهاية المشاورات لتشكيل الحكومة أو “اللي داخ يشد الأرض”

انتهى الكلام

ماذا يعني إعلان ابن كيران عن انتهاء المشاورات لتشكيل الحكومة ..؟ وهل المشاورات التي تمت لم يكن يوجهها ما يسمح بحدوث الاتفاق ..؟ ولماذا لم يعلن عن تفاصيل المشاورات ..؟ وهل أداء الأحزاب المشاركة في الحوار يفتقر إلى ما يساعدها على تجاوز خلافاتها ..؟ ومن هي الجهات التي يدعي الرئيس المكلف أنها تضغط لإفشال المشاورات ..؟ وهل في هذا الزمن المغربي الحالي لا يزال من يمكنه اللعب بالنار، والتهديد بقوته وتجدره الجماهيري في جل أحزابنا ..؟ وهل حزب العدالة والتنمية لا يزال مطمئنا لرهانه على سلاح المظلومية في مشهدنا السياسي، الذي عرف تحولات عميقة تسمح بترجمة نفسها في سلوك ومواقف تتجاوب وانتظارات المغاربة المؤجلة ..؟

كما يلاحظ القراء الكرام، في هذه الأسئلة التي نطرحها في فقرة كاملة عن مهزلة التعثر والتأخر في انتهاء المشاورات بتشكيل الحكومة الجديدة، فالأجوبة عنها أصبحت في حكم مسؤولية من يشاركون في هذه المشاورات التي ختمها الرئيس المكلف بجملة “انتهى الكلام” -الذي يترجم المثل المغربي “اللي تلف يشد الأرض”-، كما أن الشعور باللجوء إلى هذا السلوك يكشف عمق النقص في وعي المشاركين بالمعرفة السياسية وعلم التفاوض واتخاذ القرارات .. ونعتبره في المستقلة بريس نكسة في منظور مشهدنا السياسي الذي أصبحت طبقته الحزبية والنقابية والمدنية عاجزة على تحديث وتطوير وعقلنة تجربتها ووعيها .. وبالتالي، أنه لا مخرج مستقبلي لهذا المشهد بدون تجديدها وتكريس التداول على رأس أجهزتها التقريرية للتأقلم مع متطلبات التحولات المجتمعية السريعة.

إن الظرف الوطني والدولي لم يعد يقبل سياسة تصريف الأزمة يمثل هذه المواقف السياسية القاصرة حتى على إقناع أصحابها، فبالأحرى المجتمع الذي يترقب الحسم مع هذه الأزمة البنيوية المتعددة وتداعياتها الواضحة في جميع المجالات، وإن لم يعترف المشاركون في المشاورات بفشلهم، فإن تحول النتائج سيكون مضاعفا من الذين منحهم المواطنون أصواتهم لتدبير الشأن العام ومعالجة المشاكل المطروحة، اللهم إن كان هؤلاء جميعا يعتقدون أن المغاربة لا يزالون في “دار غفلون” وأنهم غير مؤهلين لمحاسبتهم على أخطائهم، وأنه لا يزال بالإمكان الضحك على الذقون إلى ما لا نهاية .. وبالتالي، أن هذه المحصلة لمشاورات تشكيل الحكومة لن تؤثر على الرأي العام الوطني وتجعلهم في قفص الاتهام والإدانة الشعبية.

إن الرهان على ” اللي تلف يشد الأرض” الذي قد يجد فيه الرئيس المكلف والأحزاب التي حاورها المخرج المقبول، يمكن أن يكون مقبولا منهم، لو أن الأمر يتعلق بقرار حكومي أو تشريع قانوني جوبه بالرفض ويتطلب إيجاد الظروف الملائمة لتطبيقه، أما أن يكون القرار في انعدام الحكومة المنتخبة الشرعية التي تمتلك ثقة البرلمان على برنامجها، فهذا يعتبر مخرجا كارثيا يضع الجميع في قلب المسؤولية على الاستهتار بإرادة الناخبين وبمصير السير الطبيعي للمؤسسات، ويهدد الاستقرار والأمن الذي ينعم به الوطن.

نحن لا نتشف أو نستهزئ من نخبنا الحزبية في الأغلبية، التي يجب أن تعبر عن نفسها، ولا في المعارضة التي ستنكشف بعد تشكيل الحكومة .. ونعتقد أن الجميع يهمه حاضر ومستقبل المغرب ونجاح تجربتنا الديمقراطية التي ليست في حاجة إلى من يطعن في مصداقيتها، وأن حرصنا عليها يجب أن يكون حاضرا في تفكير وسلوك الجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق