منبر حر

أدب السجون لم يكن يوما حلا للمعطلين

SAFI SAF

                                                            يوسف الإدريسي

الناظر إلى تاريخ مدينة اليوسفية، وخصوصا ما بعد أحداث 2011، سيدرك أن المدينة استهدفت بشكل مخطط له سلفا، ابتداء من فبركة ملف المعتقلين الثمانية، ومرورا باعتقال العربي العكاز أثناء توجهه إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج على خلفية اللائحة المشؤومة التي تضمنت أسماء لمناضلين بالمدينة مفرزة اعتقالات بالتقسيط ومحاكمات شكلية كانت غالبا ما تنتهي بالحفظ، وانتهاء باعتقال جواد المناني وعمر قبلي إثر شكاية تقدم بها مسؤول بعمالة الإقليم تحمل تهمة إهانة موظفين.

من المؤكد أن سياسة “أدب السجون” لم تعط أكلها لا قديما ولا حديثا باعتبار أن سيكولوجية المحتج الغاضب تميل أكثر إلى التحدي والعناد لتحقيق الهدف دون استحضار ضريبة الموقف، ويظهر جليا أن مردّ ذلك إلى أن المحتجين لا يوجد عندهم ما يخسرونه مقارنة مع ما قد يحصلون عليه من نتائج عاجلة أم آجلة في معركة الشغل والكرامة التي باتت شعارهم في هذا التدافع، غير أن محاولة المسؤولين استدراج اندفاعاتهم وحماساتهم بهدف إسقاطهم في المحظور، تبقى مفتوحة على جميع الاحتمالات، بما فيها تأجيج نار خامدة من تحت أكوام الرماد.

هذه النار التي لن يكون بمقدور أحد إطفاؤها ولو كان كائنا انتخابيا أو مناضلا موسميا أو مقتاتا على عرق البؤساء، خصوصا إذا استحضرنا ما عاشته شوارع اليوسفية منذ ما يزيد عن السنة من وقفات ومسيرات استطاعت اقتحام الأحياء الشعبية، في محاولة لإيصال مطالب المحتجين وبعثهم برسائل قوية إلى المسؤولين، علما أن السلطات المحلية تعي جيدا مخاطر ترك الحبل على الغارب في مثل هذه الاحتجاجات العفوية غير المؤطرة، كما أنها تعرف جيدا أنه من الصعب التحكم في صرخة شباب يعيشون على وقع فراغ اجتماعي ونفسي ينذر باحتقان فوق احتقان لسبب واقعي وبسيط، كون المكونات السياسية والجمعوية بالمدينة تعيش على بياض رهيب بالرغم من بعض المحاولات اليائسة التي دائما ما تصطدم برواسب أيديولوجية أحيانا ومصلحية في أحايين أخرى.

إن اتساع دائرة الوعي بثقافة التعبير السلمي والحريات يضع الجهات المسؤولة، وهنا أقصد مسؤولي الشأن الداخلي بالعمالة، على محك تدبير المرحلة أمام هذا التنامي الاحتجاجي، ويجبرها على مقابلة الاحتجاج السلمي بالإنصات والحوار الهادف، عوضا عن لغة التهديد وأسلوب المقاربة الأمنية، وسياسة الاستدراج ولي الأذرع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق