أخبارنافذة على الثقافة و الفن

مطر .. مطر ..!

 

HA HA

هناء حجازي

تقول نازك الملائكة:
أمطري، لا ترحمي طيفي في عمق الظلام
أمطري صبي علي السيل يا روح الغمام      NAZAK
لا تبالي أن تعيديني على الأرض حطام
وأحيليني إذا شئت جليدا أو رخام

في هذه القصيدة تستدعي نازك الملائكة المطر الغاضب .. المطر القاسي .. المطر المنتهي بالسيول .. تستدعيه كي يغرقها مع أحزانها، فالمطر الهادئ، المطر الناعم، لا يكفي كي يغسل شجونها، هي تريد مطراً صاخباً، مصحوباً برياح مدوية، هذا النوع من المطر هو وحده القادر على أن ينسيها همومها.

وتقول فدوى طوقان في قصيدة الطاعون

أهتف من قرارة الأحزان بالرياح
هبّي وسوقي نحونا السّحاب يا رياحFADWA
وأنزلي الأمطار
تطهّر الهواء في مدينتي
وتغسل البيوت والجبال والأشجار
هبي وسوقي نحونا السّحاب يا رياح
ولتنزل الأمطار ..!
ولتنزل الأمطار ..!

المطر عند فدوى طوقان  يغسل البيوت والجبال والأشجار. لكنه مطر يطهر، يطهر من الطاعون، يطهر من الفساد

أما القصيدة الأشهر في الأدب العربي المعاصر عن المطر فهي أنشودة المطر للسياب
يقول في جزء منها
أتعلمين أيَّ حُزْنٍ يبعث المطر ..؟
وكيف تنشج المزاريب إِذا انهمر ..؟                
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضّياع ..؟
بلا انتهاء – كالدَّم المراق، كالجياع،
كالحبّ، كالأطفال، كالموتى – هو المطر
كيف هو المطر يبعث على الحزن عند السياب، حزناً عميقاً ممتلئاً بمعاني فلسفية عميقة، المطر يبعث على الحزن تماماً كما يبعثه الحب، والأطفال والموتى. تشبيهات غريبة وتدعونا للتفكير، كيف يكون الأطفال دافعاً لBADRلحزن، كالموتى. لكن، فكر قليلاً، كم هم الأطفال يبعثون على الحزن والقلق والحيرة والخوف، تماماً كالمطر، والحب. والموتى ..
لكنه، يعود ليرى في المطر باعثاً على الابتسام والأمل
« مطر ..
مطر ..
مطر ..
في كلّ قطرة من المطرْ
حمراء أو صفراء من أجنَّةِ الزَّهَرْ .
وكلّ دمعة من الجياع والعراة
وكلّ قطرةٍ تراق من دم العبيدْ
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ تورَّدت على فم الوليدْ
في عالم الغد الفتيّ، واهب الحياة . «
ويهطل المطرْ ..
هو المطر، واهب الحياة، هذا ما نعرفه، يعرفه البدوي في خيمته، يعرفه المزارع في بستانه، تعرفه البشرية منذ ولادتها، هو رمز الحياة، رمز التجدد، رمز التطهر والاغتسال من الخبث والقذر.
الشاعر عدنان الصائغ يقول:
أيّها المطرُ ابقَ في الشّوارعِ نزقاً كالقططِ والأطفالِADNANE
ابقَ على الزّجاجِ لامعاً مُنساباً كقطراتِ الضّوءِ     
ولا تدخلْ في معاطفِ الأثرياء إلى المحلاتِ
خشيةَ أن تتلوّثَ يداكَ البيضاوان بالنّقود
لو يعرف الشاعر كيف يبقى المطر في مدينتي في الشوارع لما طلب منه هذا الطلب.
في أغلب قصائد المطر، يرتبط ذكره بالتلوث، والرغبة في التطهر. في أغلب القصائد، هناك حزن وألم يبعثهما المطر، وتجدد وأمل في نفس الوقت
نحن أيضاً في مدينتي، لدينا ذات الاحساس بالمطر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق