أخبارمنبر حر

ماذا ينقصنا لنكون أسوياء ..؟!

عبد الرحمان المجدوبي

كالزبد علعبد الرحمان المجدوبيى بساط الموج نتحرك ونذهب، كالرمال في مهب الريح نجول حيث لا نرغب، كالقاصر يحتاج من يرعاه ويسدد خطاه ويلهمه المنهج المخرج، كطفل يجِدُّ في عمله المدرسي العام كله في الحر والقر دون أن يتعب، وفي آخر السنة يزين صدره بوشاح الصفر وجائزة الأرنب كالعبيد لا صوت لنا ولا أثر، كالرحل لا منازل لنا ولا مستقر، كبائعات الهوى يقضين كل ليلة بين يدي من باع هواه رخيصا بلا ثمن، كالمتشرد يبحث في القمامة عن الحل، كأطفال الشوارع ليس لهم من معيل، غير خرجة سنوية تضامنية لأشباح رفعوا الشعارات وخاطبوا أنفسهم: حرام حرام، فلا بد من بديل.

نحن الأقوياء بمالنا وثروتنا المادية والبشرية، نصدر الطماطم والسردين، ونستورد التكنولوجيا الفائقة الدقة، نصدر الخطابة ونستورد المناهج التربوية، نرسم صورة جميلة عن الوطن، يتخلل تفاصيلها جامع الفنا بالدقة المراكشية والمنارة والطنجية، فإذا بالوطن يطلب ويمد يده لمن يتبرع بقفة أو يبني مدرسة أو يشيد مسلكا لفك العزلة، جربنا كل المناهج والأيديولوجيات المستوردة حتى صار الوطن مختبرا تناقش فيه قضية الطفل، وقضية المرأة، ودور العلمانية في التحرر، وحاجة الثورة للاشتراكية، والسوق للبرالية، والنص لإعادة القراءة وفق منهجيات حديثة تنزع عنه القداسة، ناقشنا المحتوى والأهداف والكفاية، وتطرقنا لقضية صندوق المقاصة، وعرجنا على التشاركية والحكامة، وخطة الراميد ودعم الأسر المعوزة.

يقول العلماني من أبناء جلدتنا: عَلمانيتي ليست ضد الدين، ولكنها ضد الدكتاتورية الدينية، وضد انهماك رجال الدين في السياسة، وضد اختباء السياسيين وراء الدين .وليست ضد الحرية، ولكنها ضد الطغيان السياسي والاجتماعي والثقافي، وليست ضد التعددية الدينية، ولكنها ضد الطرح الأيديولوجي الأوحد، وليست ضد المساواة، ولكنها ضد الطائفية .. وليست ضد التقاليد والعادات، ولكنها ضد ما يؤخر التقدم، ويجرّنا إلى الخلف، بدل تقدمنا إلى الأمام.

ويقول الاشتراكي منا: لماذا أنا اشتراكي ..؟ لأنني أحب العدل والإخاء والحرية، لأنني لأشعر إن عدلت مع غيري فكأنني عدلت مع نفسي، وإن ظلمت غيري ظلمت نفسي لأنني أنزع إلى التوافق مع الجميع والانسجام الشامل .. ويقول الليبرالي من إخوتنا: وبعد بحث واستقصاء لسنوات تأكد لي بما لا يدع مجالا للشك أن الحل في الليبرالية، فلا نهضة ولا حضارة ولا تقدم بلا حرية.

ويشخص بعضنا الداء على مقاسه -دون اعتماد أي منهج علمي- فيرى أن سبب تخلفنا وكل مشاكلنا كامنة في تنشئة أبنائنا على الخوف والفزع مما أحسبه هويتنا وحصصننا قائلا:

إن مادة “التربية الإسلامية” تملأ التلميذ بالخوف، والوَعيد، ويوم العِقاب، والحساب، والسَّعِير، بدل أن تجعلَه يصل للمعنى الدِّيني بنفسه، وفق منهاج مدروس من طرف فقهاء ومختصين في الديانات المقارنة، والفلسفة والفكر الإسلامي، ودراسة التراث، وعلوم الاجتماع والتربية وغيرها.

ها هي الحلول متعددة وجاهزة، والأفكار ناضجة، والرؤى تعلن الحرية والعدالة والوحدة والطمأنينة هدفا لها، لكن ماذا ينقصنا والحال على ما هو عليه ..؟ لماذا لم تثمر كل هذه التوجهات وقد أعطي لها من الإمكانيات والفرص الكثير، خصوصا من الوجهة السياسية ..؟ لماذا لم نحقق ما نصبوا إليه ونتمنى ..؟ وأين الخلل يا ترى ..؟

إنني لأعتقد أنه قد مست الحاجة ضرورية إلى ما هو أهم مما تداولناه، أهم من الوسيلة التي تخدم نفسها ولا تتعداها إلى غيرها، نحن في حاجة ماسة:

-لإعادة قراءة التاريخ لاكتشاف أسباب الانحطاط والتخلف، واستثمار النتائج للخروج من النفق.

-معادلة التوازن الروحي والمادي في تكوين الإنسان لتحقيق الفاعلية المطلوبة.

-الوعي بالقوانين والمفاهيم وآليات التغيير وأنماط التبادل.

-إعادة التوازن بين الحقوق والواجبات، وتفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة.

-خطة تربوية مدروسة تشرك المعنيين وتعتمد على تشخيص الهفوات، وتستثمر في العنصر البشري.

-ترتيب الأولويات مع احترام الهوية وتقوية المناعة الثقافية في كل مشروع يزمع تنفيذه.

-إعادة الاعتبار للاستثمار الاجتماعي، بدل التركيز فقط على الاستثمار النقدي.

-صناعة فكرية تعلمنا كيفية انتخاب المعلومات المناسبة، ثم بعد ذلك يتم التأليف بين المعلومات المنتخبة للوصول إلى النتائج، “إذ يجب أن نفهم ما حولنا فهما صحيحا فنعرف المصادر الحقيقة للأفكار التي تحكم هذا المحيط ونعرف معانيها مدفوعين بالطاقة-العقيدة- التي ترعى مكاسب الإعمار معتمدين معادلة التوازن الروحي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق