أخبارملفات و قضايا

وزير الشؤون العامة والحكامة والتلويح بإلغاء الدعم عن ما بقي من المواد الاستهلاكية الأساسية

LAHS

ربما لا حاجة إلى إلغاء الدعم إذا تم ضبط وتقنين استهلاك الشركات والضيعات والمخابز من السكر والزيوت والغاز عبر سياسة الحكامة المفترى عنها، ويبدو أن وزير الشؤون العامة والحكامة المتحمس إلى إلغاء الدعم عن الزيوت والسكر والغاز والدقيق، كما فعلت حكومة حزبه السابقة، لا يدرك عواقب التلويح بهذا الإلغاء على السلم الاجتماعي، في الوقت الذي يمكن الاستغناء عن إلغاء الدعم بضبط وتقنين استهلاك الشركات والمخابز والضيعات عن هذه المواد، فمجموع ما تستهلكه هذه الأطراف هو الذي يتحكم في قلتها في السوق، وفي ارتفاع الأسعار، لأن استهلاك المغاربة لم يرتفع بالمعدل الذي يقتضي تحرير أسعارها، ويمكن لوزير الشؤون العامة والحكامة الاقتراب من هذه الحقائق العارية، بدل التلويح للبرلمانيين والرأي العام بأنه لا مفر من تحرير أسعارها مستقبلا.

إنكم ياوزير الشؤون العامة والحكامة، بدفاعكم المستميت عن مصالح من يقفون وراء الخصاص في السكر والزيوت والغاز و ربط هذا الخصاص الذي يفرض إلغاء الدعم وتحرير أسعار هذه المواد، إنما تؤكدون للمغاربة وللبرلمان فشلكم في تدبير الحكامة التي يجب أن يكون عليها استهلاك هذه المواد الأساسية في حياة المواطنين .. وبالتالي، عدم القدرة على حماية القوة الشرائية لعموم المواطنين، الذين يشكل الفقراء معظمهم .. وبالتالي، افتقاركم حتى للالتزام بما جاء في برنامج حزبكم الانتخابي، واستمراركم في تطبيق سياسة من كانوا على رأس الوزارة من قبل .. الذين حرروا المحروقات، التي انطلق بمفعولها مسلسل تحرير الأسعار، وفرضوا قانون المقايسة على المغاربة بدون الحوار معهم حول هذا القانون الذي يتطلب القوة الشرائية التي تتلاءم وتغيراته إيجابا وسلبا.

إن معدل الاستهلاك الفردي العائلي من السكر والزيوت والغاز لا يزال متواضعا في الوطن، بالنظر إلى ارتفاع استهلاك المغاربة للسكر والزيوت والدقيق والخضر، نتيجة انعدام القوة الشرائية المساعدة، لا يعني بالضرورة أن هذا الارتفاع قد قلص الكميات المتاحة للاستهلاك، وهذا غير صحيح، لأن ارتفاع هذا الاستهلاك يأتي من ما تستغله الشركات الكبرى في صناعة المشروبات الغازية والصناعات التحويلية الغذائية، يضاف إلى ذلك استهلاك الغاز من قبل الضيعات الفلاحية الخاصة بتربية الدواجن والمواشي في ضواحي الأسواق الاستهلاكية بالمدن الكبرى، التي ارتفع اعتمادها على قنينات الغاز المخصص للاستهلاك المنزلي.

ليس إذن الاستهلاك المعيشي للعائلة المغربية هو مصدر الأزمة في تموين الأسواق، أو ندرة المنتوجات التي تكفي للاستهلاك اليومي لعموم المواطنين، الذي يتخوف منه وزير الشؤون العامة والحكامة الذي يدافع عن مصالح الشركات والأطراف المستفيدة من الدعم الذي يريد إلغاؤه، مما يعني بأن الأزمة لا تعود إلى طبيعة النظام المجتمعي الاستهلاكي السائد لدى القاعدة العريضة في مجتمعنا المغربي، ويمكن لوزير الشؤون العامة والحكامة الوقوف على هذه الخلاصة من نمط عيش الأسرة المغربية، سواء في الوسط القروي أو الحضري .. وخصوصا، لدى محدودي الدخل والعاطلين والمحرومين من أي دعم ضد الهشاشة والفقر، في مقابل ما تستهلكه الشركات والمخابز والضيعات من هذه المواد التي يهدد بإلغاء الدعم عنها .. فهذه الفئة العريضة لا زالت دون المعدل العالمي للاستهلاك الذي يجب أن تكون عليه ليس من هذه المواد، بل من كل المواد الاستهلاكية الأساسية الأخرى .. ويكفي أن تعرف ياوزيرنا وغيرك من الوزراء أن السعرات الحرارية التي يحتاج إليها الجسم البشري لا زالت في مجتنعنا دون الحد الأدنى، فبالأحرى أن تكون بالمستوى الذي يجب أن تكون عليه في نظامنا الغذائي الفقير أصلا.

ما يمكن أن نضبط به هذا النقاش الذي فتحته مع البرلمانيين هو أنكم أعلنتم ياوزير الشؤون العامة والحكامة مبكرا عن عدم قدرتكم على التفكير في الحلول التي يمكن أن تساهم في رفع القوة الشرائية التي تساعد على الاستهلاك المطلوب من المواد الأساسية بالنسبة لعموم المواطين .. وخصوصا، الذين يعانون أصلا من الفقر والهشاشة الذي يقترب أو يفوق 40 %، من سكان المغرب، وأن مرافعاتكم الحالية عن ضرورة إلغاء الدعم تصب في خندق أعداء توفير الرفاهية والاكنفاء الذاتي للمواطنين في الاقتصاد الحر الذي لاتوفرون شروط استنباته وتكريسه في الوطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق