أخبارجماعات و جهات

أي تدبير للشأن المحلي في الجهات والمدن والمقاطعات في نظامنا الجماعي المغربي الحالي ..؟

5092

من أشد الظواهر إثارة في المشهد الوطني المؤسساتي ما أصبح عليه التدبير المؤسساتي الجماعي والجهوي، حيث لم تتمكن الهيئات المنتخبة في استحقاق 2015 إلى حد الساعة من طرح مخططاتها التنموية التي سترهن تدبيرها إلى نهاية هذه المرحلة الانتدابية الجديدة، اللهم ” تعمار الشوارج ” من قبل بعض القيادات الحزبية التي لا زالت تراهن على الخطابة وإرسال المواقف إلى خصومها داخل أحزابها وخارجها، عوض أن تطرح في هذه المناسبات للحوار مع منتخبيها ومع مناضليها ما حضرته هياكلها الحزبية لدعم وعودها في المجالس الجهوية والجماعية وفي مجالس المدن والمقاطعات لترجمة وعودها لصالح الساكنة التي ساندتها في هذه الانتخابات الجماعية والجهوية.

لسوء حظ المغاربة، أن التجربة الجماعية التي عرفها المغرب منذ بداية الاستقلال لم يصاحبها اهتمام مجتمعي بالنقد والتقويم والتجويد، مما جعل كل التعديلات التي عرفتها المنظومة القانونية الجماعية تتم عملية إغنائها من قبل الوزارات الوصية (الداخلية والمالية)، التي تضع اجتهاداتها أمام ممثلي الأحزاب والنقابات قصد المناقشة والمصادقة، وبالرغم مما عرفته هذه المنظومة من تحولات ومستجدات، فإنها لا زالت دون الطموح الديمقراطي الذي يتطلع إليه المغاربة فيما يخص التدبير المحلي للشأن العام الذي لا يزال يقتصر على إجراء انتخابات جماعية لتجديد المكاتب والمجالس المسيرة فقط، دون أن يرافق ذلك تحسن على مستوى تطور الاختصاصات التي تمارسها هذه المؤسسات، بما في ذلك المؤسسات المحدثة في العقدين الأخيرين التي تتعلق بمجالس المقاطعات والمدن والجهوية الموسعة، حيث لم تنضج هذه التجارب وفق الأهداف المتوخاة من تحديث القوانين المنظمة لانتخاباتها ومهامها إلى اليوم.

إن النظام الجماعي المرتبط بالنظام القبلي الذي يتشكل به المجتمع المغربي والذي عمل المغاربة على تطويره من خلال التواصل مع التجارب المجاورة .. خصوصا، التجربة الفرنسية التي اعتمدها منذ الستينات والتي اغتنت وارتقت بالاجتهادات القانونية والتنظيمية التي طبقت على النموذج الجماعي المغربي تميز كافة العمليات الانتخابية الجماعية التي عرفها المغرب، ويكفي أن التجربة المغربية مازالت قابلة للتطوير في مرجعياتها القانونية في أفق تشجيع النموذج الوطني الفرنسي، انطلاقا من اجتهادات الدولة والأحزاب والنقابات والمجتمع المدني التي لازالت مفتوحة ويترقب المغاربة استكمال تطورها الذي بإمكانه التجسيد الفعلي للعمل الجماعي وخدمة أهدافه التنموية والسياسية والاجتماعية.

حتى لا نتهم بالنقد اللامسؤول والاستخفاف بما يقوم به المنتخبون، والحرص على إبراز السلبيات فقط .. نقول، لمن يمكن أن يعترض على رأينا أن جل المنتخبين في هذه المؤسسات الجماعية والجهوية وفي المقاطعات ومجالس المدن يعرفون عن قرب أنهم لم يعودوا يمتلكون القدرة على الاحتجاج والنقد والاعتراض على ما تقوم به المكاتب المسيرة لهذه المؤسسات الجماعية، وفي مجالس المدن الكبرى، أصبح حضورهم كغيابهم، بعد أن سرقت شركات التدبير المفوض وشركات التنمية المحلية منهم الحق في ممارسة وظائفهم في التشريع والمراقبة والتفكير في المستقبل، وأن حضورهم أصبح شكليا للموافقة على ما تترجمه المكاتب المسيرة، وأن المعارضة في هذه المؤسسات لم يعد بإمكانها التدخل لفرملة سوء السيير الذي طال جميع الخدمات.

ويحق لنا في المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن نعمم هذه الملاحظات النقدية على مجالس الجهات التي يتطلع المغاربة إلى أن تكون مجالس جهوية متقدمة وفاعلة في المجال الدبيري والتنموي .. أما باقي المجالس الجماعية في الجماعات الحضرية والقروية والمقاطعات فحدث عن النوم العميق للمنتخبين الذين استسلموا للأمر الواقع، وضاعف افتقار أحزابهم إلى ما يمكن أن يساعدهم على تحسين وجودهم في هذه المؤسسات من تدني في القيمة المضافة التي حولتها المرجعية القانونية للمنتخبين في هذه الجماعات التي أصبحت تحت رحمة التسيير المزاجي والفردي للمكاتب وشركات التدبير المفوض وشركات التنمية، كما هو حال مجالس المدن الكبرى على امتداد الوطن اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق